لنرجع قليلاً

77 32 1
                                    

قبل شهرين

خرج رجل من السجن المركزي بعد أن قضى خمس سنوات خلف القضبان بسبب شجار مع آخر، حيث أدى إلى إصابته بارتجاج في المخ. استخدم المتهم كومة من المفاتيحي، وضرب خصمه حتى أغمي عليه. كانت الضربات متهورة لدرجة أنه لولا لطف الله، لكان قد فقد حياته. حكم القاضي عليه بالسجن بتهمة القتل شبه العمد، وكان الحكم قاسيًا ولكنه كان يعكس خطورة ما حدث في تلك الليلة المظلمة التي تغيرت فيها حياته إلى الأبد.

عند خروجه من الإصلاحية، لم يكن هناك أحد في انتظاره. لم يكن لديه من المال سوى خمسين ريالًا من والدته، التي انتظرت بفارغ الصبر خروجه، لكنها انقطعت عن الحضور قبل ستة أشهر. كانت هذه الخمسون ريالًا آخر ما تبقى لها، وكان والدها قد ضحى بكل شيء من أجل حريته. قرر الذهاب إلى السوبر ماركت ليشتري سجائر، معبرًا عن حالته البائسة التي تركه فيها خيبة أمل أصدقائه وعائلته.

عندما دخل السوبر ماركت، استقبله عامل آسيوي بابتسامة خفيفة، حيث كان يعرفه من قبل. سلمه علبة سجائر، ثم رن هاتفه الذكي. أجاب قائلاً: "مرحبا."

رد الصوت من الجهة الأخرى: "الحمد لله على السلامة. أنا شاريك، لا تقاطعني. أحتاج منك خدمة بسيطة: خذ هذا الطرد ووصله لمحل الجوالات. لكن بشرط، تتغير ملابسك وتحلق. وهذا الجوال مع خمسة آلاف ريال."

قال الرجل: "أيه."

أضاف الصوت: "خلاص، اذهب الآن عند الحلاق. ملابسك وكل شيء مدفوع. إذا سلمت الطرد، بتجيك إحداثيات الموقع."

بعد أن أغلق الهاتف، اتجه الرجل إلى الحلاق، الذي كان يتعامل معه بطريقة فندقية، حيث أخبرهم باسمه. وجهه عامل الاستقبال للذهاب إلى غرفة الملابس، حيث تم تحضيره: الحمام الشامي، المساج، الحلاقة، ثم ارتداء الثياب والشماغ الأحمر والعقال. نظر إلى المرآة وتأمل مظهره الجديد، قائلاً: "بسبب غضب طائش، ضاع حلم أبي أن أكون مهندسًا. وهذا هو لبسي الآن."

بعد أن غادر الحلاق، توجه إلى محل الجوالات وسلم الطرد لصاحب المحل. حينها، استقبل رسالة على هاتفه بإحداثيات الموقع. توجه إلى المسجد، حيث وجد كتابًا مجوفًا من الأوراق، وفيه الخمسة آلاف ريال. اتصل بالرقم الذي اتصل به سابقًا، لكنه لم يجد أي أثر.

عاد إلى بيته وكأن شيئًا لم يكن، يشعر بالضياع وعدم الانتماء. فقد الأمل في بناء حياة جديدة، لكن الأموال التي وجدها أعطته دفعة من الأمل.

قبل الحادثة بأسبوع

تلقى تاجر ماشية، اسمه "فهد"، اتصالاً من رجل غريب. قال له: "السلام عليكم، سمعت أن عيال الشيخ يبيعون حلال أبوهم."

رد فهد: "نعم."

الرجل الغريب: "بكم؟"

تاجر الماشية: "بتسعمائة محدودة."

المحتال الانيق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن