الساحرة

لقاء

بعد ١٤ سنة...

تبعثرت خصلات شعره إثر الرياح الهائجة، فتنهد واستقام واقفاً يضع ما جمعه من النباتات في حقيبته الجلدية.

تمتم لنفسه بينما ينظر للأشجار التي تتحرك بقوة وكآنها ستسقط في أي لحظة: يبدو أن الجو سيكون عاصف اليوم...

حرك أقدامه باغياً الخروج من عمق الغابة، لكن أوقفه صوت حركة في الأرجاء، صوت سقوط جسد ما.

اتجه ناحية الصوت مطلقاً العنان لفضوله، ليلمح امرأة جالسة بتعب على الأرض تحاول إلتقاط أنفاسها، ثم انقبض صدره عندما لاحظ شعرها الفضي.

وفي مشهد بطيء وكأنما توقف الزمان، أدارت المرأة رأسها ناحية لوكاس، لتتوقف أنفاسه إثر لون عينيها الكهرماني.

تقاسيم الوجه تلك، لون شعرها وعينيها، ملامحها المذعورة، تفاصيل لن ينساها لوكاس أبداً.

إنها كارمن الساحرة!

أطلقت كارمن من يدها ضوءً غريباً مفاجئاً بغية الهرب لكنه سرعان ما تلاشى إثر تلاشي قوتها، ليتدراك لوكاس وضعه صارخاً: توقفي آنسة كارمن! أنا لن أؤذيك! أقسم بذلك!

هدأت كارمن إجباراً فلم يعد لديها القوة لتقاتل، ثم قالت للوكاس بعينين ممتلئة باليأس والصدمة لمعرفته بأحد اسمائها المزيفة: ما الذي تريده يا هذا؟!

قاطعها لوكاس قائلاً بتردد: أنا لوكاس.. جارك سابقاً، أتتذكريني؟

كان خائفاً من ردة فعلها عندما تعرف من هو، ولكنه كان فرحاً بإيجادها رغم ذلك، يريد أن يصحح خطأه رغم معرفته بأنه لم يخطئ، يريد أن يساعدها ليرتاح ضميره.

تفاجأت كارمن من هويته، فقد امتلكت ذاكرة قوية بسبب سحرها، تأملت في محياه قليلاً لتجد عينيه الزرقاء ذاتها وشعره الأسود الكثيف ذاته، عرفته فوراً لكنها اومأت بصمت ولم تعلق، ما زالت حذرة منه ولا تعرف ما إن كان بجانبها أو ضدها.

حين طال الصمت بينهما استجمع لوكاس شجاعته وتقدم منها عالماً بطريقة تفكير ساحرة هاربة: لا تقلقِ أنا لا أنوي أذيتك أو كشف هويتك لأحد، لن أخبر أحداً بأمرك أعدك.

احتدت نظراتها وادعت الشجاعة بقولها بجدية: وهل تظن أنني سأثق بك؟!

مد يده لها وابتسم قائلاً: يجب أن تثقِ بي.

صمتت قليلاً وقررت تجربة حظها العاثر مسبقاً بدلاً من إصلاحه، لذلك أمسكت بيده ليساعدها على الوقوف بينما تنظر خلفها كل دقيقة.

لاحظ لوكاس ذلك وقال متوتراً: ما بك؟!

عقدت حاجبيها بيأس وقالت منزعجة بينما تنظر للخلف: كنت أتدرب على العديد من التعاويذ السحرية واستنزفت الكثير من قوتي بسبب ذلك، وفجأة ظهر أمامي دب كبير لذلك ركضت إلى هنا، أخشى أنه ما زال قريباً.