شيطان قبيلة ( سحيان )
كانت تقيم في غرب الجزيرة مملكة تدعى بمملكة ( ذيدان ) تأسست على سوا سواعد أفراد قبيلة ( سحيان ) كانت هذه المملكة من أكبر المالك في غرب الجزيرة وأكثرها تقدما وحضارة وكانت جميع القبائل والمالك المجاورة لها تفخر بالتعامل معها والانتساب إليها . دخل شاب غريب على مجلس أحد أعيان تلك المملكة وكان المجلس مكتظا بالتجار والشيوخ من القبيلة وطلب منه يد ابنته ( نورة ) للزواج فتعجب الرجل من طلب ذلك الشاب الذي أتى وحده دون أهله أو قبيلته
فسأله وقال : من أنت يا فتى وما هو نسبك ؟
( الشاب ) : أنا أطلبها لنفسي وليس لأهلي .. ضحك من كان في المجلس بمن فيهم والد الفتاة
وقال : ألا تعرف عاداتنا وتقاليدنا أيها الشاب .. يجب أن أعرف من أنت وإلى من تنتسب
( الشاب ) : أنا كما أنا وأهلي كما هم ومهرها وإن كان بحرا فسأسكبه بين يديك .. ضحك من كانوا في المجلس مرة أخرى عدا والد الفتاة الذي تجهم
وقال للشاب : ابنتي ليست سلعة للبيع كي تغريني بالمال أيها اللقيط !!
حاول بعض أحدهم وقال له : ما بك يا أبا ( نورة ) ؟ من الواضح أن هذا الفتى مجنون فدعنا نتسل به قليلا ولا تنفعل .. عجزه بمهر لا يقوى عليه وتنتهي المشكلة .. لا تنزل من قدرك أمام شيوخ العشيرة .
سكت والد الفتاة قليلا ثم قال : حسنا أيها الشاب .. هل تعرف حدود مملكتنا .. ؟
( الشاب ) : نعم
( الرجل ) : على حدودها جنوبا هناك من يقطع الطريق على قوافلنا التجارية الذاهبة لـ ( حضرموت )
( الشاب ) : نعم .. ( خناد بن معين ) قاطع الطريق في بلاد الجنوب ويملك من الأعوان ما يقارب الخمسمائة رجل
ابتسم ( الرجل ) وقال : نعم هو بعينه .. أريد رأسه ارتفعت الضحكات في المجلس بقوة بمن فيهم والد الفتاة لدرجة أن بعضهم سقط على الأرض من الضحك
والشاب يراقبهم بكل برود ثم قال : رأسه فقط أم مع بقية أعوانه .. ؟
ازداد الضحك في المجلس لدرجة كبيرة وبدأ البعض يتيقن أن هذا ( الشاب ) مجنون وقرروا التسلي به .. ( الرجل ) وهو يمسح دموعه من الضحك لا فقط رأس ( خناد ) سيكون كافيا ..
( الشاب ) : وستكون ( نورة ) لي ؟ ( الرجل ) وسط ضحك أفراد المجلس
نعم أيها الشاب سأوافق عندها على الزواج .. خرج الشاب من المجلس وتدريجيا خف الضحك الذي ساد المكان في حضوره ودنا أحد شيوخ المجلس من والد ( نورة ) وقال وهو يضحك بخفة : ماذا فعلت بهذا الشاب المسكين سوف يلقى حتفه بالتأكيد ؟
( والد نورة ) : وهل صدقت أنه سيحضر رأس ( خناد ) لنا ؟ لقد قلت له ذلك فقط ليرحل ونرتاح من إزعاجه وقبل أن يكمل والد ( نورة ) جملته تدحرج وسط المجلس رأس يقطر دما وبعد ثوان دخل الشاب على أفراد المجلس وجلس أمام والد ( نورة )
وقال : هذا هو رأس ( خناد بن معين ) .. صرخ بعض أفراد المجلس هلعا لكن كبارهم تجهموا ساكتين ينتظرون رد والد ( نورة ) على الشاب الذي كان ينظر ببرود لوالد ( نورة ) المفزوع . سكت الحضور فترة وجيزة حتى نطق أحدهم وقال : هذا ليس ( خناد ) !! .. فهو يقيم في الجنوب على مسيرة أسابيع من هنا فكيف استطعت قتله ؟!
