أتذكر عندما كانت صغيرة و رأيتها لأول مرة بفستانها الأزرق تلمع كالجوهرة أعجبت بها و كبر الإعجاب ليصبح حبا في كل مرة كنت ألتقي بها في زيارتها مع والديها ، و رغم أني لم أرها لفترات طويلة إلا أنه أصبح حبي لها لدرجة الجنون وكم حلمت بها، حيث أنني كنت أتسلل إلى جامعتها عندما سمعت جدتي تتحدث عنها ذات مرة ،كانت فرصتي في أن أتعقبها و أعرف مكانها ،و في المرة التي أرادت جدتي انتقالها معنا كان يوم سعدي فستكون قريبة مني و يمكنني مراقبتها و تفحص تفاصيها و نقشها في عقلي ..جوليا تلك الفتاة ذات العيون البندقية التي لطالما أردتها لي ترسخت في قلبي وحدها ، الآن هي في بيتنا تمشي على بلاطنا تترك رائحتها في كل ركن منه تكاد تفقدني سيطرتي، كم أحببت الذهاب إلى غرفتها ليلا و رؤيتها و هي نائمة تشبه الملاك وكم أردت ألمس كل جزء فيها و ألثم فاهها المثير بقبلة طويلة ، عقلي المجنون يخبرني أن أخطفها و أفعل بها ما أريد ، أنا أعلم أنها لا تريدني لكن سيكون مجرد وقت ستقبل بي يوما ما و ترضى بمصيرها معي أنا وحدي فلا أحد يحبها أكثر مني ...
زياراتها للمكتبة أصبحت تزعجني فنظرات ذلك الأحمق إليها تثير غضبي و غيرتي الشديدان أود لو أخبأها عن الجميع .
كان اليوم هو بداية داومها في الجامعة غادرت قبلها إلى العمل لكني قررت أن أزورها بعد المحاضرة الأولى لها و المفاجأة أني لم أجدها كدت أفقد عقلي أين ذهبت تحدثت مع صديقتها لكنها لم تكن تعرف مكانها كيف ذلك !! أتسمي نفسها صديقة؟ اشتظت غضبا و أنا أبحث عنها في كل ركن من الجامعة لكن نظرات صديقتها حركت شكوكي فتبعتها دون أن تشعر و رأيتها تتصل حينها سمعتها تلفظ اسمها و تخبرها أن تعود إلى الحرم الجامعي ، فاتجهت للخارج بسرعة و انتظرتها في زاوية قريبة من بوابة الجامعة ، لحظات قصيرة و رأيتها تقرب من المدخل متأنقة بثوب جميل و تسريحة شعرها الطويل هنا أحسست جسدي كبركان ثائر و لم أشعر كيف هرعت إليها و جذبتها بقوة إلى مكان ركن سيارتي و حاصرتها معها و صرت أصرخ في وجهها دون توقف لكن الذي لم يكن في حسباني أن أجد ذلك الأحمق هناك و يباغتني بلكمة قوية حتى كاد أن يغمى علي، وقعت أرضا و لم أستطع الوقوف لمدة ، و حين استعدت توازني كانا قد رحلا معا ...سحقا ! هل يلتقيان من ورائي ؟ لقد كانت شكوكي في محلها ربما يحبان بعضهما ..لا لا هذا مستحيل جوليا لي وحدي سيرى ذلك لن تحب أحد غيري .. هو لا يعلم أنها يتيمة ولا تملك أحدا و الكل تخلى عنها ! نعم لا يعرف سيتركها اذا علم ذلك .. أو ربما سيشفق عليها فقط ...أنا أعرف كيف سأحاسبها على ذلك
تركت المكان و رأسي يشتعل بالأفكار و الوساوس و عدت للعمل متأخرا ، فواجهت موجة من التوبيخ من طرف صاحب الشركة ... هذا ما كان ينقصني في يوم كهذا !!
عدت في المساء باكرا للبيت و كل ما كان يشغل بالي هو جوليا، اتجهت لغرفة جدتي و طلبت منها أن أحدثها في موضوع خاص و هنا فاتحتها بموضوع جوليا و أني أريد خطبتها لم يكن الأمر مفاجأ لها فنظراتي لها واضحة أمام الجميع وأني متيم بها أمر ظاهر ،لكنها سألتني بوضوح عن رأي جوليا:
و هل هي موافقة ؟ ثم نظرت إلي قليلا و أردفت : ما به وجهك ؟!
اللعنة نسيت أثر اللكمة نظرا لتفكيري بموضوع جوليا فقلت متحججا : آه لا شيء لقد اصطدمت بالباب في مكان العمل و ظلت تنظر إلي غير مقتنعة بكذبتي ، فعدت أقول : أما بخصوص جوليا فهي ستقبل بالتأكيد وحين تعود اسأليها. و هنا روادتني فكرة خبيثة .
انتظرت قرابة وقت مجيئها و ذهبت إلى غرفتها و استلقيت في سريرها المملوء برائحتها النفاثة و أخذت أشتمها كالمدمن ، بقيت على حالي حتى فتح الباب قبالتي و أطلت منه صاحبة الرائحة التي تفقدني عقلي نظرت إلي مفزوعة و قالت بغضب: ما الذي تفعله هنا ؟!
و كادت أن تصرخ لكني اقتربت منها بسرعة و أغلقت الباب من خلفها و كممت فمها بكفي و قلت : شووووت لا تريدين فضيحة تنتهي بزواجنا ، لا تتسرعي كل شيء سيأتي في وقته المناسب. و ابتمست بخبث.
أبعدت يدي بغضب و دفعتني من أمامها و قالت :
يا لك من وقح ! غادر فورا ألم يكفك ما فعلته اليوم في الجامعة !
و هنا تذكرت الموقف ، سحبتها من جذعها بقوة و همست في أذنها: على ذكر هذا الموضوع سأكافؤك بكرم ...لقد خطبتك من جدتي هذا المساء و لقد أخبرتها أنك موافقة لذا لا تغيري قرارك و إلا سأخبرها ماذا حدث اليوم و أنك كنت ستهربين مع أحد الشباب و الذي كنت تتردين إلى المكتبة من أجل رؤيته ، تعرفين تكملة الحكاية و ما الذي يمكنها فعله بك و ماذا عن جدي إذا سمع بالقصة ، ستنسين أمر الدراسة و تعيشين كالخادمة في هذا البيت، و كما تعلمين لا أحد يشفق عليك لا داعي أن أذكرك كل مرة
نظرت إلي في دهشة : و أبعدتني ثم رفعت يدها لتصفعني لكني أمسكتها و ابتسمت قائلا : ليس هذه المرة .
أنت تقرأ
الغاثان
Fantasyربما لم تكن تلك الحياة التي ستنصفنا ربما كان الألم صديق للمتعة و نحن من عاتبناه بتذمرنا ألم يكن علينا التحمل قليلا..قليلا بعد لنرى النور .. لكننا اخترنا النجاة بسرعة خوفا ان نفقد أرواحنا اليافعة فقدمناها قربانا للزمن دون أن ندري لتنجو أرواحا أخرى