Part 1

217 16 8
                                    

في اليوم الذي تقرر فيه أن تضعَ مستقبلك جانبًا وترى حقيقةَ حياتك، في الليلةِ التي تُغلق فيها عينيك آملًا أن تكونَ هذه هي النهاية، في تلك اللحظة التي تفقد فيها السيطرة على جسدك وترتخي جميعُ عضلاتك وتشعرُ كأنك تسبحُ في الفضاء، ستدرك حينها أن الحياةَ بأسرها لا تعني شيئًا! 

كان هذا آخر ما دارَ بذهني قبل أن أستسلم للماء ليدخل في رئتي ويمنع عنها الهواء، ظننتُ أنني إن فتحت عيني مرةً أخرى سأكون في عالمٍ آخر وحياة جديدة آمل أن تكونَ أفضل

فتحتُ عيني بهدوء وببطء، شعرت بتيار هواء رقيق يشق طريقه في فمي، وقد لامست شفتاي شفاهٌ بنعومةٍ الحرير أو ربما أكثر، استقبلتني ابتسامةٌ دافئةٌ كشمسٍ سطعت بعد ليلةٍ شتاءٍ طويلة، وجهٌ كطلةٍ البدرِ بل أبهى

لم أفتح عيني في عالمٍ آخر، أصدق الآن أنني فتحتهما وأنا بين أحضان النعيم 

" هل .. هل أنت بخير؟ " 

سألني بصوتٍ ناعمٍ مهزوز وهو يحاول مساعدتي للنهوض

كانَ مظهرهُ أنيقًا للغاية، يرتدي زيَّا مهندمًا، أطلتُ النظر في وجهه ولم أنتبه لمرور اللحظات 

" هل أصابك مكروه؟ لنذهب إلى المشفى لأستطيعَ فحصك" 

- أنا بخير لا بأس، قلتها وأنا أعضُ أسناني من الغيظ! 

 لماذا أنقذتني؟! لماذا لم تدعني أُنهي هذا الجحيم! 

= لا يبدو وجهك بخيرٍ على الإطلاق، لقد عُدت من الموت لتوك! دعني أصحبك إلى المشفى رجاءًا 

لم أستطع أن أقاوم إصراره وذهبت معه كالطفلٍ المُطيع 

= بالمناسبة، اسمي هيون، أنا طبيبٌ في قسم الطوارئ

- لا عجب أنك كنت ماهرًا في إنقاذي، ولا عجب في إلحاحك للذهاب للمشفى! 

ابتسم بشكل لطيفٍ قائلًا " أحب القيام بعملي، لم تخبرني باسمك بعد" 

= فيليكس، يمكنك مناداتي فيليكس 

- حسنًا فيليكس! سأتجنبُ سؤالك عما كنت تحاول فعله للتو، لنطمئن عليك ثم ننقاش هذا الأمر إن لم تكُن تمانع 

بدا لي أنه تحدث في أمرٍ مهم، لكن بالي لم يكن معه! 

ما الذي يحدث هنا بحق السماء؟ أعيش في هذه البلدةٍ سنينَ عمري، لكن ... كيف لم أرَّ هذه الشوارع من قبل؟ ومتى ظهرت كل هذه السيارات ذات الطراز الحديث؟ ومتى بُنيت كل هذه الأبنية! لابد أن النهر قد جرفني بعيدًا! 

- دكتور هيون.. عذرًا لكن.. أين المشفى الذي تعمل به؟ 

= هيون، نادني هيون فقط، أراهن أننا في عمرٍ متقارب لا داعي لتكون رسميًا هكذا،  أعمل في مشفى سيوول المركزي 

- ماذا؟ مهلا ما هذا الجنون؟ 

هل نحن في سيوول؟ ومنذ متى تعمل هناك؟ لم أرك في حياتي بالرغم من زياراتي المتكررة للمشفى! 

= هل سألت لتوك إن كنا في سيول؟ اوه حسنًا، أظن أن علينا إجراء الفحص سريعًا! 

ما الذي يقصده الآن؟ هل يظن أنني أهذي أم ماذا؟ 

مـ .. ما هذا؟ 

متى تم تجديد المشفى بهذا الشكل؟

سألته وقد تسمرت أمام بوابة المشفى ذاهلًا

= تجديد؟ إنها هكذا منذ أعوام! 

اللعنة! أظن أنني فقدت صوابي

أمسك يدي التي بدأت ترتجف وحاول تهدئة خوفي 

" لا بأس، ستكون بخيرٍ " 

تمسكتُ بكلماته تلك لتحميني من الوقوع من حافة الجنون 

دخلتُ المشفى ممسكًا بيده، اتأمل الطرقات التي تغيرت بين ليلة وضحاها بالفعل، كيف يعقل أن تكون هكذا منذ أعوام؟! هل فقدتُ ذاكرتي أم ماذا؟! 

توجهنا إلى الاستقبال لتسجيل البيانات اللازمة 

مهلًا لحظة! هل قال هذا المجنونُ لتوه أن تاريخَ اليوم الأول من مايو عامَ 2040؟؟! 

يُتبع..

Deja Vu Where stories live. Discover now