( الشاب ) : أعرف أنه يقيم في الجنوب فقد وجدته هناك وأحضرت رأسه كما كان الاتفاق خرج والد ( نورة ) من صمته وقال : هل أنت مجنون يا فتى .. من هذا المسكين الذي قتلته ؟! ( خناد ) بعيد عن أرضنا ولا يمكنك أن تصل إليه خلال دقائق !
( الشاب ) بغضب : ما هو الإثبات الذي تريده أن هذا الرأس بين أقدامك هو رأس ( خناد بن معين ) ؟
سكت الجميع ولم يجب أحد حتى نطق كهل كبير يجلس في آخر المجلس وقال : الشاب يقول الحقيقة .. هذا هو ( خناد بن معين ) فأنا أعرف شكله جيدا .. ( نورة ) أصبحت لك ويمكنك الرحيل الآن والعودة غدا والاتفاق مع والدها على أمور الزفاف وقف الشاب مبتسما وقال : شكرا أيها الشيخ .. سأعود في الغد خرج الشاب وسط ذهول الحاضرين من كلام الشيخ الكبير والذي من کبار شيوخ القبيلة ولم يستطع أحد معارضة كلامه حتى كان تحدث والد ( نورة ) وقال : کیف توافق يا شيخ على هذا الغريب ؟ ( الشيخ ) : لقد لعبت لعبة خطرة وسوف تدفع ثمنها يا أبا ( نورة ) ( والد نورة ) : ماذا ؟ .. أي لعبة ؟ ( الشيخ ) : هذا الشاب ليس ببشر .. تعجب الحضور من كلام الشيخ وزاد التوتر على وجه أبي ( نورة ) وقال : كيف ليس ببشر .. ماذا يكون إذا ؟!
( الشيخ ) : شيطانا .. وقد عقدت للتو • أن تبرم أنت جانبك . ، اتفاقا أبرم هو جانبه وبقي ( والد نورة ) : مستحيل !! .. ما هذا الكلام الفارغ !! ( الشيخ ) : نفذ - ) : نفذ طلبه وسلمه ابنتك حسب اتفاقكما وإلا فستدفع القبيلة بأسرها ثمن غبائك ( والد نورة ) : سأكون غبيا لو سلمت ابنتي لهذا المجنون فليأت غدا وسوف أفصل رأسه عن جسده أمامكم !! هتف من كانوا حاضرين في المجلس تأييدا لوالد ( نورة ) فيما عدا قلة كانت مع رأي الشيخ الكبير . هم الشيخ الكبير بالرحيل بعد كلام أبي ( نورة ) وقبل رحيله قال : « هذا الشاب ليس بمجنون فالعقل يقاس بنبرة الأصوات وأنا لم أر شخصا يصرخ في هذا المجلس اليوم مثلك .. » قال الشيخ هذه العبارة ورحل مع مجموعة من الذين كانوا برفقته تاركين أهل المجلس في صمت وذهول . عاد الشاب في اليوم التالي للمجلس الذي اكتظ بالناس بعد ساعهم ما حدث بالأمس وعلمهم بتوعد والد ( نورة ) بقتله لو أصر على طلبه . حضر الجميع فيها عدا الشيخ الذي نصح والد ( نورة ) بالالتزام
بوعده وعدم المراوغة مع هذا الشاب المجهول . تقدم الشاب لوسط المجلس وجلس أمام والد ( نورة ) وقال : أنا هنا حسب اتفاقنا وأريد مباركتك على زواجي من ( نورة ) صرخ والد ( نورة ) وقال : ليس بيننا اتفاق واخرج من هنا قبل أن أقتلك يا مجنون !! أخرج الشاب بكل هدوء خاتما بفص أصفر ووضعه أمام والد ( نورة ) وقال : سيموت شخص كل يوم من قبيلتكم حتى تلبس ( نورة ) هذا الخاتم ضحك بعض الحضور لكن أغلبهم اعتراه الخوف من ضمنهم والد ( نورة ) الذي قال : اخرج من هنا ولا تعد !! خرج الشاب من مجلس والد ( نورة ) وسط استهجان الحضور وبعد قليل تقدم شخص لأخذ الخاتم فقال له والد ( نورة ) : ماذا تفعل ؟! ( الرجل ) : هل تريد الخاتم ؟ ( والد نورة ) : وماذا أريد به خذه إذا شئت
تحقق كلام الشاب ووجد أفراد قبيلة ( سحيان ) أحد كبار شيوخهم مقتولا في منزله في اليوم التالي فهاج الناس وأخذوا يرددون أن هذا بفعل ( عاشق نورة ) وحاول البعض إقناعهم بأن الأمر مجرد مصادفة لكن محاولاتهم ذهبت سدى عندما قتل شيخ آخر بصورة أبشع في اليوم الذي تلاه . استمر شيوخ القبيلة بالموت بصورة بشعة ومات سبعة منهم على مدى سبعة عة أيام - حتى اجتمع من تبقى منهم ودخلوا على والد ( نورة وقالوا له : ابنتك يجب أن تلبس ذلك الخاتم لقد مات أبرز شيوخ قبيلتنا بسببها !! ( والد نورة ) : ابنتي لم تفعل شيئا !! لم يستمع شيوخ القبيلة لوالد ( نورة ) وأمهلوه ساعتين فقط للاستجابة وإلا قتلوه وأجبروا ابنته على لبس الخاتم فوافق والدها مكرها بسبب ضغط القبيلة . توجه والد ( نورة ) للرجل الذي أخذ الخاتم وطلبه منه فرفض الرجل إعطاءه الخاتم وقال : الخاتم ملكي وأنت تنازلت عنه أمام الجميع ! ( والد نورة ) : هل أنت مجنون ؟! .. القبيلة تواجه خطرا كبيرا بسبب هذا الخاتم وأنا سأضحي بابنتي لأجل القبيلة وأنت تفكر بأطاعك فقط ؟ ! ( الرجل ) : لا علاقة لي بهذا الأمر والخاتم سيبقى معي !
( والد نورة ) : لن يسمح لك شيوخ القبيلة بالاحتفاظ به عندما أخبرهم ! ( الرجل ) : افعل ما تشاء الخاتم ملكي وأنا لم أسرقه منك ! توجه ( والد نورة ) لشيوخ القبيلة وشرح لهم الوضع فأخبروه بأن الرجل محق والخاتم من حقه ولا يمكنهم انتزاعه منه لذا يجب عليه تسوية المسألة معه قبل انقضاء المهلة التي أمهلوها له . جن جنون والد ( نورة ) وعاد لمن أخذ الخاتم منه وصرخ فيه بأن يعطيه الخاتم فقال الرجل : لن أعطيك الخاتم إلا بحقه ! ( والد نورة ) : وما هو حقه أيها الجشع ؟! ( الرجل ) : كل مالك وحلالك صرخ ( والد نورة ) في الرجل وقال هل جننت ؟ !! .. مستحيل !! ( الرجل ) : اخرج من داري إذا ! خرج ( والد نورة ) من منزل الرجل غاضبا وهو يسب ويلعن لكنه لم يبتعد كثيرا عن منزله حتى تذكر تهديد شيوخ القبيلة له فعاد ذليلا ووافق على طلب الرجل وأخذ الخاتم • معه وعاد به لمنزله الذي لم يعد
منزله . دخل على ابنته وحزن الدنيا على رأسه وقال : سامحيني يا ابنتي لكن لا خيار أمامي .. قبلت ( نورة ) رأس أبيها وقالت له : أنا فداء لك يا أبي ولا تقلق علي .. أخذت ( نورة ) الخاتم الأصفر من يد أبيها ولبسته وخلال ثوان غطت في نوم عميق . بقي الرجل بجانب ابنته حتى غلبه النعاس وعندما استيقظ لم يجدها في فراشها وبدأ بالبكاء بحرقة . قرر الرجل ترك القبيلة والهجرة غربا للحجاز لأنه لم يكن قادرا على البقاء بين أفراد قبيلته بعد ما حدث بسببه . خرج والد ( نورة ) ماشيا على قدميه نحو « الحجاز » فهو لم يعد يملك حتى دابة يركبها لأنه لم يستطع البقاء بين عشيرته وتحمل نظراتهم الثاقبة له لذلك فضل المخاطرة بالموت في الطريق نحو الحجاز على أن يبقى بينهم ذليلا ومهانا . بعد مسيرة يوم حدث ما كان متوقعا وبدأت تخور قوى والد ( نورة ) وكانت الشمس تصفعه بحرارتها وقبل فقدانه للوعي بقليل سمع صوت جواد يهرول بسرعة آتيا من خلفه فالتفت مستعينا بها تبقى له من قوة ليرى من كان في أثره . أمعن والد ( نورة ) النظر ليشاهد أحد أبناء عمومته وكان يدعى ( نصال ) ممتطيا جواده المسرع ويشير بيده له بالتوقف . نزل ( نصال ) عن جواده وقال له : ما الذي تفعله ؟!
( والد نورة ) وهو في حالة من التعب الشديد : سوف أذهب للحجاز .. ( نصال ) : هل جننت ؟ .. ستموت قبل أن تصل ! ( والد نورة ) : لا يهم .. وضع ( نصال ) يده على كتف والد ( نورة ) وقال : هيا عد معي .. سحب والد ( نورة ) كتفه بقوة وقال : لن أعود معك للقبيلة !! ( نصال ) : ومن قال إننا سنعود للقبيلة ؟ نظر والد ( نورة ) بتعجب لـ ( نصال ) وقال : إلى أين ستأخذني إذا ؟ ( نصال ) : ألا تريد استعادة ( نورة ) ؟ والد ( نورة ) بحزن : .. ( نورة ) ضاعت للأبد .. ( نصال ) : يمكننا أن نستعيدها لو أتيت معي ركب والد ( نورة ) مع ( نصال ) الذي سار بجواده مسرعا باتجاه ( وادي
وصل الاثنان إلى الوادي وبدأ ( نصال ) يهدئ من سرعة جواده فسأله والد ( نورة ) : لماذا أتينا إلى هنا ؟ ( نصال ) : الشخص الوحيد الذي يمكنه تخليص ( نورة ) من ذلك الشيطان يسكن هذا الوادي . ( والد نورة ) : من هذا الشخص يا ( نصال ) ؟ ( نصال ) : ساحر معروف في الوادي وقد أرشدني له أحد شيوخ القبيلة ( والد نورة ) : ساحر .. ؟ ( نصال ) : نعم ساحر ( والد نورة ) : لا أريد أن أتعامل مع السحرة ( نصال ) : سنسأله فقط فقد يدلنا على طريقة للتعامل مع ذلك الشيطان ( والد نورة ) : ... لم يكن الوادي مأهولا بالكثير من الناس لذلك وجد ( نصال ) صعوبة في تحديد مكان الساحر المنشود ولكن بعد عناء من السؤال والبحث استطاع تحديد مكانه والذهاب إليه . كان الساحر يقيم في أسفل الوادي في خيمة متهالكة وعندما دخل عليه ( نصال ) تجهم وطلب منه الرحيل لكن ( نصال ) تحدث معه رغما عنه وأقنعه بمساعدتها .
لم يطلب الساحر أي مال کا توقع ( نصال ) لكنه طلب الحصول على الخاتم الأصفر بعد ما يستعيدان ابنتها ( نورة ) فوافق ( نصال ) على طلب الساحر بالرغم من تردد والدها . شرح الساحر لها أن الشيطان الذي أخذ ( نورة ) شيطان عاشق ولم يكن ليستطيع مسها لولا اتفاق أبيها معه ولو من باب المزاح لذلك فاستعادتها منه ستكون مهمة شاقة وقد لا تتكلل بالنجاح لأن ربط الشيطان هو المخرج الوحيد من هذه الأزمة .. فقال ( نصال ) : وما الذي يمنعك من ربطه ؟ .. اربطه الآن ! ( الساحر ) : أنا لا أعرف شيئا عنه ثم إني لو ربطته فسوف تحبس ابنتكا وإلى الأبد في المكان الذي أخذها إليه ( والد نورة ) : وما الحل إذا ؟ ( الساحر ) : نحدد مكانها وبالتالي نحدد مكانه ( نصال ) : وكيف نحدد مكانها ؟ ( الساحر ) : أحتاج أثرا من الفتاة ( نصال ) موجها كلامه لوالد ( نورة ) : هل تملك أثرا لها ؟ ( والد نورة ) : ومن أين لي بهذا الأثر لقد خرجت بلباسي فقط ؟ ( نصال ) : أين ملابسها ؟
( والد نورة ) : تركتها في المنزل لكن قد لا نجدها لأن ذلك الجشع أخذ كل ما أملك وقد يكون تخلص منها أو باعها ( نصال ) : يجب أن نعود للقبيلة فقد نلحق أثرا لها ( والد نورة ) : أنا متعب ولا أقوى على السفر ( الساحر ) : اذهب أنت واتركه معي ( نصال ) وهو يركب جواده : لن أتأخر انطلق ( نصال ) بسرعة متوجها لمضارب قبيلة ( سحيان ) ليحضر أثرا لـ ( نورة ) تاركا خلفه والدها المتعب في رعاية ساحر الوادي . حل الليل وأشعل الساحر نارا وجلس أمامها فدنا منه والد ( نورة ) ودار بينها هذا الحوار : ( والد نورة ) : هل ستستطيع معرفة مكان ابنتي بهذا الأثر الذي طلبته ؟ ( الساحر ) : ربا ( والد نورة ) : ماذا تعني بربا ؟! ( الساحر ) : لا ي يوجد شيء أكيد لكنني سأحاول .. لماذا وهبتها لذلك الشيطان ؟ ( والد نورة ) : أنا لم أهبها له
( الساحر ) : لا يمكن للشيطان العاشق أخذ معشوقته إلا إذا وهبت نفسها له أو وهبها وليها ( والد نورة ) وهو يضع يده على رأسه بحسرة : كل ذلك حدث بسبب غبائي ( الساحر ) : ... ( والد نورة ) : كان يجب أن لا أتحدى ذلك الشيطان .. لكنني لم أعرف أنه كان شيطانا .. كيف لي أن أعرف ؟! ( الساحر ) : هل تقصد أنه لم يخبرك بأنه شيطان ؟ ( والد نورة ) : .. لا ( الساحر ) : قد يكون هناك أمل في استعادة ابنتك ( والد نورة ) وهو يبتسم ويمسح دموعه : .. كيف ؟! ( الساحر ) : لقد خالف هذا الشيطان قانون الشياطين عندما لم يعرف بنفسه على أنه شيطان ويحق لنا بذلك الاستعانة بأسيادهم للعثور عليه . ( والد نورة ) : لا أفهم شيئا مما تقول ولكن افعل ما يجب فعله لاستعادتها ! بدأ الساحر بقراءة بعض الطلاسم والتمتمة بصوت خافت تلتها
حركات غريبة بيديه في الهواء . كل هذا كان يحدث أمام والد ( نورة ) الذي أصابه الرعب مما شاهد . بعدها توقف الساحر عن تمتماته وقال : سيأتون بعد قليل .. ( والد نورة ) بتعجب : من الذي سيأتي ؟ ( الساحر ) : هم .. ( والد نورة ) : .. من هم ؟ وقبل أن يرد الساحر ظهرت ثلاث نساء متشحات بالسواد وجلسن أمام النار مما دفع والد ( نورة ) للوقوف مرعوبا أمامهن فقال الساحر : اجلس ولا تخف .. جلس والد ( نورة ) وعينه لم تفارق هؤلاء النسوة فحكي لهن الساحر حكاية ( نورة ) وما قام به عاشقها فردت واحدة منهن وقالت : ومن قال لك إنه لم يعرف بنفسه ؟ ( والد نورة ) : لم يعرف بنفسه ! والقبيلة كلها شاهدة على ذلك ! ( المرأة الأولى ) : لم يعرف بنفسه لك لكنه عرف بنفسه لها ( والد نورة ) : ماذا ؟ .. كيف عرف بنفسه لها وهو لم يقابلها من الأساس ؟
( المرأة الثانية ) : ومن قال لك إنه لم يقابلها ؟ ( والد نورة ) : عن ماذا تتحدثين ؟ ( المرأة الثالثة ) : ابننا كان يلتقي بابنتك كل ليلة قبل أن يتقدم لها وهو على علاقة بها منذ أكثر من عام ( والد نورة ) بغضب وصوت مرتفع : أنت كاذبة !! وضع الساحر يده على صدر والد ( نورة ) وقال بهدوء يخالطه التوتر : لا تتهور وتنس نفسك فقد تفقد حياتك في لمح البصر .. ( المرأة الثانية ) : لقد تقدم ابننا لك وطلب يدها لأن ابنتك طلبت منه ذلك فقط ( والد نورة ) بانبهار : لا أصدق .. ( المرأة الأولى ) : هل تريد أن تسمع منها كي تصدق ؟ ( والد نورة ) : نعم ! .. أريد أن أسمع منها هذا الكلام ! ( المرأة الثالثة ) : سنرحل الآن وستكون ابنتك معك لفترة وجيزة لتتحدث معك ثم ستعود إلينا ولا تحاول التواصل معنا أو معها مرة أخرى ( الساحر ) بتوتر : لا تقلقن لن نفعل ..
حل النساء الثلاث وبمجرد اختفائهن انقض الساحر على والد نورة ) وأمسك عنقه وقال بغضب : لم لم تخبرني بأنها كانت موافقة على الذهاب معه !! لقد كان من الممكن أن نفقد حياتنا بسبب غبائك !! ( والد نورة ) بذهول : وكيف لي أن أعرف بأنها تعاشره طيلة هذه المدة .. ؟ ترك الساحر عنق والد ( نورة ) وقال له بغضب : اشكر الرب على أنهم سيمكنونك من رؤيتها لمرة أخيرة ! تقبل فكرة أنك لن تراها مرة أخرى وانس الموضوع بعدها ! ( والد نورة ) : ... ( الساحر ) : سأدخل لأنام لتتحدث مع ابنتك وحدك ! دخل الساحر خيمته وترك والد ( نورة ) في انتظارها .. بعد دقائق ظهرت ( نورة ) واندفعت لعناق أبيها الذي لم يبادلها عناقها ولم يتحدث معها فقالت : سامحني يا أبي لكنني سعيدة معه وأحبه ولا أريد أن أعيش بدونه .. ( والد نورة ) : ...
( نورة ) : لقد وعدني بالسماح لي بزيارتك وقتها أشاء .. ( والد نورة ) : ... ( نورة ) : لقد عاتبته على ما قام به من قتل لشيوخ القبيلة لكنه قال إنك أنت من استفززته .. ( والد نورة ) : ... ( نورة ) : لماذا لا ترد علي يا أبي ؟ نظر والد ( نورة ) لها بحزن وأمسك برقبتها وأحكم على أنفاسها حتى فارقت الحياة .. في الصباح خرج الساحر من خيمته ليجد جثة ( نورة ) ملقاة أمام رماد النار التي أشعلها بالأمس وجثة أبيها بلا رأس بجانبها . فجع الساحر من المنظر وخلال صدمته وصل ( نصال ) ومعه الأثر الذي ذهب لإحضاره وما أن رأى المنظر حتى نزل عن جواده وبدأ بضرب الساحر وهو يقول : ماذا فعلت أيها المشعوذ اللعين !! فصرخ الساحر وقال : أنا لم أفعل شيئا !! ( نصال ) : ما الذي حدث هنا ؟ !!
( الساحر ) : يبدو أن صاحبك قد حكم على قبيلتكم بالهلاك .. ( نصال ) : ماذا تعني ؟ ( الساحر ) : انج بنفسك ولا تعد لديارك فهذا الشيطان العاشق سيشرب من دمائكم ولن يرتوي أبدا ركب ( نصال ) جواده وعاد مسرعا للقبيلة ليحذرهم .. قرر الساحر الرحيل عن الوادي وقبل رحيله حفر حفرة ليدفن بها جثة ( نورة ) ووالدها فلاحظ الخاتم ذا الفص الأصفر الذي كان بيدها فأخذه وقال : « سيموت الكثير بسبب من لبستك أيها الخاتم الجميل .. » ( دعجاء ) : يقال بعدها إن ( عاشق نورة ) ارتكب مجازر بين صفوف قبيلة ( سحيان ) ولم يتوقف إلا بعد ما انتقلت القبيلة بأسرها وتفرقت بين الحجاز والجنوب