وقف بعربيتو قدام بيت قديم حيطانو الخارجية متهالكة، واضح إنو بيت مهجور ومنسي.. حاول ينزل بس ماقدر.. حس بثقل في جسمو، قدر شنو الخطوة دي صعبة بس ذكر نفسو إنو ضروري ينزل.. بعد صراع طويل اقنع نفسو ونزل.. حاول يتمالك أعصابو واستنشق شوية هوا وبعدها مشا خطوات بسيطة لقى نفسو واقف قدام الباب، فجأة استحضرتو اصوات بعييييدة من ماضيهو وصوت ضحكات وصرخات أطفال ودوشة محببه ، إبتسم لنفسو وهو لسة سامع الصرخات وصوتو بنادي :
وجدت الكنز وجدت الكنز هيييي أنا الفايز....
مابراك اللقيتو لقيناهو سوا...
أنا الحفرت ولقيتو...
بس نحن لقينا المكان سوا....
ياخ خلاص ماتتشبكي لي زي كل مرة...
انت اصلا خرخار أنا مابلعب معاك تاني....
ياعمي إبراهيم ياعمي إبراهيم لقينا الكنز..
شاطر ياود يا ماجد شطورة يا بانة تستاهلو الفوز... يلا بعد ده وقتكم خلص يلا كلكم على بيوتكم..
ماجد ماجد ما حنمشي؟
مستني مهند أخوي ماجا طالع ومنار برضو ومريم..
مافي جوا بكونو واقفين لينا برا
وانتي ليه ماطلعتي
ماما قالت لي امشي واجي معاك انت ده
اوف منك ياااخ لصقة.. طيب ارح نمشي يلا يلا...
اتلفت على الطريق الكان بوديهم على البيت وشاف خيال صبي صغير واقف في نص الشارع بنادي عليهو بصوت سامعو جوا عقلو : ياماجد! أبوي حايجلدنا بسببك يلا اتحرك
إبتسم بحزن للذكرى وقال بصوت واطي : ياريت الحصل ماكان حصل وفضلنا نعلب للأبد
قلبو اتألم شديد لمن خت يدو على صدرو واتنهد مسافة..
تلفونو رن فجأة طلعو من الجيب لقاهو رقم أبوهو فصمتو ورجعو مكانو
بعد دقائق بسيطة وصلت عربية تانية قديمة نوعاً ما ونزل منها واحد اربعيني كده لابس بدلة قديمة تبدو ولكنها مقبولة الشكل، نزل بتأني وعلى وجهو ابتسامة سمجة وقال بي ترحاب : السلام عليكم مرحب ياسيد ماجد سعيد جداً إنك قبلت تجي أخيراً
قال وهو ماشي عليهو : لو مازنك في راسي ماكنت جيت ياأستاذ عروة
عروة: والبيت ده ظروفو شنو؟ كان لازم تجي تعاينو عشان إجراءات نقل الملكيه
قال بي ضيق : مامحتاج اعاينو لأني حافظ كل شبر فيهو تاني شي حسب قولك ماملكي براي ف لييه يعني جيتني انا بالخصوص
عروة : ياسيد ماجد أنا مجرد محامي موكل ليس إلا والمستندات العندي بتنص على إنو السيد إبراهيم موكلي كتب البيت ده بي إسم أربعة أشخاص ماجد حسن اللي هو انت و أحمد علي ومنار الحاج وبانة عزالدين
ماجد بضيق : وليه قررت تجيني أنا تحديداً دوناً عن الباقين
عروة: تعليمات إبراهيم إنو إنت تستلم ملكية البيت
ماجد بتقزز واضح قال : رجائاً ماتجيب سيرتو قدامي لو سمحت
عروة : طيب طيب بس ممكن ننتهي من الموضوع وتستلم مني؟
ماجد : قبل اي حاجة ممكن اسأل طيب لي قررت تجيبني هنا؟
عروة: برضو دي تعليما...
قاطعو بسرعة وقال : تمام تمام فهمت.. خلصني طيب ممكن؟
عروة هز راسو بي الموافقة وسلم ماجد المفتاح والأوراق اللازمة واخد توقيعو وقال ليهو : لحد مايتجمعو الباقيين انت المفوض الرسمي وياريت ندخل ننتظرهم جوة هم اكيد على وصول
قال ماجد بدهشة : يعني هم جايين هنا حسي؟ طيب ليه ماقلت لي من الأول ولا دي تعليمات برضو؟
فات عروة المحامي ناحية باب البيت ووقف وهو بقول: أديك عرفت وبكده حنختصر وقت وجرجرة ماليها داعي
قرب ماجد ووقف مسافة بتأمل الطوق الملفوف حول مقابض الباب واتمنى لو كان مطوق كده من قبل 17 سنة فاتت.... بعد شوية حيلاقي اصحاب الطفولة بعد سنين طويلة فاتت. ياترى بقو اشكالهم كييف؟ واتخيل تلاتة أطفال صغار جاين عليهو وصوت نحيل صغير لطفلة فيهم لابسة نضارات طبية بتقول: ماجد؟ ياماجد أنا كمان وجدت الكنز..
غمض عيونو واتنهد لكن عروة فوقو من خيالاتو لمن قال ليهو : أفتح يلا قفل الطوق خلينا ندخل..
قرب هو على الباب وبيدين بترجف فتح الباب أخيراً..
عروة دخل طوالي ومااشتغل بي ماجد وقال وهو بتلفت في المكان: البيت مهمل من سنين بس بتظبط مامشكلة، انتو محظوظين بي الهدية القيمة دي..
دخل ماجد بي وراهو بعد مسافة وبقى يتلفت ببطء حواليهو.. ياااه ده عمر كامل فات وسنين عاشهم جوة البيت ده الكان كل حياتو هو ورفاقو من أطفال الفريق...
البيت ده كان بملكو راجل في بداية الخمسينات معروف بي عم إبراهيم.. بيت في طرف الفريق حوشو كبير كبير بمعنى الكلمة مزروع شجر من كل لون وملان بي أحواض الزهور المختلفة.. إبراهيم كان زول وحيد لا عندو مرا وأولاد ولا شافو ليهو يوم أهل وتقريبا مقضي اغلب يومو في بيتو ومافي زول عارفو بصرف من وين لأن ماشافوه بشتغل.. الراجل ده كان عطوف على أطفال الفريق وبحبهم حب شديد وكان فاتح بيتو للكل يجو يلعبو ويتسلو في حوش بيتو وسط الشجر والزهور وكان دايماً بلعبهم ألعاب الكل بشارك فيها واشهرها لعبة الكنز الكان كل مرة يدفن ليهم هدية ويخليهم يفتشو عنها بي تعليمات معينة والبلقاها يشيلا وكان ماجد بارع في اللعبة دي وبحبها جداً.. الأهالي كانو مطمنين انو يخلو أولادهم يلعبو في بيتو طالما هو راضي وكأنهم لقو البريحهم من زن الأطفال ديل طول النهار.. كل أطفال الفريق بمختلف الأعمار شايلهم حوش عم إبراهيم بشكل شبه يومي.. كل ده كان حلو ومشت الأيام جميلة على الكل لحد ماحصل الغير كل شي...
لتاني مرة عروة بعقب وبقول : أحواض الزهور تلفانة... أمممم والشجر قرب يحرق بس لسه شامخ سبحان الله، بس كلو بتصلح بشوية عناية وسقي محتاجين ليكم زول بفهم في الزراعة
ماجد قال ليهو بلهجة استنكار: ياسيد عروة انت عارف البيت ده حصل فيهو شنو ولا بتتكلم من ياتو منطلق؟ منو اصلاً العايز يعيش في بيت زي ده لا وكمان يصينو ويصلح شجرو دي بلوة وحلت علينا أفهم
عروة كان بعاين ببلاهة وبقول في اعماقو : الزول ده اكيد ماجادي في كلامو ده في زول يزعل عشان امتلك بيت زي ده؟ حتى لو قديم ومهلهل؟
ماجد قاطع افكارو وقال ليهو : إنت كيف أصلاً قبلت يكون واحد زي إبراهيم ده موكل ليك هااا؟ كيف
عروة قال بعدم اهتمام : أنا محامي توثيق عقود ليس إلا والزول ده وكلني في موضوع البيت ده وانا ماعارفو اصلاً محكوم في شنو ومابهمني..
واتحرك من مكانو مشى فتح البيت جوة ودخل وماجد دخل وراهو واتفاجأ انو البيت زي ماهو بعفشو بشكلو القديم بكل شي وكمان نضيف وماعليهو اي غبرة.. عاين لي عروة بي دهشة فقال ليهو موضح : جيت قبل أيام فتحت البيت وجبت ناس نضفوهو حسب رغبة البالي بالك..
وابتسم لي ماجد وكأنو جاب التايهة بي الإسم ده عشان مايزعج السيد غريب الأطوار حسب ماسماهو في اعماقو..
وقف ماجد يتأمل البيت بعيونو، نادراً ماكان يدخل هنا جوة زي باقي الأطفال الشمشارين والبخشو كل شوية بحجة العطش و الكتير من الحجج الواهية ده غير الأطفال البترسلو لي عم إبراهيم.. قطع عليهو الذكريات دي صوت باب الشارع الفتح بي صوت مزعج رغم بعدو عن داخل البيت وسمع أصوات جاية من بعيد وصوت شاب بتكلم بي مرح فعرف إنو الرفاق وصلو واستعد للقاء المنتظر...
الأصوات أصبحت أكتر وضوح وقدر ماجد يسمع صوت رجالي بقول : لو بس افهم شنو قصدو من الحركة العملا دي
رد صوت اكثر رقة : دي عاشر مرة تسأل السؤال ده من لحظة ماعرفت الخبر خلاص اهدى مصيرنا نفهم حاجة
.. وين صحبتك طيب
.. جاية قالت في الطريق
.. شكلو المحامي جا وفتح الباب يلا تعالي نخش نشوف الحاصل
عيون ماجد على الباب وقلبو بدق بسرعة منتظر اللحظة دي شديد، دخل شاب من الباب ووراهو بنت وهو بقول : وينك يا سيد عروة سلام عليكم..
عيونو جات في عيون ماجد فوقف لحظة محتار وعيونو مبرقة وقال بعد لحظة صمت قصيرة : ماجد؟ انت ماجد صاح؟ انت ياهو ياسلاااام ياخ
قال ماجد بي ابتسامة : أحمد علي! انت انت ياهو أحمد مااتغيرت سبحان الله
قربو من بعض وأحمد اخدو بي الحضن وكان سلام حار.. من فوق كتف أحمد لمح ماجد بنت واقفة في الباب مبتسمة وبتقول ماجد ود ناس عمو حسن يااااه مابصدق عيوني..
كان واضح ليهو إنها منار لا محالة فالشبه رغم السنين مااتغير كتير
أحمد فكاهو واتلفت ليها وهو بأشر : ياترى عرفتها؟
ماجد ضاحك بخفة : منار! ياااخي مااتغيرتو نهائي بس كبرتو شوية
منار : وانت ماجد نفسو مااتغيرت سبحان الله
سلمو على بعض بي حرارة واتبادلو الأخبار
ماجد: كيفكم ياشباب أخباركم شنو بجد فرحان لي شوفتكم من تاني
أحمد : كلنا كويسين الحمد لله تقدر تقول عايشين في الدنيا دي
منار: الليلة رجعتنا سنييين لي ورا بي شوفتك صحي الحي بلاقي
يااااه ماقادر يصدق انو القدامو ديل اصحاب الطفولة ، أحمد البقى شاب كبير وزول واضح مالي مركزو و منار! كبرت وبقت فاتنة عديل مش جميلة بس
لتالت مرة عروة يقطع تأملاتو الداخلية ويقول : فاضل آخر فرد في المجموعة ومضطرين ننتظرا اتفضلو اقعدو ..
قعدو فعلاً وهم بتلفتو في المكان فوقعت عين أحمد على صورة معلقة في الحيطة لراجل يبدو وقور مبتسم إبتسامة مشرقة فبقى يتنفس بغضب واضح ووقف على حيلو وواجه الصورة وقال بحقد شديد بخاطب الصورة : الله يلعنك ياخ الله يلعنك..
ماجد وقف جمبو هو ومنار واتبادلو النظرات واتقدم ماجد ونزل الصورة من مكانا ومسكا يتأملها وفجأة ضرب بيها الحيطة لمن اتفرتقت حتت ووقعت الصورة وسط القزاز والخشب بتاع البرواز..
عروة قال بخلعة : حاسب يااخينا ده شنو العملتو ده كاسرا مالك؟
أحمد قال ليهو بغضب : البيت بيتنا حرين نكسرو ولا نحرقو ماشغلتك
عروة بي حيرة : لو مافيها تدخل في خصوصياتكم ممكن اعرف سبب كرهكم لي إبراهيم ده ولي البيت بتاعو؟ مادام في مشكلة بيناتكم ليه خلى ليكم بيتو وانتو لي دهشتي الشديدة مامرحبين بي كنز زي ده..
أحمد : الكنز الانت جايي تسلمنا ليهو ده كارثة وحلت علينا إنت ماعارف العملو الراجل ده فينا شكلك فياريت تسكت بس
وهم متنشنين كده قاطعهم صوت الباب بدق، كلهم عاينو ناحية الباب لقو في بنت تانية واقفة مخلوعة.. ماجد استنتج إنها بانة من نضارات النظر اللابساها وأحمد أكد ليهو لما قال : بانة وصلت أخيراً، تعالي تعالي شوفي ماحاتتخيلي منو الجا بعد غياب
وقفت مبحلقة في ماجد بدون كلام وهو كمان..
قال أحمد لي ماجد اتذكرتها؟
إبتسم ماجد وقال ليها : لسة بأربعة عيون يابت يابانة؟
قالت مامصدقة واضح: لو ماقالو لي ما عرفتك معقول انت ماجد؟
قال : و انتي! مااتغيرتي تماااماً
قالت بخجل : عوداً حميداً
بقى مبحلق فيها ماقادر يتخيل قدر شنو كبرت الشافعة العبيطة الزمان
عروة استغل الموقف وقال: كده اتجمعت كل الأطراف المعنية وواجب علي اشرح ليكم التفاصيل للتركة بشكل أوضح واختكم في الصورة.
أحمد قال بتهكم : تركة! ههه شي يضحك والله.. بس أنا عايز أعرف شي محدد ما أكتر ولا أقل الزول ده يخلي لينا بيتو الشوم ده لييه وقصدو شنو بالعملو ده؟
ماجد : وكمان اختيارو لينا نحن الأربعة رغم انو الدخلو البيت ده كتار من أولاد الحي
منار صمتت تماماً بعد كانت مبتهجة بشوفة ماجد وبانة فضلت تتلفت في البيت بتتفرج وكأنها بتتزكر لقطات من الماضي
عروة قال موجه كلامو لي أحمد : أنا وكما ذكرت لي السيد ماجد مجرد محامي موثق عقود وما عندي تفاصيل اكتر زيادة عن رغبة السيد إبراهيم في تسجيل ملكية البيت ده ليكم إنتو الأربعة..
أحمد قال بخاطب نفسو بصوت مسموع وهو بتلفت هو كمان وبتفحص في البيت: عايز يعوضنا عن العملو زمان ولا فهمو شنو
بانة قالت بأسف : يعوضنا بي السبب في اذيتنا؟
منار قالت ليها مستغربة : أذيتنا؟ ده على أساس إنتي حاسبة نفسك مع الاتأذو؟
بانة : وليه مااحسب نفسي مثلاً؟ مريم كا....
قاطعهم أحمد وقال : منار خلاص عليك الله لاحظو إننا وين
بعدها أشر على عروة بحركة بسيطة فهمتا و سكتت واتلفتت بعيد عن بانة بسرعة وأحمد قال لي بانة : أكيد عندو فهم لكن مصيرنا نفهم عايز مننا شنو
أحمد خاطب ماجد وحاول يغير الموضوع وقال : وين رحلتو ياماجد وأهلك كيف؟ فجأة رحلتو وفقدناكم
ماجد قال بي أسف واضح: أبوي وقتها أصر نسيب البلد كلها ونسافر بس أمي تعبت نفسيتا أكتر ورفضت تسافر وفضلت تبقى قريبة من... آآآ احم مهند الله يرحمو فاستقرو على اننا نسكن في ولاية تانية ومن فترة للتانية يجو يزورو قبرو وبعد كل السنين المرو في اخر سنتين رجعنا هنا تاني بس في ابعد حي عن هنا..
منار ملامحا اتغيرت وعيونا لمعت وهي بتقول : أحسن قرار إنو بعدتو عن كل الكان البدور هنا من وقتها والفريق ماارتاح في يوم رغم انو كل شي اتنسى بس شبح البيت الواقف بشموخ عشان يذكر الناس بي الحصل فضل في قلوبنا غصة ياريت لو اتهدم..
بانة حاولت تغير الموضوع : فرحنا بي شوفتك من تاني ياماجد
قال ليها بي ابتسامة باهتة : وأنا كمان، الحمدلله انكم بخير
منار بنبرة باردة: ظاهرياً
أحمد لكزا : مناااار قلنا شنو
ماجد اتجاهل كلمتا لصعوبة الموقف الهم فيهو حسي وقال لي عروة : هدينا كلنا موجودين في اي اضافة ياسيد عروة؟
عروة اتنفس بعمق وقال : البيت كما هو مذكور في عقد التنازل مقسم على اربعة بنفس عددكم يعني، كل واحد امتارو محددة ونصيبو ويين بالضبط مكتوب
بقى يشرح ليهم كل شي وهم ماقادرين يفهمو سبب انو خلا ليهم البيت لحد ماخلص عروة كلامو وختم ليهم بي الكلام الأثار دهشتهم لمن خلاهم وقفو مهجومين لما قال : موكلي السيد إبراهيم خلى في عهدتي أربعة رسايل ورقية كل رسالة عليها إسم من أساميكم إنتو الأربعة بس طلب مني طلب غريب الصراحة استغربتو شديد! طلب إنو كل رسالة تتخبى في الجزء البخص صاحب الرسالة وعليكم إنتو تلقوها وكان آخر جملة قالا لي قول ليهم عم إبراهيم قال ليكم يلا نلعب مع بعض لي مرة أخيرة لعبة الكنز.....
يتبع...