الفصل الخامس

9 0 0
                                    


استدارت بغضب صارخة :
-     منذ أن دخلت حياتي وانت تؤلمني ! هذا لم يكن شيئًا أيها الأحمق ، الحجرة البشرية ، أكرهك جدًا !
**
صرخ بصوت وحشي نافضًا يديه :
-     نعـــــم ، هذا هو الصحيح ، استمري بكرهك لي هذا ما أستحقه وحسب .
**
أعادت له بصوت أكثر شدة وجنونًا ، فيما تلوح يديها بانفعال :
-    نعم ، أكرهك ! أكرهك ، أكـــــــــرهك !
**
خرج ورطم بالباب ولم ينسى إقفاله ، بينما هي ، انحنت إلى الأرض جالسة ممسكة برأسها وتجهش ببكائها ، تالفة أعصابها :
-     حقير ، لماذا لا أشعر بأني أكرهه تمامًا ، لماذا !
**
أمسكت بقلبها متألمة واضطجعت تكمل بكائها مفترشة على الأرض .
&&&&&&
كان يقف من خلف الباب على صوت بكائها متردد في إمساك قبضة الباب بداخله رغبة بالدخول ، استمر في حيرته لبضع ثواني ، ثم استدار بعنف صارخًا يمسح وجهه بشراسة ، يود في إخلاء سبيلها بشدة .. قبل أن يمسها بضر أكبر من مما مسه بها حتى الآن .
يعلم جيدًا بأن شهادتها لن تكن كافية لسحبهم حتى إلى غرف التحقيق ، ولكنه يتحجج بهذا العذر لعلها تفضح أمرنا لهذا احتجزها ، وفي حقيقة الأمر هو لا يود بابتعادها عنه وحسب .
نزل سريعًا من الدرج ، ليقبض ذراع حفصة من خلفها ، ارتعشت الفتاة ذعرًا ، تتلقاه بنظرات مرتجفة :
-     أخبري الخادمة أن تصعد لها من مسكنات الأعصاب خاصتك ، مع شاي الزهورات ، هيا .
**
هزت رأسها للموافقة على هلع ، واستدارت مطرقة رأسها ، استمر في طريقه وخرج من المنزل لوجهة غير معلومة ، يسير عشوائيًا ، يسر في جوفه :
-    لا ، لا .. لا يجب أن تحبني تلك الفتاة ، لا يجب !

&&&&&&&

يُطرق الباب بهجومية على إحدى الشقق المتواضعة ، فتهرول أسماء وتباشر بفتح الباب ، لتواجهها سيلين بوحشية ، دفعتها للخلف على هيئة تهديد و سُلطة :
-     ألم نتفق بأنك ستأخذين تلك الفتاة وتغادرين بها ، ولن يرى إسماعيل وجهها ! هل أردتِ اعادتها بعد تلك السنوات !
**
تراجعت خطواتها للخلف وهي تنظر إلى سيلين بعدم فهم :
-     وانا وفيت بوعدي ، ما الذي رأيتيه مني !
**
-     أي وفاء والفتاة تقطن في منزلنا ، برفقة ابني ، ما هذه الصدفة التي جمعت بينها وبين ابني ! ها ؟
**
-    أي منزل ! الفتاة خارج تركيا أساسًا ، ذهبت لانتداب في عملها في دولة عربية !!
**
-    أخرسي الفتاة تبقى لدينا منذ أسبوع !

&&&&&&&

لدى إسماعيل الذي يتخاطب مع عدة رجال بتهامس على زاوية منعزلة :
-    نعم سيكون الليلة ، اخترتكم رجال ذا خبرة عالية ، لا تخيبوا ظني .
**
-     أمرك يا سيدي .
**
-     وستكون عملية نظيفة ، و إياكم أن يعلم أحد بها وبالأخص السيد بوراك ، لن يشعر بشيء !
**
-     ثق بذلك يا سيدي ، ستكون عملية كما أردت تمامًا .

&&&&&&&

كان بوراك يمشي في الأرجاء بشكل عشوائي ، استوقفه مشهد شيخ كبير السن يحمل أكياس مثقلة ويسير بها على وهن و أعياء ، لأول مرة استجاب لشعوره الذي يجره بالرغبة لتقديم يد العطاء والإحسان ، تقدم إليه وسحب منه الأكياس :
-     عمي دعهم لي ، لأحملهم إلى حيث تريد .
**
تلقاه الشيخ الكبير ببشاشة واسعة ، و رتب على ذراع بوراك بشكر :
-     ليرضى الله عنك يا بُني ، ورزقك ما تتنمى .. تبدو شاب صالحًا .
**
أجابه بوراك بصرامة ..
-    لا ! لست كذلك ، بل أنني على العكس سيء جدًا !
**
-    لماذا تقول عن نفسك هكذا ، لا يصح يا بني ، لا تبخس حق نفسك .
**
-    لأني هكذا حقًا ، و لو عرفتني جيدًا لكان هذا رأيك أيضًا .
**
-    جميعنا بشر يا بني نخطئ ولا تحصى اخطاءنا ، لكن هذا لا يعني بأنها لن نتلافى أخطاءنا و لا نستطيع العودة عنها ، و ما دمت مددت يديك لمساعدتي وحملت عني هذا العبء ، يتضح أن داخلك نظيف ومحب للخير ، اتبع قلبك و استجب لإنسانيتك التي بداخلك ولا تبرح عنها .

رواية جزية فضولي . حيث تعيش القصص. اكتشف الآن