Part 17

49 6 0
                                    


وقعت هذه الكلمات على قلبي كما الصاعقة، كأن أحدًا سكب دلوًا من الماء المثلج على رأسي.. أرجو أن تكون هذه مزحةً سخيفة، أو هلوسةً من نسج خيالي المريض
التقطتُ أنفاسي بصعوبة وسألته بصوتٍ متقطع وأنا أخشى سماع الإجابة.. " ماذا.. ماذا تقصد "

تنهد تنهيدة مازال صداها يتردد في أذني، وأجابني تلك الإجابة الملعونة
" سأخبرك، مع أنني على يقينٍ تام أن موتي سيكون في هذه الإجابة لكنني لا أستطيع تحمل رؤيتك بهذا الحال، لا أريدك أن تقضي عمرك وأنت تظلم نفسك بهذه القسوة.. ولا أريدُ أن تُدفن كلمات مينهو معه..
مينهو.. لم يقتل نفسه.. لا أدري لماذا قال أهله هذا، ربما خافوا؟ أو ارادوا تجنب تحقيق الشرطة..
لقد كان مينهو آخر ضحاياي البشرية، آخر شخصٍ شربت من دمه وبعدها أقسمتُ ألا يدخل هذا الجسد قطرة دم بشرية ولو كانت حياتي هي الثمن، لقد جعلني أدرك ما معنى أن يكون لك شخصٌ تحبه، جعلني أدرك معنى الندم لأول مرة في حياتي "

نفد صبري من كلامه الطويل، " اخبرني حالًا ما الذي فعتله به!! " صحتُ فيه بصوتٍ عالي كاد يوقظ الشارع بأسره
وياله من سؤال غبي.. إنه مصاص دماء ماذا عساه فعل!

نظر إلي بخوف من نبرة صوتي الحادة التي سمعها لأول مرة، عض على شفته السفلية وأكمل حديثه
" كانت ليلة انتصاف القمر، الليلةُ المناسبة لينطلق مصاص الدماء باحثًا عن وجبته الجديدة.. وجبة هذا اليوم كانت ذلك الفتي الوسيم ذو الشعر البنفسجي المميز، كان يحملُ معه باقةَ ورود لها نفس لون شعره.
اقتربت منه بهدوء وأحكمتُ أنيابي على رقبته من الخلف، لم يصدر أي صوت! لم يحاول أن يصرخ حتى، كل ما فعله هو أنه أحكم قبضته على باقة الزهور وانهار على الأرض عندما خارت قواه "

في العادة، لا ألتفت لضحيتي في لحظاتها الأخيرة، كل ما ستفعله هو التأوه ومحاولة الصراخ لطلب النجدة
لكنه لم يفعل ذلك، عندما نظرت إليه وجدت عينَه مسلطةً على الزهور التي تناثرت حوله والدموع فاضت من عينيه، بدأ يهمهم بكلمات لم اسمعها جيدًا فاقتربت منه، لقد كان ينادي باسمك.. هيون هيون.. ظل يردد اسمك مرارًا وتكرارًا مع كل قطرة دم تسيل منه
أعرف أن البشر يقعون في الحب، لكنني لم أحظى بفرصةٍ لمعرفة معنى هذه الكلمة، ما معنى أن تحب شخصًا أو يحبك شخص، لكنني في ذلك اليوم فهمت، أن تكون على مشارف الموت وكل ما تفكر فيه هو رؤية وجه حبيبك، اهتزت كل ذرةٍ في كياني لوقع صوته المتقطع المهدود وهو ينادي الشخص الذي يحبه ويمسك الأزهار التي أراد أن يقدمها لها
حاولت.. حاولت جاهدًا أن أُسعفه
كانت هذه اول مرة أخاطر بأن يبقى أحد من ضحاياي على قيد الحياة، لكنني أردته أن يعودَ للشخص الذي أحبه حقًا
ضغطتُ على رقبته محاولا إيقاف نزيفه، ليحتفظ على الأقل بقطراتِ دم تبقيه على قيد الحياة
أمسك يدي بيده المرتجفة وقال بصوتٍ قد أقبل عليه الموت " هيون، لا تأتي إلى هنا "
=" هل كنت في انتظار أحدٍ "
" لا تؤذه، لا تؤذه أرجوك"

بدٱت دموعه تنهمر أكثر، وصوت الحشرجة يتعالي ليُحيطه شبح الموت
" أ.. أبعدني من هنا.. لا أريد... لا أريده أن يرى الدماء.. كان يريد الشروق"
لم افهمه تمامًا لكنني هنا بدأت أدرك أنني حطمت موعدًا غراميًا، ولسبب ما لم أستطع أن أتجاهل رغبته المُلحة في إبعاده عن هنا فلبيتُ له طلبه
لم تمر اكثر من دقيقة على ما أذكر حتى لفظ آخر أنفاسه بين يدي وهو يرتجف بالكامل، وتنغلقُ عيناه رويدًا، وكل ما قاله في سكرات موته " هيون، حبيبي... الشروق "

منذ ذلك اليوم عاهدت نفسي ألا ألمس بشريًا، إن كان ثمنَ الدماء هو تحطيمُ مشاعر كهذه فليكُن الموت مصيري أفضل.
لم أرَّ نفسي بعدها سوى وحشٍ مقزز، لم يجد الحب في حياته فصمم على جعل الجميع يحيا معاناته، ابتعدتُ عن كل الأمكان المزدحمة لأحجم على نفسي، حتى التقيتُك
حين خططت بريشتك أول قمر، وحين التقت عيناك بعيني، كنت الوحيد الذي أنس وحشة هذا اللعين
هيوني.. لا تكرهني أرجوك، كرهك يعني نهاية الحياة بالنسبة لي، وأنا أعني ذلك حقًا! صدقني أن ..

رفع عينه لينظر إلي، ولا أدري ما التعابير التي  ارتسمت على وجهي حينها
" هـ .. هيوني!! هيونجين! قل شيئًا ارجوك!
يمكنك أن تلقي علي أفظع السباب، أنا استحق، اضربني حتى الموت إن أردت، لكن لا تكن بهذا الشكل أرجوك! "

يُتبع..

bloody moon Where stories live. Discover now