الفصل الثاني : احتجاز

7 0 0
                                    

نظر لها بنظرة متفحصة من أسفلها إلى أعلاها ، كانت تنزل عنه بدرجة واحدة مما يؤدي إلى التصاقها به ويشعر بارتعاشها وانقباض صدرها و سرعان نبضها ، ثم قال لها بصرامة مادًا يده نحو هاتفها .
- أعطيني هاتفك اللعين .
**
ضحكت بتلعثم و عدم استيعاب ..
- لماذا ؟!
**
- قلت لك أعطيني ، ولا تطيلي الأمر .
قال كلمته و سحب هاتفها من يدها بعنف ، ثم شد قبضته على معصمها يجذبها إلى الأسفل ، ويدفعها .
- هيا ، أمشي ، إلى الأسفل .. ومنه تقولي انا ميريتش وكأنني لم أعرف بأنها الفضولية المتطفلة .
**
هنا بدأت ردة فعلها باستيعاب شدة الموقف وخطورته ، و بدأت تصرخ مستنجدة بكل ذعر ، حتى وضع كفه على ثغرها بحيث يُكتم صوتها .
- أصمتي ، أصمتي ، ليس هناك من ينقذك ، لا تهدري أنفاسك عبثًا .
**
تقدما من بالأسفل عندما سمعوا صوت صراخها ، حتى وصل بوراك بها عندهم ممسكًا بها بقسوة و يحاوط ذراعيها ، أمسك عمر جبينه بتأفف ، بينما الشاب الثالث ضيق عيناه باستغراب متسائلًا عن أمرها فأجابه بوراك  .
- لم تكن معنا الصباح يا أحمد ، انها فتاة فضولية ، وهذا ما أدى لها فضولها وقعت بين يدي .
**
- من أنتما ! ماذا تريدان مني ، أرجوك أتركني انا لم أفهم شيئًا ، و لا أعلم ما هو أمركم !
**
هز بوراك رأسه بأسلوب ساخر وهو ينفضها بين يديه .
- نعم ، نعم ، لم تفهمي شيئًا ، لا أدرك بأنك عفريته من أعلى أنواع العفاريت فهمًا .
**
انطلقت حروفها بذعر
- انظر إلي ، انظر ، انا حقًا لم أفهم ، لنتفق انت اتركني ، وانا سأخرج من عندكم وأخرجكم جميعًا من ذاكرتي حقًا .
**
- ياا ، حقًا ؟ لم تفهمي شيء أيتها الجميلة ، ولماذا كنتِ تقومين بالتسجيل الصوتي في أعلى الدرج إذًا ؟!
**
فار الدم على أعصاب أحمد الغاضب ، فرفع يده خانقًا لعنقها موبخًا بصوت صاخب.
- هل كنتِ تتنصتين علينا أيتها اللعينة ! لأعصر عنقك الآن ، موتي .
صرخ بوراك بصوت جهوري :
-    أحمـــــــــــــــــــــــــد !!!!
**
رفع أحمد يده باستسلام ، ينظر إلى بوراك الصارخ باسمه .
**
-    وماذا انا هنا ! منذ متى وانت تبدأ القرارات لوحدك ! لم أقل لك أرفع يدك عليها ، انا من وجدتها ، انا من سأقرر عقابها ، وكل ذلك حصل بسببكم وبسبب إهمالكم كيف لكما بترك الأبواب مفتوحة من خلفكما ، وعدم رؤية هذه العفريتة قبل الدخول .
**
أطرق عمر الذي كان أخر من دخل تاركًا الباب ، متحججًا .
-    أنها مثل ما قلت ، عفريته ، كيف لي ملاحظتها عند الدخول ! لنقتلها وينتهي الأمر .
أردف أحمد مؤيدًا ..
-    نعم لنقتلها ، هذا هو الحل المناسب ..
**
يقاطع أصواتهم صراخ ميريتش و تخبيطها بشكل جنوني محاولة الانفلات والهروب بالذي يحكم بإمساكها .
**
استدار بوراك تجاه عمر بوجه غاضب :
-    أغرب عن وجهي يا هذا ، جميعكم اغربوا .
**
استدار الاثنان ، فألتفت بوراك إلى التي بدأت تعلن بكاءها عاليًا .
-    وانتِ اصمتي حبًا بالله ، وكفي عن هذا البكاء الذي لا جدوى منه .
**
قالت بصوت مرتفع متباكي يعبر عن انهيارها الداخلي .
-    وقعت بين يدي عصابة قذرة أحدهم يلتف بذراعي ، والأخر يقوم بخنقي ، والثالث يقول لنقوم بقتلها ، وتقول لي اصمتي ولا تبكي !!!!
**
شد يدها يسير بها قسرًا .
-    إلى أين تأخذني ؟
**
-    قلت اصمتي !
**
-    حتمًا ستقوم بقتلي ، انظر ، سأخبرك بشيء ، انا وحيدة أمي ، أمي ليس لديها غيري ، انا من أؤمن لها مصروفها واهتم بصحتها ، غبت عنها لعمل جيد ، وتتشوق لرؤيتي ، دعني أعود لها بسلام ، انظر انا فتاة جيدة ، اعلم لا ينبغي لأحد أن يقول عن نفسه جيدًا ويقيم نفسه بكل غرور ، لكن انا حقًا فتاة جيدة لا أستحق ، أساسًا لا أحد يستحق هذا ، أرواحنا ملك لله وحده لا يحق لأحد نزعها إلا تحت إطار مشروعيته .
**
كانت تدرك جيدًا بأن كلماتها تلك ليست بشيء أمام قلب بتلك القسوة ، ولا يجدي له بشيء ، لكن مهابة الموت تدعها تنطق بأي كلمة باحثة عن إعفاء قتلها ، حتى إنها فقدت تراكيب حروفها ، لطالما كان ما يخرج من ثغرها أحرف متميزة ومنمقة ، ها هي الآن تخرجها مبعثرة وغير مرتبة ، كان يرى الفرق بين فصاحة ومتانة أحرفها قبل الحادثة وبين ارتجاف حروفها المبعثرة مهابة و اضطراب ، ولكنه يُكَذب نفسه بأنه تسلل إلى قلبه بعض الحسرة والرحمة عليها وينكر هذا أشد النكران .

رواية جزية فضولي . حيث تعيش القصص. اكتشف الآن