{ الأمسية الخامسة }

6 2 0
                                    

لطالما كنت أتخيلنى و انا رجلا كبيرا، يكسر القواعد يسهر ليلا، و يتنفس التبغ، يرافق ما شاء من النساء الناضجات انوثة.
تخليتنى و أنا أجوب شوارع المدينة بلا رفقه من أبواى، أنفذ ما أفكر به دون لوم، و متى سينتهى وقت النصيحة و العقاب، تخيلتنى و انا أدخل السينما دون أن يستوقفنى أحد بحجه أنه فيلم للكبار فقط.
ان أشرب الشاى و القهوة و أمسك هاتفى اعبث به وقتما أشاء. أن اقود السيارة بسرعه الصوت.
أن افهم كلمات الكبار و اجلس بمجالسهم دون أن ترمقنى امى بشرر حتى اخرج. ان لا تؤجل إجابات تساؤلاتى لاننى لست كبيرا بما فيه الكفاية.
عالم الكبار ملئ بالامتيازات يكفى ان تكون بشوارب و غليظ الصوت حتى تفعل ما تريد، بطاقه مرور لكل الممنوعات.
حتى انضممت لنادى الكبار و اكتشفت الخدعه، لم يخبرونى أننى سأسهر ليلا لإنهاء ما تبقى من أعمال او لأنها فرصه مناسبة للبكاء بعيدا عن سخرية الناس، أننى سأتجرع التبغ حتى انفس غضبى و قلقى و سيكون طعامى و مشربى، لم يخبرونى أننى سأقود السيارة، و لكن ستلاحقنى غرامات المرور و إرتفاع أسعار الوقود و زحام الطريق و مشاجرات كل ثانية و الأخرى.
لم يخبرونى ان هناك أشياء كثيرة للكبار فقط غير الأفلام، فالحزن و اللهاث لعلة الإسترزاق، و ايثار الذات و الحرمان، الحروب و المبيت على حدود الدول، و المعتقلات، تحمل المسؤوليات رغم وهن الأكتاف، و كتم الأعين لدموعها.
لم يخبرونى ان هناك ممنوعات غير أكل المقرمشات، ممنوع الشكوى، ممنوع اليأس، لا تملك رفاهية الإنهيار، ممنوع الإتكاء على غيرك حتى لو كسرت ساقك، إحترق و لا تترك خلفك رماد، ممنوع التوقف عن العمل أو السعى نحو القمه حتى لو كنت تخشى المرتفعات.
أنت كبير و هذا يمنعك أن تعترف بأن كل ما حولك أكبر منك أو أن تبوح بمخاوفك، كبرت و كبرنا جميعا، و افترقت بنا السبل، منا من ضل طريقه بالغربة، من تلهتمه قوانين الرأسمالية، من يسكن السجن بعد محاكمه لم يدافع بها عن حقه، من قتل بمعركة لا يعلم عنها شيئا، من إختفى و لم يعد، من إستقطبته التيارات الفكرية و رمته نحو شواطئ العهر العقلي، و من يتردد على الأطباء النفسيين.
كبرنا و عد تصاعدى نحو الفناء.
أريد أمى، أريد النوم أمام التلفاز و ان يحملنى أبى على كتفه نحو غرفتى، أريد أن أعود صغيرا، يا أيها الزمن قف قليلا فلننتفاهم سأمت من ركضك نحو الكبر

 أريد أمى، أريد النوم أمام التلفاز و ان يحملنى أبى على كتفه نحو غرفتى، أريد أن أعود صغيرا، يا أيها الزمن قف قليلا فلننتفاهم سأمت من ركضك نحو الكبر

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 12 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

صباحا بعد منتصف الليل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن