II

77 10 145
                                    

بسم الله.
نُشِر 17/يوليو

.

تنصّف حديقة الرّبيع تلك منزل قديم، بضع من زقزقات العصافير الرّنّانة عند أعالي الشجرة العتيقة شديدة الاخضرار تهادَت فيما بعد العاشرة أثناء بزوغ الشمس بدفءٍ غير حارِق، إضافةً للنسيم اللانهائيّ في تلك البقعة الخالصة، دفع مموّجًا عشب الربيع غازيًا أرضها في جوٍّ ملائمٍ تمامًا لنزهة.

وقعَت تلك الشجرة عند هضبة مرتفعة لكن بعيدة عن نقاط مبانٍ أخرى، ليست بحديقةٍ عامّة إنما واحدة لمشفًى خاصّ يبعث هالة مُقيتة لساكنيه.
تكفّل سياج أسود مدبّب الأطراف ومزخرف الوسط بضمّ مبنيَين مُتباعدَين وقد تنصّفتهما الشجرة، وآخر ثالث أبعد عنهما.

وجهُ المكان الحقيقيّ يبرز في هذا الوقت: الربيع.

وفي الأسفل.. تلاحق صِبيان مُحدثون فوضًى لطيفة بين النجيل الذي يزداد طولًا مع الاقتراب من الشجرة، يتمسّك أحدهم بقميص الآخر للتضحية به بينما يتقافزون ويتعالى صراخهم كلّما أوشكت رهينة أن تُؤخذ، حتى تعثّر المطارِد لينقلب ضحكهم إلى شهقات.

جثا الصغير ببطء غير مستوعبٍ ولا متألِّمٍ من سقوطه، يتأملُ الآخرون وقوفه في توجُّس، مصيرهم القادم يتقرّر مع ردّة فعله. وها هو رأى الخدوش وشيئًا من الدّماء لطّخت كفّه، لينطلق صياحه.

عندها فقط حاوطوه باقترابهم وحديثهم العشوائيّ خوفًا من الآنسة لكَونه ببساطة مِن أصغرهم ذو الثامنة، لكن لا أحد يريد أن يكون مطارِدًا لسبع أنفار، فيُورّطونه!

حاولوا إسكاته وقد أبى إلا إسقاط دموعه، عندئذٍ خرجت بضع بناتٍ من مبنًى قريب، تصرخ إحداهنّ بضرورة الحضور لتناول الفطور كما طلبَت منها الآنسة، لولا رؤيتهنّ لتلك الجلبة ودخولهنّ في جدال أطفال مع الفتيان.

-قالت الآنسة أن تتوقفوا عن اللعب الهمجيّ!
لماذا لا تستمعون إليها؟
نولان صغير، كيف سيُطاردكم جميعًا؟!

-اصمتي وحاولي إسكاته معنا بدل ذلك!
إلهي.. سنُقتَل!

تحسّر أحدهم في وجه الآخر متخيّلًا عقابًا حقيقيًّا كحِرمانٍ من حلوى أو واجباتٍ إضافيّة أو حتى بتركهم في الميتم عند الرحلة القادمة!

ظهر من بين خصامهم فتًى بخصلاتٍ بندقيّة محمرّة، كان من أكبر الفتيان هناك وسيُتِمّ الثلاثة عشر بعد أسابيع أقِلّة. اقترب ممّن غرق في دموعه ليعاونه على الوقوف، وقتها على الفور تعلّق الصغير بثيابه كمَن آلفه، حتى رغم استشعار الآخر بمبالغته، بالنسبة له، هو من يجيد التعامل مع الأطفال، لديهم عالمهم وحرّيتهم الكاملة للتعبير، ليس بينما سيُحرَمون منها فيما بعد.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 3 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

The South That Inside Himحيث تعيش القصص. اكتشف الآن