أتى جيش من الغيوم يعلن غزوته لصفاء السماء، ليتوارى القمر محتضنا النجوم بعيدا. نظرت لذلك المشهد من خلف زجاج نافذتى بدت الغيوم ثقيله و بطيئة الحركة للغاية، المنازل بالاسفل اغلقت مصابيحها و نوافذها، لا شئ قيد الخدمة سوى عمود إنارة يرتعش مصباحه خفوتا و ضيائا، لا ينير سوى رقعه صغيرة من الشارع.
لففت نفسى بشال صوفى كنت قد صنعته منذ أيام و لكننى لم أشعر بالدفء، محاولاتى دائما تبوء بالفشل و لا اصل للدفء، لم يكن جسدى مرتعدا بل قلبي، قلبي يشعر بالصقيع و مشاعرى ايضا، تلك المشاعر التى القيت بها في اللاوعى تعود الان لمهاجمتى .
أحيانا اشعر بالحنق نحو اقرانى من البشر فهم يشعرون بالصقيع فصل واحد فقط بالعام ، من شدة اشتياقهم له يحتفلون بقدومه، مشروبات ساخنه و احاديث ليلية و احضان متبادلة .
لكن انا أشعر به طوال العام و بكل الاوقات إن طقس مزاجى دائما ممطر و بارد .لا أعلم هل سأكون ضئيلة الأدب اذا اعترفت بإشتياقي لحضن، ذراعين يضمان ضعفى و احلامى يربطان علي ظهرى الذى أحنته ثقل الوحدة، أشتاق لتلك المساحه من الأمان حقا هما فقد ذراعين لكن بالنسبه لي هما وطن و مستقر.
ان خصلات شعرى سأمت من تخلل اصابع المشط إياها، ماذا عن ذلك الشعور بأصابع تزيح خصلات حائرة من علي وجهى تلمس اطرافه و تمشطه بحنو تعبث به.
كنت ابادر دوما بذلك مع قطتى اعبث بشعرها و امرر أصابعى بين خصلاته، كانت تغمض عينيها و تميل فوق كف يدى و تنكمش نحوى و كأنها تعبر لي عن امتنانها . و كنت اقول متى تمنحنى الحياه تلك الدقائق مثل ما منحتك انتى ايتها القطه .سئمت من هاتفي و انا اتصفح الاخبار او التلفاز، إن الجميع يلتف حولها و يلتفت اليها و لكن لماذا انا لا يلتفت احد اتجاهى ؟!
اكاد أجزم ان هاتفي لم تصله رساله منذ سنوات، منذ ان كنت طفله فقد كانت تراسلنى مدرستى كإستدعاء ولي أمر، و كبرت فبدأت تراسلنى شركه النت و المياه و هكذا لسداد الفواتير، لم لا يتصفح احدهم اخبارى، عجبا و من سيفعل فأنا فتاه تقليدية التفاصيل مكررة الاحداث و الكلمات، ملامحى ليست بقوقازية مغرية و لا بزنجية ساحرة، فتاه تنسى تفاصيلها بمجرد رحيلها و لا تنجذب لها اذا أتت امامك.
ليست عدم ثقه بذاتى و لكن هذا العالم سندوتش برجر و انا صحن من شوربة الخضروات، لا يتذكرها احد سوى بمواقف المرض او لعقاب الصغار، حقا ان حتى صحن شوربة الخضروات افضل منى حال علي الاقل هناك من يتذكره .
بذلك الصقيع واجب على ان ارطب وجهى و شفتاى، ان الجفاف يفتك بهما ان بنات حواء يفتك بهم العديد من الأشياء. بثور، هرمونات، تساقط شعر و جفاف و الخ.......
لا أعلم من أين أتت لى جرأة التفكير انه كيف ستكون نتيجه الترطيب بشفاه أحدهم، شفاه تقبل كل إنش بوجهى و تنتقل برشاقه بين تفاصيله.
ثم تعانق شفاتى الباردتان الخاويتنا من العشق، تواقعهما بنهم و شغف. ان قبلات العشق تنير الوجه ارهان انها افضل من اى اكسير للشباب او مرطبات جلدية.
يالله من تلك افكار، و لكننى ضجرت بشدة من مشاركه الجماد تفاصيل حياتى، مثلا مرآتى لو تكلمت ستبصق على بسبب كثرة مرورى امامها، و انا ايضا يا مرآتى اتفهمك، ماذا عن عينين ترمقانى بحب تسائلت دوما عن احساس الفتاه عندما ترمقها عيون محبة. تخبرها بنظرات فقط انها جميلة و تفاصيلها تشع جذابية، انها جسدها تضفى رونق للملابس و ليس العكس، انها حقا مثيرة، بنظرات فقط يخبرها بكل الوان الغزل.
اشتقت لصديقه، لرفيقه درب، اتسائل ما هو الشعور عندما نتسوق معا و نمر بكل محل ملابس و بالنهاية نختار ذات التصميم و ذات اللون لا جديد ، او اننا ندخر نقودا حتى نشترى سويا مستحضرات التجميل، ان تعيب علي احداهن او تسخر منى فتدافع عنى صديقتى او شقيقتى و ترد لي كبريائى امامها .
ان اجدها تعانقنى يوم زفافى و توصى زوجى بي خيرا، اكاد اجزم انه سيخاف منها اكثر من خوفه من والدى فهو يعرف انها شقيقه الروح.
عن من تشاركنى قلق ليالي الامتحانات و سعادة يوم ظهور النتيجه.انا كورقه شجر طردها الغصن متحججا بثقلها رغم انه يحمل العصفور و لا يشتكى. كلماتى ليست مرتبة حتى من سيقرأها سيشعر بذلك، تداخل و زحام من المشاعر، لا يعلم هل انا احتاج لحبيب ام صديقه ام عائلة.
لكننى سأجيب أننى أحتاج ان اشعر ، احتاج ان يعمل قلبي بسبيل غير ان يضخ الدماء، ان اجرب دفء مختلف غير دفء منسوجات الصوف.
اريد ان اضع انسانيتى قيد التفعيل انا متعطشة ان اكون انسانه بحق . إن أحلامى البسيطة تاهت بين اكناف العالم و كأنها ابرة صغيرة ضلت الطريق بكومه قش .
إمِــــــــضــــــــآء:-
مِــــــــجَهِوُلَة
أنت تقرأ
صباحا بعد منتصف الليل
General Fictionالغروب ينتهى ، و يبزغ القمر ، يستيقظ حينها الحزن فهو بارع بإختيار الأوقات المناسبة للحضور ، ينتظر أن يتحرر عقلى من ضوضاء اليوم و انقشاع الصباح الكونى، ليبدأ هو يومه ، اسمع صوت أقدامه يقترب ، لينزوى قلبي مختبئا خلف ضلوعى ، إن الحزن سيبدأ سهرته معى بع...