ها هي تسطع بجمالها الباهر فتاة ليس لها في البهاء مثيل عيون خضراء، بشرة بيضاء، جسد ممشوق، شعر بني بالصفرة ممزوج، جالسة على كرسي وأمامها كوب من القهوة، قهوة ممزوجة بحليب يكسر لونها، ويزيد جمالها، فيحولها من مرارة إلى حلاوة، ومن حزن الى سعادة، من لون بني قاتم الى لون مخمري مذهب، وبجوار هذا الكوب قطعه من الكيكة، وفي يديها كتاب تقرأه، وإن لاحظت عيونها وهي تسبح بين كلماته، لعلمت، وتيقنت، أن محتواه يجذبها، مشهد من قمة جماله لو رآه أحدهم لأدمنه، لما إستطاع أن يستيقظ إلا له، مشهد فتاة برقتها وبريقها تسطع وتلمع كجوهرة تعكس شعاع الشمس الساقط عليها .
فجأة وعلى الرغم من إنشغالها في القراءة، تلاحظ الجميلة جمالا يرفر يمينا ويسارا ليقف لوهلة على أطراف وردة أمامها،فراشة ذات الوان ذاهية وخطوط باهية مرسومة بيد متقنة، فتراقبها وتتأمل جمالها، فسبحان الله الخالق المبدع، الذي خلق فأبدع وجعل لكل جميل ما هو أجمل منه فهذه الفتاة من كثرة جمالها وحسن جوهرها لا ترى في نفسها الجمال ولكن ترى كل الوجود جميل، يقطع هذا التأمل صوت ينادي، صوت فيه الرأفه ممزوجة بالقسوة، صوت فيه طمأنينة ممزوجة بالخوف، صوت كله أمل، صوت بين طياته يخبرك أنك لابد أن تستجيب للنداء، كثيرا ما يكون هذا النداء وهمي لا يخبرك بشئ، وفي الغالب يكون نداء استغاثة كاذبة او نداء تنبيه كاذب ايضا، كل هذا يصف نداء الأم على اولادها، فهي في الغالب لا تحتاج إلى شئ ولكنها قررت أن تنادي، أحيانا يكون هناك تكليف أو مهمة وأحيانا يكون نداء بلا غايةأو همة، نعم هذة هي الأم، فمن الممكن يكون هذا النداء لكي تَطمَئِنُ، وأحيانا يكون لكي تُطمئِن بأنها هنا وموجودة بأنها دفئ يحتوي مخاوفنا، تحمي أطفالها حتى من خيالاتها، نادت الأم على إبنتها
الأم: نورسين، تعالي بسرعة عايزاكي .
نورسين: ماما طب ممكن ثواني .
الأم: انا بقول حالا تعالي .
نورسين: نعم ي ماما، وبعدين مش قولتلك مش بحب الاسم ده .
الام: الإسم ده زي قدرك لازم ترضي بيه وتحبيه، وبعدين هو إنتي إسمك وحش ؟ ازاي عايزة أفهم، ده قمر.
نورسين: قمر ولا نوره، حساه تقيل على اللسان قولي يا نور أحسن .
الأم: نور، جت على السين يعني أما حكم، طب بصي يا نور من غير سين .
نورسين: نعم يا ماما نعم .
الأم: خدي قطعيلي الملوخية دي علشان مش هعرف أقطعها لوحدي .
نورسين: ليه هي بتعض ي ماما.
الأم: لا ي خفيفة مش بتعض بس باباكي هو اللي بيعض، فإنجزي علشان نلحق نخلص، وقوليلي كنتي بتعملي إي وانا بنادي عليكي .**هنا نرى مكر الأمهات في الأسئلة، فسؤلها هنا ليس سؤال عابر وإنما يراد به معرفة لماذا أحست على ابنتها بالخوف هل لأنها كانت في خطر أم أنه إنذار مستقبلي بالخطر، أم أنه خوف الأمهات ليس إلا، ولكن هذا الخيار مسبعد تماما فإحساسهم لا يخطئ أبدا .
نورسين: كنت بفطر وبقرا كتاب .
الأم: فطار قال وإنتي مسميه ده فطار، وكتاب اي ده بقى .
نورسين: كتاب حلو اوووي ي ماما رعب ورومانسية مع بعض فعاملين مكس رهيب .
الأم: طب ما تحكيلي ي فالحة المكس الرهيب ده، واهو نتسلى بدال الملل ده .
نورسين: بصي يا ماما البطلة كانت بتحب مامتها خالص خالص اوووي اووي بس لما مامتها كانت بتنادي عليها باسم هي مش بتحبه، فجبلها إكتئاب وقررت تنتحر ومش بس كدة لا طلعت لأمها بالليل وقتلتها .
فردت الأم مبتسمة: حاسه اني سمعت القصة دي قبل كدة، كمان سمعت إن البنت كانت بتتعب لما أمها بتقولها اعملي معايا الملوخية مثلا .
فردت نورسين وهي تكتم ضحكاتها: أيوة يا ماما فعلا عرفتي ازاي .
فردت الام بسخرية: اصل البنت دي كانت بتعمل غلطة كبيرة في حياتها عارفة اي هي.
ردت نورسين بتعجب: بتعمل اي ؟
فقالت الام بصوت كله سخرية: مكنتش بتتغطى بالليل كويس ي خايبة .
وفجأة يعم الضحك أرجاء الغرفة، لوهلة ظنت نورسين بأن أمها سوف توبخها بشكل من الاشكال، ولكنها تفاجأت بردها المباغت والمضحك، فلطالما كانت والدتها حنونة عطوفة عليها، ولكنها أحيانا تقسوى من خوفها عليها، ونورسين تعلم أيضا أنها لو قالت لها ماذا كانت تقرأ فعليا، كانت ستُعلن الحرب عليها، فنورسين تعشق كل ما هو غامض وكل ما هو جديد، تعشق كل ما يخص العوالم الأخرى، وأمها ترى بذلك خوفا كبيرا عليها .
أنت تقرأ
أرجوك لا تنطفئ
Mystery / Thrillerحين يختفى الضوء بداخلك؛ سيجردك الظلام كل أحلامك، وعندما ينطفئ مصباح غرفتك؛ تيقن أنك لست بمفردك، فهل من تسبب في ظلمة غرفتك هو من ازال الضوء من داخلك؟ ..... أرجوك لا تنطفئ فالظلام دائما بارد ومخيف !!!!! قد تكون القصة حقيقية للبعض وللبعض الاخر لا ولكني...