Part 4

382 12 2
                                    


تجنيد عاشق في خور روري
استمرت ( هنان ) بالمسير في عتمة الممر وهي ممسكة بحجرها المضيء تحاول تفقد المكان وبعد مسيرة ليست باليسيرة في ذلك النفق ... بدأت تسمع صوت بكاء عن بعد ... توقفت ( هنان ) للحظات عندما سمعت البكاء ، لكنها عاودت السير باتجاه مصدر البكاء والذي كان يزداد قوة ، ووضوحاً خلال سيرها ، ويتخلله بعض الكلام غير الواضح وصلت ( هنان ) إلى نهاية النفق لترى منظراً مخيفاً .. رأت أمامها جبلا كبيرا من العظام والجاجم ، وكان البكاء يأتي من قمته ، لم تستطع ( هنان ) رؤية القمة برفعها للحجر المضيء ، لأن الجبل كان كبيرا وشاهق الارتفاع ، فقررت الصعود عليه ، والتوجه نحو مصدر الصوت . صعدت ( هنان ) على جبل الجاجم ، وبسبب ثقل جلد ( شيذم ) كان تحركها بطيئاً ومتعباً ، لكنها تحاملت على نفسها وأكملت الصعود ... وصلت القمة بعد عناء وأصبح صوت البكاء واضحا وقريبا منها ... كان سطح الجبل مسطحا نوعاً ما لكنه لم يكن كبيرا ... رفعت ( هنان ) الحجر المضيء لتفقد السطح لترى ظهر رجل يبكي وهو جالس ، ويتحدث بكلام غير مفهوم أحيانا ... فعرفت أنه هو مصدر البكاء الذي كانت تسمعه ... فكرت ( هنان ) قليلا قبل الاقتراب من الرجل الباكي ، بعدها تقدمت نحوه وتمركزت خلفه ببضع خطوات
وقالت بتوتر هل أنت ( عاشق نورة ) ؟
لم تنه سؤالها حتى قفز ذلك الرجل عليها ونزع جلد ( شيذم ) من على ظهرها ورماه أسفل جبل الجماجم ، وصفعها صفعة أطاحت بها أرضا وأسقطت الحجر المضيء من يدها ليستقر بجانبها على بعد أقدام منها ... بدأت ( هنان ) بالزحف بأنف ينزف نحو الحجر ، لكنها سمعت زئيرا يأتي من خلفها يتبعه انقضاض لشيء ثقيل على ظهرها ، ثبتها على الأرض وبدأ يتنفس بثقل عند عنقها ويقول : من يجرؤ على تعكير صفو خلوتي ؟
( هنان ) بخوف شديد وتوتر خانق : رسول يحمل إليك أمانة ..
( صاحب الصوت ) وهو جات على ظهر ( هنان ) : سلم أمانتك قبل أن أنتزع قلبك النابض .
مدت ( هنان ) يدها في جيبها وأخرجت الخاتم ذا الفص الأصفر ، ورفعته فوق رأسها وهي تتألم بشدة من ضغط ذلك الشيء المطبق عليها ... خف الضغط وأحست بالخاتم وهو يلتقط من راحة يدها بيد ذات مخالب كبيرة تبعها بكاء يخالطه بعض النحيب ... ابتعد ذلك الشيء عن ( هنان ) وعاد إلى مكانه السابق وهو يبكي ، فبدأت تزحف اتجاه الحجر المنير ، حتى قبضت عليه بيدها وفقدت وعيها . استيقظت ( هنان ) بعد مدة على قمة جبل الجاجم ، ولم تجد الرجل الباكي فنهضت وبدأت تتفحص المكان بالحجر المضيء ، حتى وقعت عيناها على هيكل عظمي مستلق على بعد يسير منها ... كان الهيكل فيما يبدو لأمرأة ، لأن لباسها وشعرها الطويل كان يوحي بذلك ...
. صوت زمجرة يأتي من الظلام .. ( هنان ) وهي تتحدث للعتمة : أتيت للمقايضة
( الصوت ) : مقايضة ماذا بهاذا ؟ اقتربت
( هنان ) منها بحذر وبدأت بتفحصها بالحجر المضيء ، لتجد أن الخاتم الاصفر قد وضع على أحد أصابعها ، وقبل أن ترفع ( هنان ) نظرها سمعت صوتا يأتي من خلفها يقول : من أنت ولماذا أتيت لتموتي هنا ؟
( هنان ) وهي تقف وترفع الحجر المضيء نحو مصدر الصوت : أنا ( هنان ) ولم آت هنا لأموت .
( الصوت ) : لا أحد يدخل كهف العشاق ويخرج حيا .
هنان ) : ( أبو كاسب ) خرج حيا من هذا المكان
( هنان ) : الخاتم مقابل معاهدتك لي بالولاء .
( الصوت ) وهو يضحك بقوة : لم أضحك منذ مئات السنين !
( هنان ) : ما قولك ؟ ( الصوت ) : لا يمكنك المقايضة بشيء لا تملكينه .
( هنان ) : ما السبيل لولائك ؟
( الصوت ) : انزلي من فوق القمة .
( هنان ) : لماذا ؟
( الصوت ) : كي لا يلطخ دمك المتناثر معشوقتي !
( هنان ) وهي تلتفت نحو الهيكل العظمي خلفها : هل هذه ( نورة ) ؟
( الصوت ) وهو يصرخ : انزلي !
(هنان)هل تألمت لفراقها يا ( عاشق نورة ) ؟
( عاشق نورة ) : ...
( هنان ) وهي تتوجه إلى الهيكل وتجلس بجانبه وتضع الحجر المضيء أمامها : ( هنان ) : وماذا فعلت غير البكاء عليها وعلى حالك ؟
( عاشق نورة ) : جبل العظام الذي تجلسين عليه هو من أفراد قبيلتها الهالكين .
( هنان ) وهي تنظر إلى العظام حولها : وهل حصلت على الراحة ؟
( عاشق نورة ) بحزن : الانتقام كأس لا نشرب منه حتى الارتواء .. بل نشرب منه حد الثمالة ..
( هنان ) : لكن هل وجدت الراحة بعد تلك الثمالة ؟ ( عاشق نورة ) : القلب الخاوي يؤلم صاحبه أكثر من القلب العامر بالكره ... كان يجب أن أملأ ذلك الخواء بشيء ، ولم أجد أفضل من دماء من فرقوا بيني وبين معشوقتي . ( هنان ) : ...
( عاشق نورة ) : ما زال بعض أفراد قبيلة ( سحيان ) على قيد الحياة ، وسوف أجدهم وأبيدهم .

( هنان ) : لماذا كنت تتحدث مع نفسك ؟ ... هل أنت مجنون كما يقال ؟
( عاشق نورة ) : الحديث مع النفس أهون بكثير من الحديث مع من لا يكترث .
( هنان ) : ومتى ستنتهي ؟
( عاشق نورة ) : لم يبق الكثير من نسل قبيلة ( سحيان ) سأنتهي منهم قريبا ،
( هنان ) : وماذا ستفعل بعدها ؟
( عاشق نورة ) : ...
( هنان ) : أنا أيضا فقدت ... وأرغب في الانتقام . ( عاشق نورة ) وصوته بدا أقرب من السابق : وما شأني بفقدك ؟
( هنان ) : عاوني في ثأري ... ولك ما شئت .
(عاشق نورة ) : هل تستطيعين إحياء الموتى ؟
( هنان ) : لا .
( عاشق نورة ) وهو يصرخ : إذاً لا حاجة لي بك ! ( هنان ) : ...
( عاشق نورة ) : من هو غريمك ؟
( هنان ) : لا أعرف سوى أنهن من الفرس
( عاشق نورة ) : هنّ ؟
( هنان ) : نعم ... مجموعة من الساحرت .
( هنان ) : ما قولك يا عاشق ؟
( عاشق نورة ) : لا يوجد شيء بلا ثمن
( هنان ) : عندما أنتهي من ثأري اطلب ما تشاء .
( عاشق نورة ) : أرغب في المقابل الآن ؟
( هنان ) : وما هو المقابل ؟
( عاشق نورة ) : سواد عينيك ..
( هنان ) باستغراب : سواد عيني ؟!
( عاشق نورة ) : لن أكرر طلبي .
( هنان ) : هل سأصبح عمياء ؟
( عاشق نورة ) : سآخذ لونها ... دون نورها .
( هنان ) : موافقة !
( عاشق نورة ) : ...
( هنان ) : عاوني على قتلهن وسوف أقدم لك ما تشاء . ( عاشق نورة ) : لم أقطع عهد ولاء لا لجن ... ولا لإنس من قبل .
( هنان ) : عهدك معي ينتهي بنهاية ثأري .
( عاشق نورة ) : ...
وضع( عاشق نوره) يده الضخمة على جبين  (هنان) وقال أعاهدك على السمع والطاعة حتى تحرريني
انتهى عاشق نوره من كلامه و تحولت اعين هنان الى البياض التام
..........................................................................
(ملاز )الموت ليس دائما مرا وقبيحًا .
( هنان ) وهي تبتسم وتدمع : ومتى يكون الموت جميلا يا ( عاشق ) ؟
( عاشق نورة ) وهو يحدق بالحشد الشيطاني : من تفرقهم الحياة يوما سيجمعهم الموت إلى الأبد ... عندما نموت في سبيل ما نؤمن به ، وقتها يكون للموت حلاوة لا مثيل لها .
( هنان ) ودموعها بدأت تتحول إلى بكاء خفيف : وبهاذا تؤمن ؟
( عاشق نورة ) وهو ينظر إلى الحشد الشيطاني : بأنني سألتقي بـ ( نورة ) بعد قليل .
( ضارم ) وهو يرفع نظره إلى الحشد الشيطاني : وأنا بالحمقاء ( خود ) .
( هنان ) وهي تدمع وتبتسم وتنظر إلى الحشد الشيطاني معهم : وأنا بأخواتي .
( عاشق نورة ) وهو يلتفت على ( هنان ) و ( ضارم ) مبتسا : ماذا ننتظر إذا ؟
( هنان ) وهي تخرج الخاتم الأبيض من جيبها وتمسح عليه : ننتظر الملك .
...........................................................................
( أحد الشياطين ) المحيطة بـ ( عاشق نورة ) وهو يضحك بصوت مرتفع : وفريستنا اليوم شاة مصابة وتنزف . ( عاشق نورة ) وهو يخرج سوط ( الجلاد ) : بل ذئب مصاب لا يهاب الموت . بدأ ( عاشق نورة ) بجلد الشياطين التي كانت تحيط به وبدأت تتساقط مع كل جلدة من سوطه، لكنه فوجيء بشيطان ضخم يندفع نحوه الخلف ويسقطه أرضا ليسقط السوط من يده ... ولتندفع بقية الشياطين نحوه وهو طريح وتمسك بأطرافه الأربعة وتسحبها وتفصلها عن جسده في آن واحد . بقي
( عاشق نورة ) ينزف على الأرض بغزارة ويحدق بالسماء مبتسا ويقول : لو كنت أعرف أن تمزيق الأعضاء مؤلم لهذا الحد لفعلت ذلك في بني ( سحيان ) بدل قطع رؤوسهم . فارق ( عاشق نورة ) الحياة بعد هذه الجملة بعينين مفتوحتين وبابتسامة عريضة .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 13, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عاشق نورهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن