الفصل3. «مشاعر..مبعثرة!!»

114 41 76
                                    

هرعت إلى أمها تستنجدها و الفزع قد مزق أوتار قلبها، لكن بؤبؤ عينيها تقلص واهتزت الأرض من تحتها حين رأت أمها جثة هامدة راقدة على بركة دمائها القرمزية، و في يمناها سكين تلطخ بذلك اللون الأحمر، "كابوس آخر؟!" هذا ما تساءلت به في تلك اللحظات المأساوية، و بدون وعي أطلقت صرخة تصدعت منها جدران المنزل كأنّ قلبها يفرغ ألمه بكل ما يستطيع فهذا لا يحتمل، بعد أن اخترقت تلك الصرخة آذان أحمد وخالد لم يشعرا إلا وبأقدامهما تركض لداخل المنزل، ما شدّا انتباه أحمد عند دخوله مباشرة سائل أحمر يتسرب من داخل المطبخ مشكلا خيطا رقيقا، لم يرد أن يفكر لحظتها بأيّ شيئ فالقصة واضحة، سار ببطئ وعيناه تترقب كل شيئ حوله بخوف، لم تكف نبضاته عن التوقف لثانية واحدة، أخيرا وقف مقابلا مدخل المطبخ متجمدا في مكانه كأنه تمثال حجري، لم يدر ما يفعل أيصرخ؟! أيركض؟! أينهار؟!! سار بخطوات متثاقلة نحو سلوى التي كانت ملقية على الدماء بجانب أمها المطعونة في صدرها، أخذ يهزها بيديه المرتعشتين لكن صوته يأبى الخروج من حلقه الجاف، أما خالد فكان واقفا بجانب والده يحدق فيه بعينين مصدومتين محاولا استيعاب المشهد في عقله.

-بصوت متهدج محاولا إيقاظ والده:" أبي...أبي أتسمعني؟!"(وگأنه استوعب شيئا)" الإسعاف ...الإسعاف!"

أخرج هاتفه من جيبه وبالكاد اتصل بالإسعاف بسبب أصابعه التي تأبى الخضوع له جراء ارتعاشهما، يالها من مهزلة من قال أنه سيتصل بالإسعاف يوما وهو الذي حين كان صغيرا يحفظ رقمهم كي يستهزأ بهم، كانت طفولة مشاكسة هذا ماكان يدور في ذهنه قبل أن يتم الرد عليه، رغم أن الكلمات لم تساعفه إلا أنه استطاع توضيح الأمر، ولوهلة تذكر أمه وسلوى، هرول إلى المطبخ بكل ما يستطيع فأطرافه كانت مخدرة تماما، و كانت الصدمة الأكبر من صدمة والده، مشهد مروع ودموي فاق الوصف ، كان أحمد جالسا على ركبتيه حاملا سلوى بين يديه اللتان تقطران دما ينظر إليها بعيون تخلو من الحياة، رفعهما نحو خالد الذي كان واقفا بصعوبة ممسكا بصدره وكأن الألم مزق قلبه تمزيقا ولم يترك منه غير نبضاته المتسارعة.

-بعيون دامعة وجاحظة:" أمي...ماتت...أتسمعني!!..أنا...أنا..لا...هذا كان..بسببي__"

-خالد ضاربا الباب بلكمة قوية صارخا:" اخرس ولا تزيدني همك!!..بينما تبكي هكذا لنحاول معرفة ما حدث أيها الأحمق البكاء!!"

تبكم أحمد تماما ولم ينبت ببنت شفة، خفض رأسه بهدوء ضاما سلوى إليه بوجهها الشاحب، توجه خالد إليها وأخذ يتفقد نبضات قلبها.

-مشمرا على مرفقيه بوجه مرهق:" يبدو أنها فقدت وعيها جراء الصدمة..لكن كيف حدث كل هذا؟!"

-بصوت يتخلله الألم:" ماذا...عن أبي؟!"

-خالد مطلقا نفسا عميقا يحمل معه حزنا:" حالته سيئة..لم أتأكد من...(أزاح بوجهه بيأس)..اتصلت بالإسعاف من المؤكد أن الشرطة ستكون هنا قريبا أيضا."

 مفتاح الصندوق الأسود Black box keyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن