وَ ركضتُ إلى السماءِ

494 66 55
                                    

30 أغسطس 2019
يَوم التَدرِيبُ النِهائِي
22:10

مُنتَصفُ الليلُ يَقتَرِب، وَ مَضت تِلك الأيَامُ المُنصَرِمة بَعدُ لِقائِي بِه بِزَوبَعةٍ لَم تَجِد طَريقًا لَها لِتهدَأ، بَقِيتُ مُلازِمًا لِقوقَعتي، أتَدربُ فِي غُرفة الفُندق الخاصَةِ بِي، وَ أذهَبُ قَبلُ الشُروقِ لأركُضَ مَسافاتٍ طَوِيلة..

أنا عِشتُ هَكذا أعوامِي العِشرُون التِي مَضت، أتدربُ وَ أدرُسُ بِشدة، لأجلُ أنّ أكُون مُلائِمًا لأغدُو رائِدَ فضاء..

كَانَ يَجدُرُ بِي أنّ أذهَب للمَقر حَيثُ جَمِيعُ مَن سَيُشارِكُ فِي الرِحلة يَتدربُون سَويًا لَكِنني لَم أُرد بَتاتًا أنّ أواجِهَهُ، لَم أُرِد أنّ يَستَقِرُ بَصرِي عَلى بَدَنِه، لأننِي عَلمِتُ بأنّ شيءٌ ما بِي سَوفَ يَسقُط، وَ أنّ أرضي الثابِتة سوفَ تتَزعزَع..

لِذا أمَضيتُ كُلُ وَقتِي اليَوم أُجهِزُ نَفسِي مِن ناحِيةٍ نَفسية، لا بُد أنّ الأمرَ صَعبٌ عليهِ أيضًا بِقَدرِ ما هُو صَعبٌ عليّ، لَنّ أتصَرف بِشكلٍ أحمق، عليّ أنّ أكون مُحتَرِفًا

تَوقَفت السَيارةُ أمَام المَقر، مِمَا أعرِفُه بأنّ الجَمِيع أنهوا تَدرِيبَهُم، يَجدُر بِغُرفة التَدرِيب بأنّ تَكون خَاوِية..

تَرجلتُ مِن السَيارَة وَ حدقتُ فِي المَبنى الشاهِقُ أمامِي، رِياحٌ لَطيفة استَمرت فِي الرَقصُ على أنحَاءُ وَجهِي، شَعرِي يَرتَفِعُ عن جَبِيني.. يَالهُ مِن شُعورٍ جَمِيل..

ابتَسمتُ بِسِعة، تَحركَ جَسدِي للدَاخِل، أعطَانِي ماكسوِيل بِطَاقةُ تَصرِيحٍ لِي، كَما أُعطِي لِجميعُ الرُواد..

"سَيد كِيم تايهِيونق.. مَرحبًا.. إنهُ لَمدعاةٌ للسَعد أنّ أظفِرَ بِلِقاؤك أخِيرًا! أُدعى دَيڤ لُومينارِي.. مِن المُفتّرض أنّ أكُون المُشرِف على تَدرِيبُك.."

شَعرتُ بِنوعٍ مِن الحَرج حِينما أفصَح لِي عَن غَرض وُجودِه.. انحَنيتُ أُحييه.. لا أَملِكُ ذَرِيعةً ألتَمِسُ بِها عَفُوه، فَتَخلُفِي عن الحُضور كَانَ أمرًا شَخصيًا، وَ أولُ كُلِ شيء.. طُفوليٌ بَحت!

"مَرحبًا بِكَ أيضًا سَيد دَيڤ.. أعتَذِرُ بِصدقٍ عن تخلُفي عن الحُضور، دَعني أؤكِد لَكَ أننِي تَدربتُ كُلَّ يَومٍ وَ لم أتَخلف عن مُواكَبةُ الجَمِيع.. أتَمنى أنّ تلتَمِسَ لِي عُذرًا"

ارتَفعتُ مِن انحِنائي وَ نَظرتُ لِوجههِ فَوجَدتُ الدَمعُ يتَراكَضُ على وَجنَتيهِ، شَعرتُ بالفَزع.. أنا جَازمٌ بأنني لم أتَفوه بأيُّ أمرٍ يستدعِي البُكاء

اقتَرَبَ مِني، وَ أمسَك بِكَفايّ يَضُمَهُما إلى صَدرِه

"سَيد تايهِيونق.. أنتَ جَوهرة، الجَمِيعُ يُعامِلُني بِجفاءٍ هُنا، أُشكِكُ بِكونك بَشريٌّ الآن!"

كِنفُ الفَضاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن