الجزء الثالث

40 4 0
                                    

أم النساك: لقد وافقت أن تبقى وأصبحت غريبا في أرض النساك
فكبر النساك وتحمدوا لطارق على سلامته وهنأوه بعدها عاد طارق للبيت مرهقا متعبا فقد سمحت له أم النساك أن يبقى في ضيافتها.خلع ثوب أيوب ونعله وإستلقى على فراشه ليغط في نوم عميق.
إستيقظ بعد عدة ساعات ليجد الظلام حالك فبدأ يتحسس طريقه ويتخبط: إيه ده مين إللي طفا النور إنتوا ياناس النور قاطع ليتلمس حتى وصل إلى الباب وقبل فتحه إكتشف أنه عارى فعاد يتخبط ويتحسس حتى وجد الثوب فلبسه وعاد وفتح الباب لكن الشوارع مظلمه والبيوت هادئه ولكن من حسن حظه أن دار ضيافه النساك ملاصقه لبيت أم النساك فنادى عليها بصوت عالي: ياأم النساك إنتى فين نايمه وسايبه الدنيا ضلمه.
بعد لحظات فتحت الباب أم النساك وورائها خادمتها.
أم النساك: ما الأمر لماذا تصرخ يا غريب ؟.
طارق: قلت لك إسمى طارق وبعدين الدنيا ضلمه ليه طفيين النور.
أم النساك: هناك مشعل فى الدار لما لم تضيئه
طارق: مشعل إيه مفيش زر النور والدنيا كحل جوه.
فنظرت لخادمتها.: إذهبى فإملئي مشعله بالزيت وأنيرى له الدار.
طارق: مشعل إيه هو مفيش كهرباء.
أم النساك: أى كهرباء
طارق: قشطه يعنى لا فيه نور ولاكهربا ولا تلفزيون ولا تكييف ولا حاجه صح.ده هيبقى مرار طافح
عادت الخادمة بعد قليل.لتقول لها أم النساك قدمى للغريب الطعام فلعله جائع لتدخل أم النساك تاركه طارق وحده لتعود الخادمة ومعها طبق فخاري.
فسألها طارق: إيه ده
الخادمه: جريش الشعير مطهو بالمرق.
طارق بتأفف: هو معندكوش حاجة تتفهم ده كنتاكي له الجنه.(( فوقفت الخادمه تسمعه بغير فهم))
ليسألها: هو إللي يحب يسهر عندكو يسهر فين ؟.
الخادمه: يتسامر الرجال في خيمة عبد الرحمن فإذهب لهم أوإبحث لنفسك عن رفيق.
طارق: وأنا هروح لهم إزاي طب ماتندهى لأم النساك ونسهر سوا.
الخادمه: أفقدتك الشمس عقلك.سأتيك بمنقوع الأعشاب علك تبرء.
طارق بإندفاع: لا لا لامنقوع إيه حرام عليكي خلاص كفاية عليا الأكل الغريب ده
لترحل الخادمه ويقول طارق للطعام: مفيش قدامى غيرك أنا وإنت والليل طويل.
وقد كان الليل طويل جدا لم يعرف كيف يقضيه ليل بلا موبايل ولاتلفزيون ولا خروج ولا سهرات والدنيا هادئة والليل سكون والوقت بطيئ ممل والكارثة الكبري حينما نفد الزيت وإنطفأ المشعل ليجد نفسه في ظلمه حالكه حتى أنقذه الله أخيرا بالنوم ليصحو في اليوم التالى على صوت طرق على الباب فعرف أنها الخادمه أحضرت له الافطار فقام متكاسلا ليفتح لها ويقول وعيونه مغلقة: خشى وحطى الأكل بسرعه عشان عايز أرجع أنام لينتبه لصوت غليظ: إفتقدناك في صلاة الفجر يا غريب.
لينتفض بسرعه ويفتح عينيه ليرى عدد خمس رجال ضخام الجثة لهم عيون سوداء يرتدون أثواب صوفيه زرقاء وبيضاء.
لينظر لهم بدهشه: فيه حاجه
ليقول أطولهم بصوت غليظ: إفتقدناك في فجر اليوم ولم نراك أمس في المغرب والعشاء فأتينا نطمئن.لعله خير
فيقول بصوت مهزوز: أنا كويس الحمد لله
فيقول الأخر: إذا لما لم نراك في المسجد.
فيقول بخوف: أصلى يعنى أصلى صليت هنا في البيت.
فيقول الرجل مستنكرا: تصلى في البيت كالنساء.
فيرد الأخر: إنتظر عبد الرحمن وإهدأ.(( ثم وجه كلامه لطارق)) يا غريب لا يصلى الرجال في المنازل إلا إن كان مريضاً أو في النوافل غير ذلك فصلاتنا في المساجد.
فيقول طارق في نفسه:(( كل ده عشان قلتلهم صليت في البيت هيعملوا فيا إيه لو عرفوا إنى مابركعهاش ومش بصلى أكيد هيقيموا عليا الحد)).
لينظر لهم بخوف ويقول: خلاص خلاص والله هصلى ومش هتأخر.
لينظر له رجل سمح الوجه ويري الخوف في عيونه فيقول: إهدء بنى ولا تخف ربما لأنك لا تعرف مكان المسجد.
لينظر طارق للرجل وكأنه حبل النجاة : أيوه صح مش عارفه.
ليبتسم الرجل بلطف ويقول: إذا أستأذنك أن أكون أنيسك وأمر عليك للصلاة.
طارق: على راسى تشرفنى.
ليخرج الرجال ويتنفس طارق الصعداء وبعدها بلحظة يسمع طرق جديد على الباب ليقول: إيه الرعب ده من أول يوم ده أنا هموت قبل ما أكمل أسبوع .
ليفتح الباب ويجد أم النساك ووراءها الخادمه تحمل الطعام فيبتسم ويقول بسعادة: أهلا أهلا جيتى في وقتك إتفضلى.
فأشارت أم النساك للخادمه لتدخل الطعام ثم قالت: أيها الغريب عبد الرحمن يطلبك فاذهب إليه.
طارق بدهشة: عبد الرحمن مين ؟ وعايز منى إيه ؟
أم النساك: إذهب لمسجد النساك وستجده هناك.
طارق: مش فاهم أرحلوا فين وليه متفهمينى.
أم النساك: إن كنت لا تعرف الطريق فإتبعنى أدلك عليه أو إنتظر ميساء.
طارق: لا ميساء مين أنا هاجى معاكى.
أم النساك: وطعامك.
طارق: مش مهم أكل بعدين ليسير بجوارها لتقول: يا هذا إما أن تسبق أو تتأخر عنى.
فيقول: خلاص إتفضلى وأنا وراكى بس بصراحه فيه حاجات كتيرة نفسى أعرفها عنك يعنى مثلا إنتى إسمك الحقيقي إيه أصل أم النساك ده تقيل اوي ومش لايق عليكي وكمان إنتى تبقى كبيرة البلد يعنى العمده مثلا.طيب لو إنتى العمده إزاى الناس رضيت تحكمهم واحدة ست هو مفيش رجاله (( لتستدير له وتنظر له بحده)) ليتراجع باعتذار
مقصدش بس يعنى إللي أدك في بلدنا كل همها اللبس والمكياج وإزاى توقع العريس لكن إنتى...
تقاطعه: صه يا غريب صه (( ثم أشارت)) هذا المسجد فإسأل عن عبد الرحمن.ثم تركته.
فيقول: تنكه أوى بس مزه جامده بنت اللذينا ليستدير فيجده الرجل الضخم ذو الوجه القاسى فيرتعب منه خوفا أن يكون سمعه وخوفا من نظراته الحاده.
ليقول له الرجل: تعال يا غريب أحتاجك معى كى نلقح النخلات.
طارق بصوت عالي: نعم.
فينظر له عبد الرحمن بشدة فيتراجع طارق ويقول بصوت مهزوز: حاضر هاجى.
بعد صلاة العصر
عاد طارق وهو يجر قدميه من شدة التعب أما وجهه كان أحمر قانى من الشمس والغيظ ليضرب باب أم النساك بشدة لتفتح له الخادمه ويصرخ في وجهها: فين ستك فين أم النساك.
ميساء: ماذا تقصد بستى ؟ ثم أم النساك في الساحه الكبيرة فاليوم سنكرم خمس.
طارق: يعنى إيه ؟
ميساء: نادى المنادي أننا سنكرم خمس اليوم وأم النساك ستحاججهم مع الحكماء ألن تأتى.
طارق: أنا مش فاهم حاجه بس لو هتروحى خدينى معاكى.
ليسيرا معا حتى وصلوا إلى منطقة واسعة كبيرة وكل الرجال مجتمعين في جهة وكل النساء في الجهة المقابلة والحكماء الأربعه يتصدرون الجلسه وأمامهم خمسة أطفال بين العاشرة والثانية عشر.ثلاث صبيه وفتاتان.
أما أم النساك فتتصدر مجلس النساء بملابسها السوداء المميزة فهى الوحيدة التي ترتدي الأسود أما باقي النساء فملابسهن بين الأبيض والأخضر واللبنى.
فيقول الحكيم: أسمعنى أيها الصغير من قوله تعالى:((إذ أوحينا إلى أمك ما يوحي (٣٨) أن إقذفيه في التابوت)) فيرتل الصغير بقراءة صحيحة وصوت جميل (( فإقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لى وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني......))وأستمر الصغير يكمل لينتقل لحكيم أخر يسأله والصغير يجيب ويسمع القرآن حتى أجازه الشيخ فإرتفع صوت النساك بالتسبيح والتهليل.لينتقلواإلى صبى أخر حتى فرغوا من الصغار لتقوم أم النساك من مكانها وبدأت في سؤال الصغار والصغار يجيبون عليها وبعدها أعطتهم نظرة رضا عنهم لتقول أنتم عز النساك وفخرهم ليهلل الرجال وتكبر النساء فهذه إشارة إجتيازهم الاختبار لكن أم النساك نظرت لصبية في العاشرة لتبادلها الصغيرة نظره واثقه فتقول أم النساك: قالوا عنك درة الحفاظ وفخرهم.
فترد الصغيرة: قالوا وصدقوا.
فتبتسم أم النساك فقد أعجبها رد الصغيرة وثقتها بنفسها.فقالت أم النساك: إذا ياصغيرة أسئلك
قولي ما تعرفى عن (( الكلالة))
فقالت الصغيرة: (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن إمرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك..........)) فقالت أم النساك: أحسنتى فقولى لى ماقيل عن القواعد من النساء.فتقول الصغيرة (( والقواعد من النساء التي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات لزينه. وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم))
فتتسع إبتسامة أم النساك وقالت: كم تحفظين من أقوال رسولنا الكريم.
فأجابت الصغيرة: أحفظ عشرة ألاف حديث.
فتقول أم النساك: فقط زيدى ولا تتكاسلى وأسمعينى ما قاله رسولنا الكريم عن الصلاه.
فقالت الصغيرة : عن أبى موسى الاشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( من صلى البردين دخل الجنة)) .
قالت أم النساك: صدق رسولنا الكريم زيدى وأسمعينى
فقالت الصغيرة: عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( الملائكة تصلى على أحدكم مادام في مصلاه الذي صلى فيه مالم يحدث تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه))
فاتسعت إبتسامة أم النساك وقالت: أكثري فقد إستأنست لحديثك فزيدى وأسمعينى.(( لم تعلم أم النساك بأن بين الحضور غريب بعيون خضراء مفتون من جمال إبتسامتها فهذه أول مرة يرى فيها أم النساك تبتسم))
وهكذا إستمرت أم النساك تسأل وتجببها الصغيرة ثم قالت: أيها اللحام إنحر أربعة خراف كبار إكراماً لعزتنا من حفظة كتاب الله وإذبح الشيهانه إكراماً لدرة النساك وفخرهم.لتجري الصغيرة تحتضن أم النساك.
فسأل طارق من بجواره: إيه هيا الشيهانه دى
فأجابه الرجل: ناقة أم النساك المفضلة والعزيزة عليها قالت أم النساك: يا حفظة كتاب الله وعزهم دوروا بين النساك وأطعموهم بأيديكم فوالله لن نذل أبداً ما دمتم بيننا.
ثم خرجت من حلقة الإكرام وقبل أن ترحل قالت لرجل: أطعم الغريب من كبد الشيهانه.
فقال له الرجل: أحسدك أيها الغريب أثرتك علينا أم النساك بكبد الشيهانه.
فإبتسم طارق بثقه وقال في نفسه: تبقى بدأت تميل كلها شويه وتقع ويبقى هنيالك يا طارق لو وقعت عمدة البلد وكبيرتهم.هتبقى البلد كلها تحت إيدى.

أم النساك ((عاشق في أرض العابدين))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن