part 2

8 2 1
                                    

وبعد نصف ساعه، في تمام الساعه السابعة مساءاً، وجدت جرس الباب يرن، فتحت على عجل وجدت طاهر خلف الباب ينهج من تعب السلم، لان المصعد كالعاده كان معطلا، ادخلته واغلقت الباب، أخذ خمس دقائق حتى هدأت أنفاسه وقال لي:
- إيه يا دكتور بقى الموضوع اللي انت عاوزني فيه ومهم كده؟
قلت له بجديه: هتفهم كل حاجه بعدين المهم تشرب ايه؟
رايت عينيه تزوغ على زجاجات البير الملقاة بكل مكان في الشقه، وأحسست بشعور استحقار خفيف داخله ولكن لم آبه، له الحق في أن ينتقد شخصيتي، ولكن ليس له الحق في أن يفرض علي شيئا لا أريده.
ثم قال لي:
- أي حاجه يا دكتور وياريت لو قهوه، عشان حاسس إن الموضوع مهم.
يعجبني ذكائه وسرعه بديهته، ولهذا قررت ان افرغ ما في جعبي.
- دلوقتي يا طاهر أنا سألتك سؤال الصبح، إزاي الكهرباء بتتنقل لاسلكياً وانت قلت هتبحث وتقول لي.
- أيوه يا دكتور بالفعل انا بدات أبحث بس للاسف ما لقيتش حاجه، وتقريبا كل اللي أنا قرأته أو كل المعلومات اللي شفتها بتقول إن ده مستحيل، لأن الطاقه الكهربية زي ما حضرتك عارف محتاجه لموصلات عشان تنتقل جواها.
- بالظبط كلامك صح، بس ده لو إحنا هننقلها كطاقة كهربية.
- آسف حضرتك، بس مش فاهم قصدك إيه؟
- طيب يا طاهر تعالى معايا.
اصطحبته على غرفة نومي، التي وقف أمامها وقال:
- إحنا جايين هنا نعمل إيه؟
- أصبر هتعرف كل حاجه دلوقتي.
وقفت أمام حائط في الغرفة، أمامه سيتارة ازحتها فظهر باب خلفها، أخرجت مفتاحي من جيبي وفتحت الباب، وحين دخل طاهر من الباب صُدِمَ مما رأي داخلها.
جلسنا على طاولة كانت في منتصف الغرفة، عليها أوراق كثيرة مبعثرة، قلت له:
- انت عارف الأوراق اللي قدامك دي فيها إيه أو مهمة إزاي؟
قال لي:
- من شكلها يبان إن هي قديمة جداً يا دكتور، وأكيد بما إنك جايبني وسألتني على موضوع الكهرباء اللاسلكي، فأكيد ده ليه علاقه بيها.
- برافو عليك أظن انت تعرف نيكولا تسلا يا طاهر؟
- طبعا يا دكتور نيكولا تسلا من أهم العلماء والمخترعين في التاريخ، بس إيه علاقه تسلا بالموضوع؟
- إقرأ الأوراق دي وانت تفهم كل حاجة على ما اعملك  القهوة.
- تمام يا دكتور.
أمسك الأوراق وبدأ في القراءة بعناية وتركيز شديد ظهرا علي وجهه، بالاضافة أنه مع كل سطر يقرأه تتسع حدقتا عينيه اتساعاً شديدا يبين الذهول الظاهر في عينيه.
لم يلبث دقائق حتى قال لي:
- دي أوراق تسلا الأصلية اللي الناس قالوا عليها إن الحكومه الأمريكية سرقتها وخبيتها عن العالم.
قلت له بتفاخر:
- من عشر سنين وأنا بعمل الدكتوراه كنت مهوس بفكره انتقال الكهرباء والفيزياء الكونية، عشان كده عملت فيهم دكتوراه، وخليت واحد يدخل لي على الديب ويب ويشتري لي النسخة الأصلية من أوراق تسلا، كان نازل عليها مزاد وحطيت فيها كل ممتلكاتي، الأوراق دي بتقول إن تسلا لقي طريقة إنه ينقل الكهرباء لاسلكي، زي موجات الراديو بالظبط وده عن طريق إنه يحولها لموجات كهرومغناطيسية وأنه عرف ان القدماء المصريين استخدمو الطريقة دي زمان انهم يولدو طاقة عالية جداً، وده كان جزء من الورقه بتاعه تسلا اللي شرح فيها إزاي ينقل الكهرباء لمسافات بعيدة عن طريق محولات رفع الجهد، عشان يقلل الطاقه اللي بتهدر في الاسلاك، بس كان في جزء تاني ده اللي الحكومة خبته عن العالم واكتفو أنهم ينشرو الجزء الاول بس، وكريقة الانتقال اللاسلكي بتكون عن طريق إنه يمرر الكهرباء في مجال مغناطيسي، فبالتالي هتتحول لطاقه كرومغناطيسيه يوزعها البرج الكبير اللي كان بينشئه تسلا، وبعدين يستقبل الطاقة الكهرومغناطيسيه دي في البرج اللي موجود في الدولة أو المكان اللي هيستقبل الطاقة دي، ويحول الطاقة الكهرومغناطيسية دي لطاقه كهربية تاني، بس مش ده اللي أنا عاوزك تنبهر منه، ده جزء من الحاجة اللي أنا شغال عليها بقى لي عشر سنين كاملين، من قبل حتى ما يبقى معايا أوراق تسلا، لأن معايا أوراق تانيه أهم، أوراق النسبيه الخاصة الأصلية، وبدأت أشتغل على مشروعي الي هيغير العالم، تعالى معايا.
اصطحبته للشيء الذي سبب له الذهول عند دخوله للغرفة، وهو كتلة من الحديد والبراغي، تأخذ شكل القرص المجوف، مليئه بالأزرار، قلت له بكل تفاخر:
- اقدملك أكبر اكتشاف فيزيائي في التاريخ، اكتشاف الناس قالت عنه مستحيل، بس أنا بحمد الله وتوفيقه قدرت اعمله، أقدم لك آلة السفر عبر الزمن الي كل الافلام والروايات اتكلمو عنها، بقت حقيقة قدامك.
أحسّست بضربات قلبه التي كادت تقتلع صدره من مكانه، والعرق الذي بدأ يتصبب منه، وفمه الذي انفتح على عقبيه من هول المنظر، حتى شعرت أنه سيتهمني بالجنون، وحين استجمع قواه وجدته يقول لي بإرتباك: - بس يا دكتور انت عشان تقدر تسافر عبر الزمن لازم تمشي بسرعه تساوي سرعه الضوء، وده في حد ذاته مستحيل، لأنه بيحتاج طاقه مهولة جداً جداً جداً جداً وصعب إن إحنا نلاقي طاقه زي دي.
- بص يا طاهر، ورق تسلا اللي انت قراته ما لفتش نظرك لحاجه؟
- لفت نظري طبعاً، إنه تسلا ذكر في الورق إن الهرم الاكبر كان قديماً  عبارة عن مولد طاقه عملاق، الطاقة اللي فيه تكفي إنها تضيء العالم كله.
- برافو عليك عشان كده انا هستخدم طاقه الهرم في إني أشغل آلة الزمن دي، وهي ببساطه ماكينه صنع ثقب أسود، ومعروف إن الثقب الأسود الطاقة بتاعته كبيرة جداً، تكفي إن هي تنقل شخص من بعد لبعد تاني، وبما إن نسيج الزمكان عبارة عن المكان اللي إحنا عايشين فيه، والنجوم والمجرات والحيز الي نقدر نحس بيه مغموس في بعد الزمن، اللي هو أتضح من نظرية أينشتاين "النسبيه الخاصة" إن الزمن نسيج نقدر نسافر من خلاله كبعد رابع، كده بقى عندنا أربع أبعاد الطول العرض الارتفاع والزمن.
- طيب يا دكتور انت هتقدر تشغل الآلة دي إزاي أو هتقدر تشغل الهرم أصلا إزاي، وإزاي هتخش الهرم وتعمل اللي انت بتقول عليه ده من غير ما حد يعترض، ما حدش هيسمح لك إن انت تخش الهرم وتحط آلة زي دي.
اطلقت ضحكة أثارت الرعب داخله وقلت له:
- انت مش متابع الي بيحصل اليومين دول، الهرم مقفول عشان هيعملولو ترميمات، مجاش في بالك لي قررو يعملو ده في الوقت ده مخصوص.
- لا يا دكتور مش عارف.
- أنا أقولك انت تعرف الشركة إلي مسئولة عن ترميم الهرم جنسيتها اي؟
- لا.
- أمريكية الجنسية وكمان تابعة للماسونية، ومن العقائد المنتشرة عند رواد الفكر الماسوني، إنه أحد خفايا الهرم الأكبر، إنه موجود جوا الهرم الأكبر بلورة سحرية، بتمثل سر الكون الأعظم، وإلي وضعت جواه من آلاف السنين، وإلي يقدر يسيطر  على البلورة دي هيقدر يسيطر علي الكون، عشان كده بيرغب رواد هرم الماسونية إقامة طقوس سرية خاصة بيهم جوا الهرم الأكبر وبالتحديد ده إلي هم مفهمينه للعالم، بس السبب الرئيسي هو إن البلورة دي هي إلي هتشغل المولد إلي في الهرم، والبلورة دي موجودة في غرفة التشغيل الي الناس فاهماه إن هي غرفة الدفن بتاعة الملك خوفو، فهم عشان يدوني الأوراق بتاعة تسلا بالسهولة دي، كانو عارفين إني شغال علي مشروع آله الزمن، ومشروع تشغيل الهرم، فهم ساوموني إنهم هيسيبوني أشغل الآلة جوا الهرم بشرط إني اشغلهم المولد.
قال لي بذهول:
- هتبيع بلدك يا دكتور!
- يابني أنا مش هبيع حاجة، أنا في خطة في دماغي لو اتنفذت صح، إحنا هنبقي أقوي دولة في العالم، وهنقضي علي الماثونية تماماً.
- خطة أي يا دكتور؟
-مينفعش أقولك عشان هم مراقبينا دلوقتي، وعارفين إني هغدر بيهم، بس محتاجني فمش هيقدرو يعملولي حاجة، فأنا عاوزك معايا لأنك شاطر وهننجز الشغل إلي باقي في الآلة، وكمان عشان تقدر ترجعني لما اسافر.
- تسافر فين يا دكتور؟
- لا والنبي مش ناقصة غباء دلوقتي، هتخليني اغير رأيي فيك.
- لا خلاص يا دكتور أنا معاك.
- خلاص اتفقنا.
بدأنا العمل في آلة الزمن والانتهاء من بعض المشكلات الموجودة فيها، لتكون على أتم الاستعداد للمهمة الكبيرة التي ستغير مجرى التاريخ حرفياً، وستعيد تشكيل خريطه العالم بشكل غير الموجود حالياً وستنقلب المقاعد ويصعد القطب الأقوى أخيراً.

محمد فضالي ✍️

الزمكانWhere stories live. Discover now