المجهول (2)

81 12 9
                                    

استفاق أثير مفزوعًا، والعرق يتصبب من جبينه. صرخته ملأت الغرفة: "ذلك الشخص مرة أخرى... لماذا يلاحقني في أحلامي؟"

لم يكن وحده، وجد إبنه يحدق به من فوق السرير، وبتعابير قلقة سأله: "أبي، ما الذي حدث؟ هل رأيت حلمًا، مزعجًا؟"

استمسك أثير بابتسامة ضئيلة، وأجاب: "نعم، كان مجرد كابوس، لا تقلق."

نهض أثير من مكانه وتجول بعيون مبهمة حول الغرفة، وبصوت مرهق سأل: "أين ذهب جدك؟"

رد عليه الإبن "خرج باكرًا وأخذ معه سلات القش لكي يبيعها."

بعد سماعه لتلك الكلمات، شعر بالعار والخيبة من نفسه. تأثرت أفكاره وبدأ في استعراض قراراته السابقة وتأثيرها عليه.

وفي دوامة من التأمل والاندماج مع ذاته، غمرته الذكريات. همس لنفسه وكأنه يعيش تلك اللحظات من جديد: "لماذا تركت عملي؟ لماذا أهملت واجباتي؟ كل هذا بسبب تلك الخائنة اللعينة!"

بينما تجددت الأسئلة في داخله، ظهر تصميم جديد في عقله. همس لنفسه بقرار حاسم: "سأبدأ من جديد. سأسعى لتأمين مستقبل أفضل لوالدي ولابني ونفسي. سأمنحهم الحياة التي لم يعرفوها من قبل، بعيدًا عن شحنات الحزن والضيق. الجو أصبح باردًا مؤخرًا يمكنني جني المال من خلال جمع الحطب وبيعه."

وهكذا حسم أثير قراره. وبينما كان يستعد للخروج من المنزل، نظر إلى ابنه الذي بدا حزينًا بسبب رفضه السابق له بأن يأخذه معه إلى الغابة. اقترب منه وأخذ يضع يده على كتفه بلطف وقال بابتسامة مشرقة: "لا تقلق يا أديم، سأعود قريبًا وسأشتري لك حذاءً جديدًا كتعويض." عندها اختفت ملامح الحزن من على وجه الصبي وابتسم وقال بفرح: "حسنًا، سأكون في انتظارك بفارغ الصبر."

غادر بعدها المنزل وهو يحمل فأسه على كتفه، يبدو واثقًا ومتحمسًا لبداية حياة جديدة، بعيدًا عن أحزانه وعن الماضي. شق طريقه وسط الغابة.

بينما يمشي، يستمع إلى زقزقة العصافير وأصوات الحشرات الجميلة. الشمس تلقي أشعتها الدافئة على الطبيعة المرهفة، ويشعر أثير بالسعادة والسكينة وهو يتقدم في طريقه. يعبر عتبة الأشجار الكثيفة. الأشجار الطويلة والأوراق المتدلية تصعد متناغمة فوقه، وتمثل روحًا مهيبة وهادئة في الوقت نفسه. يشعر بتعايشه مع الطبيعة وكأنه يتناغم معها.

يستمر في السير ، ويشعر بالأرض القوية تحت قدميه. تمتد الأشجار العتيقة والمتداخلة على كلا جانبيه، وتلقي ظلالًا جميلة تختلط بأشعة الشمس المتسللة. سمع صوت تدفق قادم من بعيد، من النهر القريب.

وأخيرًا وجد منطقة جيدة ليجمع الحطب منها. بدأ برصد الأشجار الكبيرة وتحديد أيها مناسب.

بدأ أثير بتقطيع الأشجار بتأنٍ وهدوء. كان يأخذ نفسًا عميقًا بين كل قطعة وأخرى، غارقًا في اللحظة التي يعيشها. انحنى الحطب وسقط على الأرض، ممكنًا لضوء الشمس أن يتسلل من خلال ستائر أوراق الشجرة.

الهائمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن