نصف قلبي

81 14 1
                                    

" ثم ربت على قلبكَ ببسم الله حتى يهدأ "
ما إن دخلت السيارة على الكمين وقبل أن يبدأوا عملية التقتيش اةسالبة لأبسط حقوق الإنسان في الاحترام والمناقشة، سمعنا جميعًا أصوات لطلقات نارية مدوية في المكان ممكن جعلهم يختبئون كالجرذان، ما دفع السائق للهروب قبل أن نستفسر ما حدث ومن أطلق النيران...

" الحمد لله الذي أنجانا"
" ألم أقل لكِ، عُمر الشقي باقي أيتها الطفلة
همس بها جمال في أذنيها وهو يبتسم مما جعل بعض الفراشات المتسربة من معدتها تتراقص في حلقها فصمتتْ لشدة خجلها.
بعد حوالي النصف ساعة توقفت السيارة معلنة الوصول للمحطة النهائية (رام الله) تلك المدينة التي وصفها كل من زاروها بأنها العالم بين حدود مدينة، فيها من كل أنواع الحياة والبشر ولطالما كانت، رام الله التي تحدث عنها مريد البرغوثي بل وجعلها عنوانًا لسيرة ذاتية سجل شعوره فيها.
" أهلًا بكِ في رام الله أيتها الطفلة"
"لماذا تستمر في هذا؟"
تسمر في موقعه للحظة وعلامات التعجب بادية عليه
"استمر في ماذا؟"
"مناداتي بالطفلة"
ولما وجدته صامتًا دون أن يرد أكملت سيرها الذي قطعه سؤالها وهي تردف
" لا اعتقد أنني طفلة، أو أنني لا أراكَ رجلًا كبيرًا "
تعجب من قولها المفاجيء ولكنه لم يرد بل أوقف سيارة الأجرة وركبا فيها وغادرا، بينما ظلت طوال الطريق تنتظر منه كلمة، حتى أنها لامت نفسها كثيرًا على قولها وظل عقلها طوال الطريق شاردًا
"أيعقل أنه تضايق من قولي"
"هل يظنني كثيرة التذمر"
"هل يراني مجرد طفلة فعلًا"
" يا ويلي هل عرف ما خبتئته منذ رأيته أول مرة"
"يالأنانيتي نسيت العم بسبب انشغال عقلي الفارغ بهذا الهارب"
وغيرها من الأفكار التي حاولت رميها من شباك نافذة السيارة بينما ظل هو ينظر لها في حيرة من أمره هو الآخر وعندما قرر التحدث لما رآه من جديتها في الحديث وهروبه الغير مبرر منها، وجدها قد أمسكتْ كتابها واتغمست فيه تتلو منه بعض الصفحات بتوتر سريع، فابتسم لها وراح يجول بعينيه في مدينة لو أخبروه أمس أنه سيزورها برفقة فتاة احتفلت منذ أسبوعين بعاملها الثامن عشر لابتسم بنصف فم وغادر مستهزأً
وصلت السيارة أمام أحد منازل المنطقة وخرجت من المنزل فتاة في العشرينيات من عمرها تبتسم بعذوبة وهدوء دون التخلي عن مسحة الحزن والمواساة، وما إن رأتنا حتى ضمتْ نور وهي تردد كلمة باتت شائعة في فلسطين كلها
"هينة ياقلبي"
فابتسمت لها نور بدورها، أدخلتهما الفتاة بالرغم من إصرار نور على الرحيل سريعًا للحاق بموعد خروج العم
"والله ما بتتحركي بدون غداء"
ثم أكملت وهي تسحبها للداخل
"تعتقدين احنا يهود ام ماذا؟"

ذاك الهاربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن