-
" آنسة إيرين"
همَس كيونجسو بلَهفة وإبتسامة تَعلو ثَغره
" آنسة؟ أعتقد أنك تُريد طلب شئ، صحيح؟"
ابتسَم أكثر يومئ في خوف طفيف
فعلي حدّ علمه عندَما أتَت صديقتُها لهنا بإحدى الأيام، أخبرَته أن إيرين تبتعد عن العلاقات الغرامية
هي لا تختلط بجنس الرجال حتى!
إنه الرجل الوحيد الذي تتعامَل معه
شعر بالتميّز والفخر لوَهلة ولكنه أدرَك مع الوقت أن ذلك ليس شيئََا يدعو للفخر!
فذلك يُشكك برجوليته!
أو أنها ستظل وحيدة بقيّة العمر!
كلا السببين لم يكونا مُريحين بالنسبة إليه
لم يبحث عن رجل من أجلها، فذلك ليسَ من شأنه ولا من شيَمه
ولكن رؤيتها وحيدة يُفطر قلبه
حتى جاء جونغداي، أجزَم أنهما سينسجمان معََا
ويُقسم أن جونغداي النسخة الذكورية من إيرين!
إن أفسحَا المجال ليتعرّفا على بعضهما، ستشكره إيرين لاحقََا عندَما تقع بحبّ جونغداي
وسيشكره جونغداي عندَما يفَعل أيضََا، وعندَما تُشاركه سرّها
يجب عليه شكره أكثر من إيرين، فلقد جعله يُجالس أعظم كاتبة هذه الأيام! ومَن يفعل هذا مع صديق له؟
لم يُفكّر بمُساعدته لأن حياته سيئة مثل إيرين، ولا يعلم إن كان يحبّ فتاة أو بعلاقة غرامية
ولكن نظرة كيونجسو الثاقبة تُكشف كم أن جونغداي وحيدََا أيضََا
رُبما لم تَكن حياته أكثر بؤسََا من إيرين، ولا حتى مثلها
فعلي عكس إيرين، جونغداي كثير الإبتسام
يُغرق كيونجسو إبتسامات لطيفة على عكس إيرين تمامََا!
فهي قليلاََ ما تظهر ابتسامتها، وعندَما تفعل كثيرََا بيوم واحد يُدرك أن حالتها المزاجية أفضل
وإن كانت سيئة، يا وَيل كيونجسو والمقهى بأكمله!
فدائمََا ما كانت تُخيب أمله عندَما ينتظرها طويلاََ، ولا يحصل على سوَى إبتسامة واحدة؟ ظُلم بكلّ تأكيد
ويَكاد يشعر أن الجدران تشعر بذلك الظلم فتنطفئ هي الأخرى! فيصبح المقهى بأكمله كئيبََا!
" أتتذكرين الفتى الذي حدّثتك عنه قبلاََ؟"
أومئت في هدوء
" لقد أتى منذُ قليل، ولأنه اعتاد على الجلوس على هذه الطاولة أيضََا، فعرَض أن ينضم لكِ"
رفَعت احدي حاجبيها بتهكّم فيُسرع كيونجسو بتصحيح الأمر
" هو لن يتحدث معكِ حقََا! فهو قلق أيضََا إن كنتِ من الأشخاص الذين سيزعجونه أثناء القراءة وأخبَرته أنكِ لن تتحدثي، ليسَ هناك داعِ للرفض، فكّري به، شابّ وسيم في عمرك مُعجب ببُولارِيس، ألن تسمحي حتى له بنيل شرف الجلوس معها؟ حتى وإن كان لا يعلم؟"
تنهّدت بقوة تُشيح بنظرها عنه فيحاول معها مرّة ثانية
" فكّري حتى بأنه اعتادَ المجئ للمقهى في غيابكِ ، واعتادَ الجلوس على هذه الطاولة ، أصبحَت صديقته مثلما هي صديقتك "
ثم نظر نحوَه ووجدَه ينظر بقلق بالفعل كما لو أنه يُخبره بعينيه - ألم توافق؟ حسنََا لا تحاول مرة ثانية -
فإبتسمَ كيونجسو يُطمئنه ثم نظرَ لها مُجددََا
" ستبرد قهوتَه ، ولن يستطيع إنهاء روايتك الأولى! أستسمَحين لهذا بأن يحدث؟ "
زفرَت تنظر له بلَوم، كَما لو أنها تلومه حتى على موافقتها
فهي لا تحبّ رفض لذلك الصغير شيئََا
فَهم نظرتها وعلَت ابتسامَته فأردَف فرحََا
" سأُناديه إذََا"
نظر إليه وأشار له بيده أن يأتي في سعادة بالغة
ابتسمَ جونغداي بخجل ونهَض بقهوته التي بيده والكتاب بيده الأخرى يتّجه نحوَ طاولَته التي اشتاق إليها
استطاع رؤيتها وهي ترتَشف بعض من قهوتها أثناء وضعه للقهوة والكتاب قبل أن يجذب المقعد أمامها ويجلس
" أعتذر إن كنتُ أُضايقكِ، إن كان حقََا فسأنهض"
نطَق بإبتسامة مُرتبكة ينظر للتي لم تكشف عن وجهها حتى الآن
فهي حتى بعد ارتشافها من القهوة لم ترفَع وجهها ولم تضع الكوب على الطاولة
نفَى كيونجسو بيدِه وقهقَه بإرتجال
" لا! ليسَ لدَيها أي مانع! أليس كذلك؟"
وجه سؤاله لها بالنهاية لتضع أخيرََا كوب القهوة بمكانها وترفَع وجهها للذي بدَا صوته مألوفََا
وجَعل قلبَها يدّق خوفََا لذا لم ترَفع وجهها سريعََا كـ أي ردّة فعل لانسان طبيعي
أقنَعت نفسَها أنها تتوهّم ، فالتوهّم سيكون الشئ الوحيد المنطقي لمَا سمعته
ولكن لم يَكن
الوهم كان وهمََا بحدّ ذاته!
اتسعَت عيناها وفَعل الآخر بعدَما كان يُضيقهما يحاول التشبيه على الملامح التي أمامه، ليُدرك أخيرََا أنها ملامَح جميلة لشخص يبغضه!
تسَارعت دقات قلبها في خوف، وسُرعان ما فكّرت بما تضعه أمامها مفتوحََا على مصراعيه
غطّت على النصوص به بيديها وحاولَت أن تكون طبيعية في فعلها لذلك
" أنتِ؟"
نبَس بهمس وبعدم تصديق لكم أصبحت تلك المدينة صغيرة، لدرجة تخنقه!
رفَع كيونجسو حاجبيه بإندهاش وهو يحوّل عينه بين الاثنين
"المعذرة، هل تعرفان بعضكما؟"
سأل بفضول
بعد لحظات أجابَته إيرين بجمود
" منذ زمن طويل"
وأتبَعتها ابتسامة ساخرة أشعَلت غضب الآخر
" سأعود لطاولتي"
كان سينهض ويُلملم أشيائه فينظر كيونجسو بضياع بينهما وهو لا يعلم ماذا يُجري تحديدََا
التفَتت حيث الطاولة التي كان يجلس عليها جونغداي منذ قليل
لقد أتت عائلة وجلسَت عليها، ياللحظ!
" الطاولة.. "
نبَس كيونجسو بتردّد وهو يُشير نحوَها فيُلاحظ الآخر
تنهّد بقوة ينظر حوله، لقد امتلئ المقهى
بالطبع! إنها ليلة الخميس، اليوم الوحيد الذي يزدحم فيه المقهى
" لا أعلم حقََا ماذا يُجري ولكن كمَا أخبرتكَ، إنها لن تتحدّث أو تُزعجك"
نفَى بكلا يديه ورأسه يحاول جعل الآخر يُصدّقه
وبتفاجؤ لاحظ ملامح جونغداي الغاضبة
" تبََا"
نبَس بقلّة حيلة
بعد تفكير والأخرى ظلّت تتظاهر بالقراءة ولا تُعيره أو تُعير لما يحدث اهتمامََا
جذبَ المقعد مرة أخرى وجلسَ ينظر لها نظرة ثاقبة ولا تقل حدّة عن سابقتَها
انحنَى كيونغسو سريعََا وذهبَ مُدركََا أن وجوده لن يكون ذا معني
ولكنّه ظلّ يُراقب الوضع من بعيد، آملاََ ألا يحدث شيئََا آخر يُزعجها
قلقٌ هو عليها، فبالرغم من ظهور الغضب على جونغداي بسهولة، كان الهدوء يسود ملامحها
علِم بسرّها الثاني الذي رُبما لم تقوله لأحد ولن تفعل مُستقبلاََ
بأنها لا تُظهر غضبها لأحد
بأنها تشتعل غضبََا من الداخل كالبركان
ومن الخارج ما هي إلا جليد كـ القطبين ، حيث القساوة والهدوء يمتزجان معََا بشكلّ جميل يُلفت انتباهه ويُغرقه في التفكير
" أكمل قرائتك كما كنتَ تفعل، لن أُزعجك كما تعتقد"
قلّبت صفحة وهي تتحدّث
زفَر بهدوء ثم فتَح الرواية حيث يقف فيها
ابتسمت بسُخرية، على كل شئ تقريبََا!
منذ أن قرأت ذلك الكتاب، والجميع بدأ بالظهور واحدََا تلو الآخر
كان هو آخر توقعاتها بأن تراه يومََا ما بعد كل هذه السنوات
وتذكّرت كلام كيونجسو، يحبّ الأدب الروسي!
أجل، كانت تعلم ذلك عنه، وهذا سبب حبها للأدب الروسي بالأساس!
ماذا عن إعجابه ببولارِيس؟ ذلك أكثرهم سُخرية
يمسك بروايتها أمامها ويتحدّث معها بتلك النبرة!
ماذا إن علِم، أنه أحبّها مرتين حتى الآن؟
كم سيشعر بالشفقة على حاله!
عمّ الصمت على الطاولة، لم يستطِع ألا ينزعج في بداية الأمر، ولكنه تدريجيََا بدأ ينغمس في الرواية حتى نسَى وجودها
كانت هي تلمَحه بطرف عينها من وقتٍ لآخر
أنت تقرأ
بُــولارِيــس
Romance- نجمة الشمَال الثابتة دونَ حرَاك تُجبر صفحَات الماضي المطويَة بالعودَة مُجددََا -