الفصل الثاني
....................................
"
..
"أنور"
نطقت اسمه بصعوبة فيما تحاول ابعاد صورة الآخر من رأسها ..قبل أن تضع يديها امام صدرها بحركة تلقائية لتتراجع خلف الباب بسرعة بدا عليه الاحراج
و هو يخفض نظراته إلى الأرض بينما تلعثم صوتها و هي تنطق بارتباك
-" لحظة من فضلك"
تركته بسرعة لتخطف الوشاح الموضوع على السرير تلفه حول كتفيها ..عادت تفتـح الباب الذي كان مردوداً احمرت خديها و هي تنظر لإحراجه
لقد وضعته بموقف محرج اعاد رفع عينيه هذه المرة ببطء حين لمح الوشاح يغطي كتفيها نطق بصوت معتذر
-" أنا اعتذر..لم اقصد الإزعاج "
لم يعرف ما اصابه حين حركت رأسها بالنفي لتـتناثر خصلات شقراء حول عينيها بلطافة ...بينما عينيها الزرقاء كانت تشع براءة ..كم صارت حلوة و هي تبتسم
لهُ بخجل قائلة
-" ابداً..أنور.."
نطقت اسمه بعذوبة بينما بداخلها تحاول نفض صورة اسود العينين شقيقه مجبرة نفسها بأعجوبة على العودة للوجه اللطيف ..لتكمل كلماتها
-" هل تريد شيء..؟.."
اجبر نفسه بالقوة على العودة لشخصية المتزنة تبسم تلقائياً ليقول
-" أنا لمحتك تركضين مسرعة..كنت أعتقد أن مكروه اصابك ..لكنك تبدين لي بخير.."
ما هذه الورطة يا ياسمين ..خاطبت نفسها فيما اختلقت كذبة سريعة لتقول بتمثيل دقيق
-" لقد خفت..اه صحيح ..أنا.."
احست بالكلمات تضيع من فمها حين حركت عينيها بالصدفة لتقع مباشرة على عينيه البنية الفاتحة و بجهد كبير واصلت كذبها المعتاد
-" تعرف أنا لستُ معتادة على المكان و حين نزلت خُيل لي بأني اسمع صوت غريب فركضت بسرعة.."
هل كلماتها حقاً مضحكة ..؟..فكرت بذلك حين لمحته يحاول كبت ضحكة صغيرة ليحولها إلى ابتسامة مظهراً اسنانه البيضاء ..اهم شيء أنها اقنعته
قال موضحاً بهدوء
-" ..يبدو أنك سمعت صوت أيمن في المطبخ..أنه مزعج في تحضير البيض..ألم تقابليه؟"
نطقت بتعجب بتمثيل متقن
-" لا..لم ادخل المطبخ بالأساس"
اكتفى بأن يهز رأسه ببطء محدقاً بملامح وجهها مما جعلها تخشى أن يكشف سرها أو بالصمت يسمع ضربات قلبها المجنون فهي
مؤكد لا تريد أن تكون كاذبة من أول ليلة لها ..كادت أن تطلق تنهيدة حين تبسم ليجلب راحة لها ليقول
-" ستريه على كل حال..أنا استأذن الآن.."
لم تعلق بشيء فور أن استدار حتى تراجعت إلى الداخل لتغلق الباب تتنهد براحة..قبل أن تشتم غباءها بخفوت محاكية نفسها..
-" ورطة من أول يوم."
حدقت بملابس النوم التي ترتديها لتكتشف الأمر الأفظع يا ليت انور هو من رآها فقط بل أنها نسيت أن المتحرش هو أول من رآها عضت على
شفتيها بقهر فهذه الملابس لم تكن يوماً ترتديها لطالما كانت تلبس اشياء رخيصة و محتشمة و فوجئت بهذا الدولاب يحوي على ملابس نوم كاشفة لقد نسيت أن
الأمر كله تغير ثم ما الذي دفعها لنزول أهو الملل فهي بهذا الوقت تكون دوماً نائمة او تعمل على بعض الاوراق و تكمل دراستها المملة..تنهدت حاوية وجهها
بين كفيها لتعاود صورة المدعو ايمن امامها " و هاهو اول مطب ."
تمتمت بيأس محدقة بمحتوى الغرفة الكبيرة الفاخرة حتى الآن لم تكتشف ما تحويه ادراجها و خزاناتها كلها بالأول هي بحاجة فقط لترتيب امورها جيداً
............................................
نزل السلالم فيما يشعر أن النوم قد ترك عينيه بعد أن رأى ياسمين ..فور أن وصل للصالة الضخمة حتى وصل لمسامعه صوت أيمن ..يدندن
بكلمات اغنية بلحن اخترعه من تلقاء نفسه كأن احد ما اجبره على الغناء نظر لصورة أخيه جيداً حيث كان جالساً على الأريكة ويده ممسكة
بجهاز تحكم التلفاز تبحث عن قناة مسلية و ليس كأن في غرفته تلفاز خاص ..نظر لطبق المتوسط فوق فخده فيما بيده الاخرى يأكل البيض
المقلي من دون خبز كعادته ليلاً حين يريد..
-" مساء أو صباح الخير.."
تمتم أنور مبتسماً مما جعل أيمن ينتبه لتواجد اخيه اخيراً من دون اكتراث قال
-" سيد الأعمال لماذا لم تنم..؟.."
قطع المسافة ليجلس على نفس الأريكة تاركاً مسافة بينهما بينما يستمر ايمن في اكل البيض بلذة متجاهلاً بقية المأكولات مرت ثوان
ليقاطع الهدوء انور ليسأله بهدوء
-" بيض يا أيمن..في هذه الساعة من الليل.."
ألتفت لشقيقه ليرد بسرعة
-" و هل هو مضر في هذا الوقت مثلاً..؟.."
تبسم بخفة ليعاود نظره على أخيه أنهُ احياناً يشعر بأنهُ يكبره بعشرين عام و ليس بخمس أعوام..للحظة أراد أن يطفئ التلفاز ويجبره على النوم او حتى
ضربه على حرق اعصاب والده اليوم لكنهُ تمهل ليخفي كل تلك المشاعر اكتفى بالنظر إليه يشاهد فلم اجنبي من دون تركيز
-" هل تشتاق لها..؟.."
لم يعرف كيف نطق تلك الجملة احس بأيمن يتشنج بمكانه حتى يديه توقفت عن توصيل الطعام لفمه..رد على انور
-" من ..؟.."
لقد كان يعرف من يقصد أنور لكنهُ تعمد التغابي على الأقل كي يجعل انور يغلق الموضوع فقط لكن أنور كان مصراً و هو يهمس برقة
- " أمي.."
اغمض عينيه بقوة لسماعه تلك الكلمة من أنور فيما قلبه يعتصر بألم كأن ملحاً وضع على جراحه بدا يشعر بالاختناق فاكتفى بالصمت بينما يردد انور كلماته بشوق مخفي
-"يومها كنت تبكي بشدة اتذكر أنك كنت مريض والدتنا فعلت كل شيء لارضائك بالنهاية اضطرت لتلعب معك دور الطباخ و الزبون..ابتسم بذكرى مكملاً
كنت تبتسم من بين ألمك بينما أمي لم تجد شيء تطهوه لك بسرعة سوى حبات البيض ظلت تلعب معك حتى هدأت معتقداً أنك بمطعم حقيقي
ثم اخذتها عادة قبل أن تنام تطلب لعبتك المفضلة و بالطبع لم تكن كلمتك تكسر ابداً لكنك توقفت عن هذه العادة لتعود لها..صمت ليكمل بعدها.. بعد أن توفت
اكمل باصرار يمتزج بالجد .. "أخي لن تزيد نفسك إلا جراح لو كنت حقاً تشتاق لها فكن كما تريد هي و ليس كما تريد أنت .."لحظات عادت إليه صورتها مجدداً لم يستطع قول شيء فقط ذكراها تكفيه لتجعله يعود طفلاً كم يكره شعور الاختناق الذي يصيبه كم يحتاج لتواجدها الآن
مرت ثوان لا يسمع فيها سوى صوت التلفاز بينما كانا الاثنان غارقا بعالم آخر اخفض انور رأسه إلى الأرض ليكمل من اعماق قلبه..-" ليرحمها الله أيمن..كف عن كبح ألمك أخي حين تقلد مواقفك معها لن تستفيد لن ترجعها إلينا مجدد"
-"انور..لن تصل معي بحل يريح شوقي او يعدل من أي تصرفاتي.."
قالها محدقاً بالتلفاز لا يريد النظر لأنور مرت يديه لتغير القناة نحو قناة اخرى كأنهُ يهرب من كلمات أنور استطاع خلال دقيقة أن يعدل
من داخله قليلاً..لم يكن انور يعرف ما يفعل كم يريد أن يغير من شقيقه لعله على الأقل يريح والده من هموم الاسرة قليلاً والده الذي بذل كل جهده لضم ابناء
أخيه إليه ضاعت افكاره حين عادت صورتها إلى مخيلته و بسرعة نظر لأيمن الذي كان مشغولاً بمشاهدة التلفاز ..تلك الياسمين هل ستشكل خطر على حياتهما
بالأساس هو و أيمن لم يستطع إلهاء نفسه بأي شيء عادت صورتها إليه و هي تركض بسرعة نحو السلالم لتصعده بخطوات كبيرة ..كم يشك بأن ياسمين تخفي
شيء , شعوراً دفعه ليقول فجأة
-" ايمن ..والدي كان غاضب منك اليوم..أنت لم تحضر لاستقبال ابنتا عمك.."
ترك جهاز التحكم جانباً ليعتدل بجلسته مقابلاً لأخيه قائلاً بملل
-" بحق الله ..لقد احسستموني أني ارتكبت ذنباً..لم اغب عن موكب الأميرة مثلاً! "
بتأنيب خفيف رد
-" على الأقل احترم كلمة والدي.."
تأفف بضجر ليرد القول
-" ما بالك اليوم أنور..؟ منذُ متى تحاسبني "
-" أنا لا احاسبك .."
رد كأنهُ يريد انهاء الأمر
-" اذن لا تتحدث أرجوك ..لا اعرف ما اصابك اليوم.."كأنهُ لا يفهم كلمات ايمن حيث ردد بتساؤل
-" هل قابلت ياسمين قبل دقائق...؟."
تطلع لملامح انور جيداً لم يجد شيء من الارتباك به رغم ذلك اراد ممازحته و هو يطلق ضحكة قصيرة ليقول
-" أنور ..لا تقل لي بأنك اعجبت بزرقاء العينين الباردة منذُ اول لقاء"
لم يعلق بشيء ظل صامتاً لثوان بينما صقيع بارد ظهر على عينيه ..قبل أن ينطق ببرود
-" أذن رأيتها قبل دقائق ..و بسرعة تمكنت من تميز لون عينيها جيداً.."
-" مؤكد فأنا خبيررر"
قالها مستلطف لكنهُ عقد حاجبيه حين لم يرى أي تغيرات على وجه أخيه ..فتح فمه ليتحدث لكنهُ فوجئ بالحزم يطل من عيني أنور ليقول
-" اسمع..ياسمين ليست ممن تراهن ..أنها مختلفة احذر أيمن.."
رغم أنهُ اصيب ببعض الحيرة لكنهُ ردد قائلاً
-" أنا لا اعدك بشيء حالياً.."
لأول مرة يلاحظ نظرات أنور المحذرة له قبل أن يقف من على الأريكة بجفاف ليبتعد عنه دون أن يقول له كلمة واحدة مما جعل أيمن يردد
-" على الأقل قل..تصبح على خيرر.."
ايضاً لم يرد بل انزعج حين سمع ضحكة خفيفه من اخاه فالتفت له فوراً جمدت ملامحه حين لوح لهُ بيده قائلاً بتسلية
-" لا تغضب أخي الأكبر..فقط مع الطريق بلغ تحياتي للشقراء ..أخبرها أن تواجدها هنا ليس مناسب ابداً..لا تنسى ذلك.."
لم يعبر بكلمة واحدة بل واصل طريقه نحو جناحه الواسع و هو يشتم بسره على أنهُ فكر بمجادلة أيمن و احساس يخبره أن ايمن تصرف مع ياسمين
تصرف متهور و إلا لما اضطرت ياسمين الكذب عليه
تابع
أنت تقرأ
رواية (خليلة الشيطان)
ChickLitهو عنيد كالشيطان لا يتنازل بسهولة عما يريد، وهي رغم جمالها الا انها متوحشه وندا قوي له كان الاثنين كقطبي مغناطيس لا يجتمعان ودائما يتنافران، فهل من الممكن أن يلتقيان