القاهرة 29 مارس 2014م
الساعة الثانية صباحاً، جائني اتصال هاتفي أزعجني وأَقلقَ منامي، لم أُجِب عليه ولم أنظر حتي لشاشة الهاتف، وبعد دقيقة عاود الإتصال فأمسكت الهاتف وفعَّلتُ وضع الصامت، وغططت في النوم مجدداً وفجأة.
فجأةٌ عاود الهاتف الإتصال ولكن كان صوت الرنة يعمل، فأمسدت الهاتف واندَهَشتُ مما رأيته، ووجدت أن ليس هناك رقم ولا اسم حتي، وانفتح الهاتف من تلقاء نفسه!
سمعت صوت عريضاً مخيفاً يستخدم المتصل مُغَيِّرَ صوت بالتأكيد، يقول لي:
- دكتور رأفت سعيد أهلاً بحضرتك، أرجو ألا أكون قد أفسدت نومك؟
- مين معايا وبتتكلم كده لي؟
رد بكل برود: ليس من المهم الآن أن تعرف من أنا، المهم أن تعرف لما اتصلت بك، أنا رئيس المحفل الماسوني في الشرق الأوسط، وأحد أكبر القادة الماسون في التنظيم، واتصالي بك بخصوص الموضوع الذي تحدثنا معك فيه من عشرة أعوام، لقد علمنا أنك انتهيت من مشروعك، ورجالنا في الهرم وجدو البلورة، والآن دورك لتنفذ اتفاقك، خلال عشرة أيام من الآن أُريدك أن تُجزِّأ آلتك إلي عشرين جزء، لأن الممر لغرفة التشغيل ضيق وصغير ولن تقدر علي إدخال الآلة متجمعة، وأيضاً قُل لتلميذك النجيب أن يودع صديقه عابد قبل أن نتخلص منه، طاب مساءك وإلي اللقاء...
- انتظر من ستقتلونه ولماذا!؟
لم أسمع إلا انغلاق الإتصال،
- ألو......ألو.......رد علياا!
امتلئ عقلي بالتساؤلات حتي لم يغفل لي جفنٌ هذه الليلة، ذهبت للجامعة في الصباح ولم أجد طاهر!
سالت عليه زملائه قالوا أنه لم يحضر اليوم وهذه علي غير المعتاد فهو يحضر يومياً ولم يفوت يوماً ازداد قلقي عليه وحيرتي جعلوني انطلق بسيارتي علي بيته تاركاً المحاضرة والجامعة، وبدأت السيناريوهات السوداء ترتسم في مخيلتي مثل، هل قتله أعضاء المنظمة؟.....هل اختطفوه وعذبوه ليعرفوا طريقة تشغيل الهرم؟
ظلت هذه الخيالات تروادني حتي وصلت علي بيته، فرأيت صرادق مقام أمام منزله هنا تأكدت أنهم فعلوها.
نزلت من سيارتي متجهاً نحوه ولكن تفاجئت مما رأيت!
وقفت أمامه مذهولا
- طاهر! انت لسه عايش!؟
وضممته قبل أن يرد عليّ حتي وأخذته بعيداً عن الناس لأعرف كل ما حدث.
- أي إلي حصل يا طاهر، ملقيتكش انهاردة في الكلية وقلقت عليك.
- أنا كويس يا دكتور معلش بس حصلت ظروف منعتني إني أجي.
-أي إلي حصل وعزا مين ده؟
- هحكيلك يا دكتور.
الصبح وأنا جاي الكلية لقيت أبو عابد زميلي بيقول:
- عابد مش لاقيينه من امبارح هو بايت عندك؟
قولتله:
- لا يا عمي أنا مشوفتوش من لما كنا سوا امبارح، هو مرجعش علي البيت، قالي:
- لأ مرجعش وتليفونه مقفول، عشان خاطري يا ابني لو شوفته أو عرفت مكانه فين تعرفني، لأحسن أمه هتتجنن من امبارح ومداقتش النوم لحظة من امبارح قولتله:
- حاضر يا عمي أول ما أعرف عنه حاجى هبلغك. وقفلت معاه وبدأت أدور عليه في كل حتة واسأل صحابنا محدش يعرف، بدأت أدور في كل أقسام الشرطة والمستشفيات وبرضو مفيش حاجة لعند ما لقيت تليفوني بيرن ولقيت رقم عابد رديت بسرعه لقيت حد بيقول:
- صاحب التليفون ده عمل حادثة ومات والاسعاف رايحه بيه علي مشرحة زينهم بالقصر العيني عشان الطبيب الشرعي يكشف عليه. قلتله:
- إزاي وأمته ده حصل؟! قال:
- لسه الحادثة مكتشفينها من ساعتين بلغ أهلة يحصلونا علي هناك.
مرضيتش افزعهم أكتر ما هم مفزوعين، وروحت بنفسي الأول علي المشرحة ولحسن الحظ كنت أنا وقتها في مستشفى القصر العيني بسأل هل هو هناك ولا لأ، فضلت مستني الإسعاف يجي وأول ما باب العربية اتفتح شوفت منظر عمري ما هنساه، لقيتهم شايلين نصة إلي فوق علي الترولي الي مليان دم، والنص إلي تحت متعبي في شنطة، أنا أُغْمَي عليا من بشاعة المنظر ومدريتش بنفسي غير والناس بيفوقوني، قولتلهم:
- عابد فين .... عابد فين .... أنا عاوز أشوفو دلوقتي. قالوا:
- مش هتقدر تشوفو، الدكتور جوه وأول ما يخلص تشرييح هيطلع تصريح الدفن ليه، وكلم أهله يجو ياما تجيب رقمهم وأحنا نكلمهم.
اديتهم الرقم ودخلت للدكتور بعد ما خلص وسألته عن سبب الوفاة، قال:
- دهس بواسطة عربية نقل تقيل عدت علي نصفه السفلي وفرمته والجمجمة فيها شرخ كبير من الصدمة بالأرض ولما عملنا تحليل لقينا نسبة كحول كبيرة في المخ والدم وده يؤكد إنه كان تحت تأثير الكحول قولي هو كان بيشرب قبل كده ولا دي أول مرة قولتله:
- لأ يا دكتور هو مبيطيقش حتي ريحة السجاير هيشرب خمرة إزاي؟
- خلاص إحنا خلصنا شغلنا تقدرو تستلموا الحثة عشان تدفنوها، هتروح أخر الطرقة يمين عند غرفة الغُسل هتدي الورقة دي لعم شعبان الحانوتي هو بيكفن في الجثة دلوقتي وزمانه خلص وهيسلمك الجثة، تقدر تتفضل دلوقتي.
مشيت في الطرقة والجثث حواليا علي السراير من الجنبين، الدم مالي كل حتة وحاجة تشيب أي حد، وأول ما وصلت لقيته مربوط نصه الي تحت في قماشة الكفن وملفوف علي بعضه، والنص إلي فوق لوحدو ورجع لمهم مع بعض بقماشة تانية كبيرة، أنا من المنظر مكنتش قادر أقف، رجلي مكانتش شايلاني، كلمت أبوه وأخوه يجو عشان يشيلو الجثة ومشينا دفناه في المقابر وكل واحد رجع لبيته وأنا جيت أخد عزاه بنفسي جنب أهله، بس في حاجة غريبة شفتها في جسمه.
قلت له متسائلاً:
- شوفت أي غريب في جسمه؟
- شوفت علامة الهرم الماسوني إلي فيه العين ومكتوب تحتها (عين الأول طـريق الثاني رأس الثالث).
تفاجئت مما سمعت وقلت له بغضب:
- أنت حكيت لعابد علي حاجة من إلي عرفتها.
ظل صامتاً متفاجئاً ثم قال:
- أنت عرفت إزاي إني حكيتله حاجة.
- يعني قولتله وخنت ثقتي فيك لي عملت كده، أهو عابد مات بسببك.
- مات بسببي إزاي فهمني!؟
حيكت له ما حدث لي ليلة أمس، ومكالمة رئيس المحفل لي، وكلمته دع تلميذك يودع صديقه عابد، ووجهه مليئ بمزيج الخوف والدهشة والعجب، وصرخ ف وجهي: -انت السبب ف موت أعز أصدقائي، كان أكتر من أخ ليا انت اللي دخلتني ف لعبه الكل بيطلع منها خسران.
- مش عايز اسمع منك ولا كلمه، أنا بقولك أهو معدتش تحكي لحد عن اللي حصل، ومش عاوز اعرف أنت حكيت لعابد أي، كفاية إلي حصل لعند كده وارتاح يومين كده عشان عندنا شغل كتير.
- حاضر.
تركته ورجعت للشقة لأبدأ في وضع خطتي القادمة التي لو فشل جزء منها سيحدث ما لم يحمد عقباه.
تركت هاتفي بالخارج مع غلقه طبعاً، وتغطية مايك وكاميرا الهاتف بشريط لاصق وكاميرا الحاسوب أيضاً.
علي ضوء المصباح المتدلي من السقف والغرفة الممتلئة جلست وأمسكت ورقة وقلم، وبدأت أكتب الخطة التي لم يعرف عنها أحد ولن يعرف، شرعت في كتابتها وهي ببساطة عبارة عن مكان في زمن معين حدث فيهما حدث معين وبجانبهما اسمهما بلغة الصفر والواحد حتي يسهل عليَّ إضافتهما لنظام تشغيل الآلة، واخذت حاسوبي وبدأت في إدخال البيانات في نظام التشغيل وبرمجة الخوارزميات الخاصة بميكانيكية العمل التي ستتحكم بمقدار الطاقة اللازم لنقلي للمدة التي اريدها فأنا صممتها لتنقلني للماضي وليس للمستقبل.

YOU ARE READING
الزمكان
Fiksi Ilmiahدكتور بكلية العلوم جامعة القاهرة مجنون ومولع بنيكولا تيسلا والبرت أينشتاين ومن ولعه مزج اكتشافاتهما لصنع آلة زمن تنقله للماضي والحاضر والمستقبل في لمح البصر ولكن ماذا يمكنه فعله وهل سيتركه عمالقة الكوكب ينعم بهذا الاكتشاف هذا ما سنعرفه