الفصل الاول

15.3K 94 2
                                    

حتى ذلك اليوم لم أتوقع أن تتغير حياتي على الاطلاق!!
لطالما اعتدت على حياتي الروتينية المملة بعض الشء، كنت أتمنى دائما العيش في الغابة، بين الادغال، التنقل في الصحراء، خوض مناسبات مباريات، السفر عبر الزمن، رؤية ما بين العالم الحقيقي وما بين العالم الآخر.
قد مللت حقا من حياتي تلك! فلطالما كنت أعامل كفتاة مدللة ولا ينقصني أي شيء، كيف لا وأنا قد كنت ابنة الوزير! ناهيك عن كوني الأخت الصغرى المدللة لأشهر طبيب في البلاد.
بإمكاني القول إنني كنت اعيش حياتي كالأميرات لكنني مللت من ذلك، لا أريد أن أكون ابنة الوزير المعروفة في أرجاء البلاد، اريد سمعتي الخاصة بي، ان ينادونني باسمي الخاص وباعتبار شخصيتي وحياتي التي اصنعها بنفسي! حقا لقد سئمت جدا من نظرة الجميع لي وتقربهم مني ومصادقتهم لي فقط لأنني ابنة الوزير!
لطالما كان يجب علي التظاهر والتصرف كالاميرات المدللات!
لماذا يجب علي أن ارتدي الكعب العالي دوما؟ وألا أتكلم مع الطبقة الاقل شأنا مني؟ لماذا يجب أن أرفع رأسي وأتكلم بتكبر وتعال!! كنت دائما اريد التخلص من حياتي تلك .. إلى أن جاء ذلك اليوم، اليوم الذي لم أعد أفهم فيه شيئا، كنت شاردة الذهن كالعادة، جالسة في كرسيي الخاص في أفضل وأحسن ثانوية في البلاد، وإذ بي أرى بأن حياتي قد انقلبت رأسا على عقب. لم أعرف نفسي، من أنا؟ من أين جئت؟ ولماذا لا أتذكر شيئا من حياتي الماضية، فكل ما أذكره أن رقعة البلاط من تحت قدمي قد فتحت وسقطت منها إلى حيث لا أدري. وجدت نفسي مرتدية أغلى ثياب وأفضلها، أحسست وكأن شيئا ثقيلا قد سحب مني، كأم فقدت رضيعها. بدأت أشعر بصداع شديد جدا في رأسي، أحسست بأنه قد يتحول إلى حطام فحم شديد السواد. يا ترى من أكون؟ وما هو العالم الذي سوف أصبو إليه؟ ولماذا أريد العيش، بل الاجدر بي أن أسأل: هل سأعيش من بعد الآن؟!
من هنا ابتدأت مسيرتي ورحلتي للبحث عن ماهيتي ومعرفة الحقيقة الكامنة وراء العالم أو البعد الذي وقعت فيه.
حينئذ دعيت ذلك المكان بلعبة القدر.
لست هنا ازاء مجرد سيرة ذاتية أخرى، وهذه ليست مجرد حياة أخرى، إنها نقيض العادي وهي شاهد ثقة على الانشطار الهائل بين الحلم الجامح من جهة والواقع المقعد من جهة أخرى.
مشيت بعيدا، لوحدي في هذا البعد الغريب الذي وقعت فيه، آملة في ايجاد شخص ما لطلب المساعدة.
لوهلة ظننت أنني أتخيل، لكن هذا العالم الغريب بدأ بالتغير فبعد أن كان خاليا أصبحت أرى فيه أناسا في كل مكان، بت أتجول في ثيابي الثمينة بين الناس والاشجار الكثيفة في ذلك المكان الغريب، أينما أذهب ، أرى أناسا من مختلف الطبقات والفئات، منها الفقير، منها الغني، منها المتشردين ومنها اللصوص وأفراد العصابات، وبالحديث عن أفراد العصابات، ذات ليلة بينما كنت استكشف هذا العالم سمعت صوتا يقول: انقذوني!! النجدة! فليساعدني أحد!! ،بدا لي هذا الصوت صوت فتاة تبكي في مأزق! حسنا ما العمل؟ سأتتبع صدى هذا الصوت وأرى إلى أين سوف يقودني.
"إنتظري! إلى أين تذهبين يا حلوة؟!لن تفلتي منا فلا تحاولي، بلا فائدة!" مجموعة من الفتيان تلاحق فتاة في منتصف هذا الليل وهي تصرخ للهرب منهم!! ما أفظع المنظر الذي رأيته، أهذه هي طريقتهم في العيش؟ أيسمون هذا عيشا؟! عندما رأيت ذلك المنظر الفظيع والمروع توقف قلبي عن النبض للحظات!
يركضون وراء الفتيات ويجرونها من ثيابها! يعبثون بها! يعبثون معها كما يريدون! كأنها ملك خاص لهم، يجلدونها بالسوط على ظهرها العاري الذي يكاد ينسلخ لحمه ويتفسخ عن عظمه!!
خمس فتيان يتحرشون بفتاة لم ترتكب أي ذنب ويلهون بها كما يريدون، يريدون سلب حريتها منها!!! في تلك اللحظة ارادو تجريدها من عذريتها!!
لم أتحمل جشع المنظر وذهبت بسرعة لفعل شيء لمساعدة الفتاة العاجزة! تصلبت أمامها لا شعوريا كدرع واق يبعد أولائك الفتيان ، عندما رفعوا عصيهم بوجهي أغمضت عيني، وياللدهشة لم أشعر بأي شيء أو ألم.
أدركت بأن هنالك شيئا ما يحدث من حولي، شيء ما حماني في تلك اللحظة.
"أين أنتم أيها الحمقى؟ ما الذي تفعلونه دون إذني!! سوف أريكم ما الذي سأفعله بكم!!"
كما توقعت لقد كان هذا الشاب رئيسهم. وما المفترض برئيس عصابات أن يكون؟ حسنا كان ذلك عكس توقعاتي تماما!!
كان حسن المظهر ولم يبدو لي بأنه كبير في السن، إذ بدا شابا في مقتبل عمره، أي أنه ربما يشاركني الجيل نفسه!
"هييه! أما زلتم متجمدين؟ انهضوا بسرعة وساعدوا الفتاة المسكينة!!"
عندما سمعته يقول ذلك ظننت بأنه يحاول التظاهر بالطيبة فقط أمامي ، فقلت له: " أنت يا هذا ! ماذا تظن نفسك فاعلا؟!"
"أعتذر منك يا آنسة، لكنني حقا لم أكن على علم بالذي فعلوه"
ولم يقل شيئا آخر، من ثم أخذ رجاله وذهبوا بعد أن ساعد الفتاة قليلا لتذهب في سبيلها بأمان.
لم يبدو لي بأنه ينتمي إلى هذا العالم فملابسه ومظهره مختلفة عن الآخرين الذين رأيتهم أثناء جولتي القصيرة في هذا البعد. 
انقضى أسبوع كامل على وجودي في هذا المكان بل الاجدر بي القول أسبوع منذ أن استيقظت فيه.
لا أستطيع تحمل البقاء في هذه الثياب أكثر لذا قررت الاستحمام في النبع الساخن القريب، رغم أنني لم أكن مطمئنة حيال ذلك فلا شيء يضمن لي الأمان. 
بينما كنت أستحم، سمعت صوت ضجيج من حولي،إلتفت ورائي قليلا لأرى..
"يا إلهي!! ثيابي!!! أين ذهبت!! ما العمل الآن، ماذا أفعل!.."
وقد كان صوتي عاليا جدا.
في تلك اللحظة، رأيت خياله..
رأيته قادما نحو النبع...

ان قراتم هذا الجزء ارجو ان ارى ردودكم كي اعرف هل اتابع ام لا وفي الفصول القادمة سأقوم بإرفاق بعض الرسوم للشخصيات من إبداعي.. سأكون سعيدة بمعرفة آراءكم

قبضة النمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن