«ما زلتُ أُبعثر عليكَ بين الجميع ولم ألقاكَ بعد، هل العيبُ فيَّ وأنا من فشلتُ في إيجادك؟ أم أنتَ المُتخفي من مُحبتكَ لسببٍ مجهول؟»..
كتَبت "حياء" كلِماتها ووقفت أمام المرآةِ تضعُ الحُمرةَ على شفَتيها، وترسل لخُلدها قُبلةً وتخرُج مُسرِعةً فاليوم مُميز، وبعد دقائق ستتلاقى عقارب الساعة وتُعلن بداية سنة جديدة، والجميع ينتظر قدوم المُغنية "حياء"، لترتفع أصوات الجميع وهُم يهتفون بِاسمِها وتخرج هي من وراء الستائر وتبدأ بالغناء والجميع مُغيَّب بموسيقاها وصوتها، وتمايل جسدها وشعرها، الخمرُ في يد الأغلبية، الفتيات لا تُستر مفاتنها، يُعريون أكثر للإغراء أكثر، وجنسُ آدم لا يغُض البصرَ، تتلامس أجسادهم في رقصاتٍ مُبعثرة، على صوت امرأة رفعت الأدرنالين في أجسادهم بصوتها، ليغرق الجميع ويسبح في الحرام معًا وتُنهي هي غنائها لتُهم إلى منزلها مستمتعةً باليوم، لتبدأ ليلتها بالإنعام في حمامٍ دافئ.
مضى القليل لتخرج من الخلاء وهي تلُف حول جسدها منشفةً بيضاء كبيرة، وقبل أن تدخل غُرفتها لترتدي ثيابها سمعت أحدًا يقول:
_كُنتِ قبيحة اليوم، كيفَ تتمايلي بجسدك هكذا، أنتِ مُقززة يا حياء، مُقززة.
نظرت نحوهُ بِلامبالاةٍ ودلفت ترتدي ثيابها وهي تهتف بصوتٍ مُرتفع:
_ ألن تكُف عن تلكَ الثرثرة يا يوسف! كُل مرة تقول نفس الحديث، ألن تملَّ أبدًا صاح؟
_ألن تكُفي أنتِ، كُل يومٍ أسمعُ حديثًا يُشعل نيرانَ قلبي بسببك، يُلقبوني بالديوثِ يا حياء وكُل هذا من تحت رأسك.
خرَجت"حياء" وهيَ تُمسك بيدها كيسًا صغيرًا بهِ مادة بيضاء رملية وقامت برميها أعلى الكُرسي وقالت:
_ بعضًا من المُخدِرات قد تفي بالغرض لكتم فمك، أليس كذلك!
هرول هوَ نحوَ الكيس ولم يُعطِ لها أي اهتِمامٍ واكتفى بنظرة سُخرية.
صوبت نظرها إليه وهيَ تُشاهدهُ كيفَ يتعاطى المُخدرات ويقوم ببيعها لأجلها، فَبتسمت بحسرةٍ وذهبت للشرفة الخارجية لتستمع بنسمات الهواء وتكتب من جديد:
_ السلامُ عليكَ يا "أرسلان" بينما لا يعرف السلامُ عني شيء، أتذكرك دائمًا وقلبي لازال مُتعلقًا بك، أتذكر أول يوم اعترفت لي بمشاعرك الكامنة بداخلك مُنذُ زمنٍ طويل، أتذكر حضُنك الأول لي عندما كُنت أبكِ من صراعات الدُنيا، اتذكر حديثك المعسول، وكلماتك الحاضنة لقلبي،
«إن شُلت قدميكِ سأحملُكِ أنا، وأسير في الدُنيا راكضًا لأجل أن أنالُكِ»، جُملة قُلتها أنتَ وأنهيتُها بـ «أنا أعدُكِ بِذلك»، أينَ وعدُكَ يا من لا تَفقه عن العهدِ شيئًا؟ "حائطٌ من ورق" مُصطلحٌ يليقُ بكَ حقًا، فَأنتَ ورقة طويتُها بيدي ولن أُبعثر بهَا مرةً أُخرى.اقتص صوت "نوح" حبال ذكريات "حياء" وقال:
_ إذًا أنتِ من قتلتِ شقيقك يا حياء!
أمسكت" حياء" رأسها بشدة ثُم أهزتها يسارًا ويمينًا وهتفت:
_ لا لم أفعلها، أنا لم أقتل يوسف، لم أقتله!
_ إن لم تكوني أنتِ فدعينا نُفكر بهدوء، من لهُ مكسب في قتل يوسف؟
رفعت حياء رأسها ونظرت لـ "نوح" نظرةً طالت لدقائق، كانت نظرتها تملأها الخوف، وكأنها مُكبلة بأغلال الظُلم، يُخيم الُرعب بداخلها، يبدو أن الحياة حقًا لا تُعطينا كُل شيء نريده نحنُ.
غبيٌ من يُصدق ابتسامة الحياة البريئة، يعتقد إنها تبتسم بدون مقابل!
لا يعلم إنها كالعقرب، تُريح جسدها بين يديك لتجعلك تلتمس الأمان ومِن ثُمَ تدسُ سُمها داخل بَدَنك؛ الحياةُ حقيرة يا عزيزي، تنتظرك أن تستمد قوتك ومن ثُم
تغرز مخالبها في قلبك لتعتصرهُ وتترُكك مرةً أُخرى ضعيفًا مُستسلمًا لهَا.
زفرت "حياء" بهدوء وهتفت:
_ أنا لستُ بخير الآن يمكنك أن تترُكني اليوم؟
اهتز "نوح" رأسهُ ونهضَ خارجًا من غرفة "حياء" ليترُكها تسبح في أحبال تفكيرها لتهتف بصوتٍ مهزوم:
_ أنا السيئة في رواية الجميع وأول الجميعُ أنا.
تأففت بإرهاق لتذهب إلى رحلة النوم هاربة من ضوضاء العالم وضجيجه.***
بعد تحليلي لشخصية "حياء" أعتقد إنكِ مُحقة، حقًا يُمكن للصدمات أن تؤدي إلى خلل في العقل، لكن هل هي مجرمة أم لا، لا أعلم حتى الآن، جميع الدلائل ضدها وأمام عينيها تُبرِأُها رغمًا عنكَ؛ تلكَ أول جريمة تُعيق طريقي.
أنهى "نوح" حديثهُ وهو مُشتت، كونهُ ضابط ومقامهُ لا يسمح له بالاستسلام، يجب أن يجد حلًا، حتى وإن صارع النوم.
_ "لدى حياء انفصام البارانوي، وذلك يُثبت أنها يُمكن أن تكون القاتلة ولكن تحت تأثير مرض نفسي، فإن لم تُسجن ستكون مريضة عقلية داخل المُستشفى؛ يتعجب العقل حقًا! كيفَ لمُطربة غنائية مثلها تكون مُهششة العظام هكذا!
الآن اقتنعت أن الحياة لا تُعطي كُل شيء، وليسَ المال هو أهم شيء."
كان ذلك صوت الطبيبة "هنَا" الذي جعل التشتُت يمتلك من عقل "نوح" أكثر فأردف بإرهاق:
_دعينا نُكمل حديثنا في الغد، أحضري حقيبقتك الآن لأوصلك إلى منزلك.
أومأت "هنا" رأسِها ونهضت معه مغادرةً مكانها.***
بينما تجلس "حياء" والسكين في يدها وغارقًا "يوسف" أمامها بالدماء، هُناك بعض الدماء الأخرى تُلطخ يديها، صوت الرجال على الباب يبدو عاليًا، وهي فقط تبكي! حاولت النهوض مرة، اثنين، وثلاثة، لكن.. لم تعُد تحملها قدميها؛ تُريد الفرار والهروب قبل القبض عليها ولكن الصوت يعلو رويدًا رويدًا، الإضاءة تنخفض ببطء، تُرى من القاتل وكيف!
- يتبع
أولًا بحب اشكر كل شخص دعمني، وبجد فرحانة على الحماس ده وبجد بشكركم، ثانيًا مواعيد النشر هتبقا كل خميس وبإذن الله عند حسن ظنكم وتبقا الرواية لطيفة على قلوبكم ودام الله عليكم خيرهِ ♡
أنت تقرأ
قُبُلات عارية.
Aventureقُبُلات عارية.. أن يتعرى المرءُ بما يفعلهُ أمام الجميع، أن يُكشف سِتار حياتهِ تحت مُسمى «إثارة الجدل»، ويكون الشرُ عارمًا والجريمةُ عارية، وذرية أدم أشبه بالصمُ والبُكم، تلكَ هي القُبُلات المُتعارية، بل الجرائم الفاضحة.