سيإتي يوم على هذهِ الأمّة وتصبح فيه
الخيانة وجهة نظر..!!غسان كنفاني
هل مررت عليكَ لحظة وتخيلت فيها ان هنالك ملائكة حقيقية معنا على الأرض..؟!
انا فعلت...كانت نساء، رجال، مُسنين، اطفال
كُلهم من أرض فلسطين يجتمعون حول المسجد الأقصى يسجدون على جبينهم بخشوع وثبات وحولهم صوت الانفجارات
وغيوم سمائهم سوداء اثر الدخان وارضهم التي يمشون عليها هي حُطام بيوتهم وسجاداتهم التي ينامون عليها ارض مُتربةرغم انهم يبكون ويموتون ويصرخون ويتألمون ويفقدون اعزائهم ومنازلهم وارواحهم
كانوا في كُل لحظاتهم جميلون تخرج منهم هالات منيرة وروائح مُسكٌ وعَنبر
فوالله ما رأيت فيهم سوى جميلاً
من صبر وقوة وعزة وايمان وشموخ وفخر وكرامة وصدق وطيبةهؤلاء اناس الشهادة هي التي اختارتهم
لم يختاروا هُم الشهادة
فلسطين مجدك الى ابد الآبدين ينهض قوم ويقع قوم وانتِ شامخه أبية عزيزة....لقد توقف عندهم التعليم واعتذر المعلمون لأن الطلاب غادروا الحياة مُبكراً واخذوا الشهادة التي هي اعظم من كُل شهادات العالم انها شهادة الجنه...
والآن سأقص قصة طفلاً منهُم كان صغيراً
هذهِ حكاية طفل
يسير على درب الموت... لكنه لا يصل إليه
يبقى بوسط الطريق لا يمكنهُ ان يتقدم ولا يمكنهُ
ان يعود
تملئ عيناهُ الدموع وحيد لا يمسك أحد بيديه الصغيرة
حُلمٌ باهت وأمنية اختفت مع صوت مُدويّ من أنفجار حَلَْ على مدينتهُ
يلتهم الظلام جسدهُ الصغير لكنهُ طفل لا يفقد الامل بمهمة البحث عن عائلتهُ
يذهب بطريق مجهول لا يعرف ماذا تنتظر عينيه العسلية البريئة من مشاهد لا يحتملها حتى الكبير فيا ويلتي على هذا الصغير...وهذهِ حكاية أماً من بين الآف الامهات اللاتي فاحت منهن رائحة خُبز الزعتر
تلطم وجهها وتنتحب صارخةً اعيدوا لي فلذة كبدي وروحي اعيدوا اليّ ولو يداً ولو صوتاً ولو شفتاً كانت أو قلباً مُمَزقاً.... لكنها عبثاً صرخت فقد عادَ الملاك الصغير الى السماء طارَ شاكياً الى ربهُ عن لوعات امهُ ووجعها....وهذهِ حكاية اباً ملئ جيوبهُ بالحجارة ومشى مُقاوماً
عدوهُ دون دفاع، دون درع، كان يمشي ويُحصن نفسهُ بالله العلي العظيم جبينهُ نازفاً قلبهً مؤمناً روحه قوية يصرخ هذهِ ارضي القُدسية مُضحياً بعمرهُ مُسلماً امرهُ لأجل اهلهُوماذا قد اخبركم عن نسائهم ورجالهم التي أبيضت رؤوسهم من هول هذهِ القضية...
منحنيين الظهر متكئين على عكازة الدهر وهم يتحسفون على حُكاماً من دون أصل.واسفاه من اهل هذهِ الأرض الذين لا يدركون غير كراسيهم ومناصبهم
ولا يدركون انسانيتهم التي تخلت عنهم منذ ُان وضعوا مؤخراتهم على مقاعدهم المُتآكلة المُهترئة التي ان طال الزمان فيها لسقطت بفعل الفساد والظلم الذي لا ينتهيهؤلاء الصهيانه هكذا اتوا سيقانهم ظاهرة اقدامهم حافية يجرون خلفهم خُرقهم وتاريخهم الممحي
ليعظموا انفسهم الرخيصة على فلسطين التي احتضنتهم عن طيب خاطر وآوتهمهذهِ فلسطين!!
هي التي شيدت نفسها منذُ سنين
وتاريخهم لن يمحوهُ الدهر فكيف لها ان تتدمر الآن وتكون مليئة بالخراب دون ان ينقذهم أحد ويمد لهم يد العون...
(حسبي الله ونعم الوكيل)
هذا كُل ما سأكلف نفسي عناء قوله
حسبي الله في حُكام نائمة...اللهي انك تعرف وضع غزة واهلها فأنظر لهم بعينك التي لا تنام وانزل عليهم من لدنك رحمة ونصر انك لا تضيع حق عبادك الصالحين المظلومين
واكثر الذين يحتاجونك الآن هم اهل فلسطين يا الله اننا ندعوك بقلب متفطر وروح مُتألمة وعين باكية ولسان لاهج ان ترحمهم برحمتك الواسعه وتعانقهم برأفتك وتنتقم لهم انك خير المنتقمين
ونحن نعلم ان الله يمد الظالمين في طغيانهم حتى يعمهون...
انا لله وإنا اليه راجعون...