لحظة اللقاء

248 17 9
                                    

" في لحظةٍ ظننتُ العالم كله ضدي حتى لمستَ يدي، ولمستَ قلبي "

في طقس مالت الغيوم على بعضها تجاور واحدةً الأخرى محبة وفضول، جلستْ فتاة في تحتفل وسط الكتب بعيد ميلادها الثامن عشر، وحدها في طقس اعتادت عليه لا يؤنسها إلا لقاء هاديء مع د/ أحمد خالد توفيق أو فيودور دوستويفسكي أو مريد البرغوثي أو غسان كنفاني، مجالسة تتمنى لو أنها لا تنقطع ولكنها الحياة لا تعطينا كل السبل الممكنة للسعادة دفعة واحدة، يقاطع محاورتها اليومية صاحب المكتبة أبو القاسم - وهو أرمل لزوجة تدمر سقف بيتها فوق رأسها في مشهدٍ معتاد لبلاد تعرف معنى أن تكون ساكن التراب وما فوق التراب - قاطعها صوته وهو يناديها لتنظر لأحد الزبائن

" نور ، لدينا زائر "

خرجت لتجد رجلًا وعلامات الغرور تكسي وجهه بزيه العسكري الكريه وقامته الغير مهمة وعيناه الزرقاء المثبتة عليها بشكلٍ وقح تقدم تجاهها خطوتين متجاهلًا نظرات أبو القاسم الغاضبة

" بونجور مودمازيل نور، أخبرت السيد منذ قليل أنكِ وحدكِ تعرفين ما أحب أن أقرأ "

صمتت نور دون أن تنبس ببنتِ شفةٍ وأخذت الكتاب الذي يمسكه وهي تخط بضع كلماتٍ على ورقةٍ مرددةً بصوتٍ خافض دون النظر لعيناه

" هل تريد كتاب لنفس الكاتب "

" ما رأيكِ بالاقتراح عليَّ اليوم؟ "

" ما رأيكَ بكتاب رجال في الشمس لغسان كنفاني؟ " 

وعندها فقط نظرتْ لعينيه في إغاظة تستشف أثر كلماتها عليه

" إنه اقتراح قاسٍ جدًا من سيدة لطيفة، تعرفين أن الصعوبات التي تمرون بها في هذا البلد لا علاقة له بي، لستُ من سرق الأرض منكم يا سيدتي الجميلة "

" لستَ السارق، وما بال منزل الذي تسكنه اليوم أهو ملكٌ لأمكَ من جدتها "

تبدلتْ معالم الرجل الذي كان ينظر برومانسية فرنسية تليق بموطنه، وسرعان ما وضع قبعته وغادر المكتبة وهو ينظر لها للوهلة الأخيرة بشكل لا ينمُ عن الخير لكنها لم تهتم.

أمسكت الكتاب الذي أعاده للمكتبة وتحركت ناحية الأرفف ووضعته في رفٍ معين كأنها تعلم المسكن الخاص بكل كتاب وهذا لأنها سبق وقرأت معظم كتب المكتبة منذ كانت طفلة صغيرة في السابعة عندما جاءت للخليل مع أمها لزيارة قريبة لهم وبينما كانت في طريقها للمنزل به...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

أمسكت الكتاب الذي أعاده للمكتبة وتحركت ناحية الأرفف ووضعته في رفٍ معين كأنها تعلم المسكن الخاص بكل كتاب وهذا لأنها سبق وقرأت معظم كتب المكتبة منذ كانت طفلة صغيرة في السابعة عندما جاءت للخليل مع أمها لزيارة قريبة لهم وبينما كانت في طريقها للمنزل بها هجم جنود الاحتلال على المنطقة ونالت أمها نصيبها من الرصاص بينما كانت تغطيها لحمايتها وكانت النتيجة أنها لم تجد تربةً تدفن أمها فيها ولا عرفت السبيل من يومها لمغادرة الخليل لرفض الجنود إعادتها لغزة مجددًا، من يومها وهي تجالس الكتب في مكتبة ذاك الأرمل التعس، الذي استمر بالحياة لأنه يتمنى أن يكون شهيدًا أو يموت شريفًا ليلحق بزوجته في الجنة.

ذاك الهاربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن