عبور الأزمنة: سجل الرفيق المنتظر

51 13 1
                                    


زفر الأمير "سيهون" نفساً محملاً بخيبة الأمل، وقد كاد يغادر الغرفة المستترة بأقمشة الغموض، لكن صوت الساحر "جونميون" كان له بالمرصاد، "عليكَ بوسم رفيقتك، يا مولاي الأمير".

حدق الأمير بـ"جونميون" وعيناه تقدح شرراً وحيرة "وكيف يمكن لذلك أن يحدث؟"

وقبل أن تطفئ شخصية "جونميون" الحماس النبيل في صدر الأمير، استبق الساحر "تشانيول" بخطوة واثقة، مبشراً بالحل "نُسافر عبر نسيج الزمن".

استرسل الأمير في سؤاله، وقد ترددت في صوته نبرةٌ من القلق الإنساني "أيكون الوسم من دون موافقتها؟"

"تجاوز هذا الهم الآن، يا مولاي؛ فبإمكانك القيام بهذا الوسم في الحال، وعندما يحين المستقبل، تستطيع إيجادها وتكشف لها ما جرى"، رقّ الجو والحديث بهدوء "جونميون".

لم يفت الأمير إلا أن يتساءل عن القدر وحرية الاختيار، معلياً صوت الحق: "وماذا عن حقها في الاختيار؟"

جاء رد "تشانيول" بهيبة الليل الذي يعدُ بطلوع النهار "بعد خمسمائة عام من هذا اليوم تستطيع العثور عليها وأخبارها بالقصة بأكملها".

ألقى "سيهون" تنهيدة المستسلم للقضاء، فأصبحت الأفكار سلسلةً أكثر مرونة في عقله.

ومن ثم ناول "جونميون" الدور لـ"بيكهيون" كي يتصدى لمهمته؛ أشرع "بيكهيون" ذراعيه مخترقاً الفضاء بدوائر تأملية، ومع كل جيب وعرق في الهواء تكشفت البوابة؛ منخرطة ضمن عالمهم كأقدم أسطورة مروية. وتبين منزل آل "جيون"، العائلة التي ستصهر الزمان بقصتها، مدخلاً إلى مستقبل حتمي ولكنه مجهول.

مضى الأمير "سيهون" يتقدم الجميع، يخترق الصمت المخيم بحذر شديد ليدخل غرفة "تالين" في منزل آل جيون المتواضع. يقترب من سريرها بخفة أقدام، حيث كانت ترقد غارقة في النوم، محاطة بسلامها الخاص وعبقها المميز الذي ملأ الغرفة.

تسلل "سيهون" إليها، متأملاً العنق الصافي وقد اختلطت أنفاسه برائحة ياسمين الليل وخفقان موج البحر عند الغسق. الأمير، الذي طال انتظاره لهذا اللقاء لتسعة أعوام وشهور عدة، يُدرك الآن تماماً، وأخيراً، أنَّ هذه هي رفيقته.

تردد صوت "جونميون" خلفه، غارسًا الشك في ثقة الليل "اللعنة! ما الذي تفعله الآن؟"

استيقظ الخوف في عيني النائمة "تالين"، وها هي تتأمل بدهشة هؤلاء الرجال الواقفين على حافة وعيها الفجائي.

لكن الأمير كان سريعاً في التعبير عن ندمه، مضعفًا صوتها بإيماءة معتذرة "أنا أشعر بالأسف لدخول منزلك بهذه الطريقة".

بعفوية وثقة، جلست "تالين" مبتعدة عن يد "سيهون"، دون أن تشعر بخوف، وكأنها على يقين بأن الرجل الذي أمامها هو الرفيق الموعود.

وبصوت يملؤه الاقتضاب والعزم، قال الأمير "قد لا نكون قد تعرفنا بعد، لكن هل لكِ أن تثقي بي؟ سأقوم بوسمك الآن وأعدك، أني سأعود في غضون أسبوع لأشرح لكِ كل شيء".

وقف "جونميون" و"بيكهيون" على جانب، عيونهم محايدة بعيداً عن مركز الأحداث، يتأملون ما يجري من بدايته.

تشابكت أنظار "تالين" و"سيهون" بلا تردد. "سأثق بك، لأنك رفيقي الذي رتّبت له الأقدار، وأؤمن أن السماوات لا تهب سوى خيراً"، تفاعلت كلماتها بثقة.

ابتسم "سيهون" ابتسامة صادقة، ثم انحنى فوق عنق "تالين"، أخرج أنيابه وغرزها برفق، ومع ذلك خرجت قطرات الدم الساخن.

نقل "بيكهيون" سرعة اللحظة، متجهاً نحو البوابة التي على وشك الزوال وقال "سيدي، يجب علينا المغادرة؛ البوابة لن تبقى مفتوحة إلى الأبد، ولا أضمن فتح أخرى للعودة".

أجبر الأمير على الإفاقة من لحظته، أدار نظرة واحدة مشبعة بالحنين نحو "تالين"، ثم مضى نحو البوابة، خطواته متثاقلة والألم يأكل قلبه. متجاوزاً العتبة إلى طيات الماضي، ليتبعه رفاقه، ولكن ليس قبل أن يلقي "جونميون" نظرة على تلك الورقة المعلقة على الحائط، مرصعة بتواريخ ذات أهمية قصوى.

بمجرد زوال البوابة، ملأ "جونغكوك" الفراغ ووطأت قدماه غرفة "تالين"، تلفت حوله بنظرات حائرة "بدا كأن هناك صوت هنا منذ لحظات".

ردت "تالين" بنبرة غائمة، مغتسلة ببقايا الحلم "لم يكن هناك شيء؛ ربما أنت تتوهم".

ما زالت عينا "جونغكوك" تدوران في الغرفة، فمن المعروف أن حواس المستذئبين لا تغفل، لكنه في نهاية المطاف، قرر عدم الاسترسال في التساؤلات وغادر الغرفة، ليترك إحساسه المُرهف معلقًا في الهواء، على أن يفكر في الأمر لاحقًا.

خمسمائة عامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن