-13- عودة غير حميدة

105 17 114
                                    

سحبت آيرا كتاباً جديداً وأضافته للدستة التي جمعتها خلال الثلاثين دقيقة الماضية، احتاجت لبعض المراجع من أجل الدراسة لاختباراتها التي فوتتها ولم تتوقع أن يجلب أكثر من عنوان بصرها، تخوفت من أن يكون كل مرجع قد أغفل نقاطاً مهمة ذكرها الآخر فوجدت نفسها تأخذ أكثر من ثلاثة كتب لكل مادة توجب عليها النجاح بها من كل بد.

حملت السلة الثقيلة بكلتا يديها وتعثرت بها نحو مكتب أمينة المكتبة التي كانت كالعادة تستمتع بكوب ضخم من القهوة وتقرأ رواية غير مألوفة جعلتها تعبس بشدة.
"رباه، ما كل هذا يا فتاة!؟"
وضعت الأمينة التأشيرة في كتابها وشاهدت آيرا تقوم برصف الكتب أمامها.
"طالب متأخر عن الركب."
اعترفت آيرا بشيء من الحرج، لم تعتقد بأنها ستكون كذلك يوماً. كانت تتكاسل من فترة لفترة لكن ليس لذلك الحد الذي تركها على مشارف إعادة السنة، لن تستغرب إن رسبت الآن فلم تكن في مزاج لفتح الكتب ولم تمتلك النية للعودة للمدرسة حتى مؤخراً.

ظنت بأنها ستستمع لمحاضرة حياتية من أمينة المكتبة لكن روح السيدة كانت رياضية أكثر مما تصورت عندما ابتسمت لها وقالت بود:
"لا أعتبر طالباً يجمع كل هذه المراجع والمقالات متأخراً عن الركب أبداً، ربما ينتهي بك الأمر بمعارف لا يدركها المدرسون حتى."
الأمينة غمزتها أما آيرا المدهوشة قررت أخيراً قراءة الاسم على بطاقة التعريف.
"شكراً على تشجيعك سيدة بروان."
نبست بامتنان حقيقي، لم تعتقد أن تلك المرأة التي وصلت منتصف الخمسينيات تمتلك ظلاً خفيفة، ظنتها شديدة من خلف تلك النظارات السميكة والكعكة المرتبة بدقة.

نهضت بروان وهي تدلك ظهرها بقبضتها عدة مرات، تبحث بعينيها عن جهاز المسح لتقوم بتسجيل الكتب وما إلى ذلك.
"يبدو أن ورق الاستمارات قد نفذ..."
سمعت السيدة تغمغم ببعض الكلمات من خلف المكتب، بدت في حيرة جعلت آيرا تسأل:
"أتبحثين عن شيء ما؟ قد أستطيع المساعدة."
براون حدقت بالشابة أمامها للحظات قبل أن ترفع سبابتها في الهواء وكأنها تذكرت أمراً.
"تستطيعين، مخزن اللوازم المكتبية يقبع على الجهة الأخرى من المبنى المدرسي..."

"أعرفه..."
غمغمت آيرا جاعلة بروان تبحث بين الأوراق المبعثرة على مكتبها بجد أكبر.

"لا أقصد إتعابكِ معي لكن هلا قمت بجلب الأشياء المدونة على هذه الوريقة ريثما أقوم بملئ إيصال الكتب المستعارة؟"
طلبت بروان ببعض الحرج أما آيرا فتناولت الوريقة قارئة عن حاجتهم لبعض الشريط اللاصق والأوراق الخاصة، لم تكن أشياء غريبة عنها.
"بالطبع، أنا في فترة راحة على أية حال."
أجابت ببشاشة.

"شكراً مقدماً."
مسحت براون نظاراتها أما آيرا فوثبت نحو الباب ملوحة.
"لا شكر على واجب."

حدقت آيرا بالوريقة بين أناملها عندما كانت تقف أمام معبر المشاة، عمل أمينة المكتبة يبدو ممتعاً وسهل، ربما يجب أن تسعى لمثله مستقبلاً فالهدوء والوحدة يناسبانها مؤخراً كثيراً.

زّمـرّد: الشفـق المغتـربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن