الفصل الأول : ضَياع

119 16 23
                                    

لندن 22.5.2019

بين صخب وضجة طلابِ الجامعة .. تجدُ نفسها وحيدة .. واقفة هناك في منتصفِ الممر .. الجميع يمرُ بجانبها .. ولكن لا أحد يلاحظها..

ها قد مرّت أربع محاضرات .. شعرتْ بأنّها كانت تختنق اثنائهم .. هذا المكان ليس لها .. لم يكن من المفترض أن تتواجد فيه .. هذا ليس ما هي عليه وليس ما تريده ..

هل حقاً أن تكون هنا .. في مكان لا تريدُ أن تتواجد فيه .. بين أناسٍ لا تعرفهم .. ومستقبل مجهول وحاضر لا يمكنها السيطرة عليه وهو يخرج عن إرادتها ويأخذ مسارات لم تكن بالأصل وجهتها .. هل كل هذا فعلاً هو قدرها ؟

.

ينتهي دوام الجامعة لليوم .. أعودُ للمنزل ، وأستلقي على السرير . شعورٌ ينتابني وكأنني أغرق .

" ماذا أفعل الآن ؟ "

هذا السؤال الوحيد الذي حضر إلى رأسي .. كالعادة .. وهل هنالك سؤال غير هذا السؤال استمر بسماع صداه في كل زاوية من زوايا رأسي وعقلي ؟

تناولتُ ورقة وقلم وحاولتُ أن أفرغ ما بداخلي من خلالِ الكتابة ، الشيء الوحيد الذي ألجأُ إليه في هكذا أوقات ..ولكن لا فائدة ..

لم أستطع كتابة حرف واحد .. الورقة ما تزال بيضاء ناصعة لا يلطخها أي قطرة حبر ..
رميتُ الورقة بعيداً واستلقيتُ مجدداً على السرير مطلقةً تنهيدة .. حتى سمعتُ صوتَ رنينِ جرس الباب .

" إيميلي هل يمكنكِ رؤية من على الباب من فضلك ؟ "

" حاضرة "

خرجتُ من غرفتي ونزلتُ على السلم ، وفتحتُ الباب .

" مرحباً- "

لم أكمل كلامي ، لأن الدهشة كانت تتملكني.. ياللهول إنها ماري !
لم أستطع تمالك نفسي من الفرحة وقمتُ فوراً بمعانقتها

" اوه يا ماري لن تصدقي كم اشتقتُ لك ! "

" اشتقتُ لكِ أكثر .. ولهذا أتيتُ طوالَ الطريق إلى هنا من ويلز إلى لندن ! "

كانت ماري صديقتي منذ الطفولة ، كلا عائلتينا يعرفان بعضهم البعض جيداً وأنا وماري كنا نلعب ونقضي معظم وقتنا معاً منذ نعومةِ أظفارنا ، هي بمثابة أخت لي .

لكن بعد أن تخرجنا من الثانوية ، ماري تزوجت وانتقلت إلى ويلز والآن هي تكمل دراستها الجامعية هناك .. لذلك لم أتمكن من رؤيتها لفترة لا بأس بها .. ولكن ها هي الآن !

𝕭𝖗𝖔𝖐𝖊𝖓 𝕿𝖎𝖒𝖊حيث تعيش القصص. اكتشف الآن