الفصل الثالث

98 31 0
                                    


في حديقة المنزل تعالت أصوات الشجار بين الجد "عزيز" وأبنه "حمدان" والد ليالي ، بينما وقفت ليالي متجمدة أمامهم فتلك المرة الأولي لرؤيتها بكاء والدتها بتلك الطريقة بينما والدها الرجل الهادئ رأته غاضباً للمرة الأولى بتلك الطريقة وهنا وجدت من وضع يداه علي عينيها وأمسك بكفها وجذبها خلفه ، من رعبها إنساقت خلفه دون إرادة منها حتى توقف عند بعض الأشجار والزهور البديعة ثم رفع يده عن عينيها وقال بهدوء:
-إيه رأيك نقعد هنا سوا ؟
نظرت له ليالي بخوف وقالت :
-أنتَ مين ..؟
أبتسم إبتسامة زادته وسامة فقال :
-انا سلطان أبن عمك محمد .
أبتسمت فقال بلطف:
-ضحكتك حلوة أهيه أومال من ساعة ما جيتِ مكشرة ليه ؟
نظرت ليالي للسماء وقالت بحزن:
-علشان جدك مش عايزنا نيجي أساساً وعمال يتخانق مع بابا ويبهدل ماما أنا بكرهه اوى.
ضحك سلطان وقال :
-بيزعق ؟ لا هو جدي كده ، ده طبعه احمدى ربنا ده لما بيتعصب بيجري ورانا بالعكاز الضربة منه تجيب أجل الواحد طوالي.
ضحكت على كلماته فأكمل :
-اللى فهمته طول السنين دي إن جدي زعلان من أبوكي شوية علشان كسر كلامه وأتجوز مامتك وسافر فهو زعلان من أبنه إحنا بقي ملناش دعوة .
نظرت له ليالي وقالت :
أنتَ عارف إسمي ؟
بادلها سلطان الإبتسامة قائلاً:
-ليالي صح؟
هزت رأسها بنعم وقالت  :
-بتحب تسمع أغاني لمين بقي ؟
أبتسم وقال :
-أم كلثوم وعبد الحليم زى جدى .
أبتسمت وقالت :
انا كمان بسمعهم مع بابا.
دندن سلطان قائلاً:
-أول مرة تحب يا قلبي و أول يوم أتهنى ، ياما علي نار الحب قالولي ولقيتها من الجنة ، أول مرة .. أول مرة.
دندنت خلفه ليالي بإبتسامة :
- ليه بيقولوا الحب قاسية ، ليه بيقولوا شجن ودموع ؟ ، أول حب يمر عليا قادلي الدنيا فرح وشموع .
أكمل الأثنان سوياً:
-أفرح وأملئ الدنيا أماني لا أنا ولا أنتَ هنعشق تاني ، أول مرة .. أول مرة.
****
وقف الجد بين ليالي وسلطان غير مدرك ما هو العمل الصحيح في هذه اللحظة فصرخت به ليالي :
-أوعي يا جدي بعد إذنك أنا راجعة لندن .
ضحك سلطان ساخراً ثم أشار بيده نحو الباب قائلاً:
-يلا يا هانم الباب يفوت جمل ، الورث ده أنتِ اللي مستفادة منه مش أحنا ، أحنا من ناقصين فلوس .
أشارت ليالي لسلطان وقالت لجدها بغضب :
-سامع كلامه يا جدي ، أنا هتجنن أكيد الوصية دي مغلوطة .
تحدث المحامي قائلاً:
-بعد إذنك الوصية صحيحة تماماً والمرحوم كتبها بكامل قواه العقلية .
كادت ليالي أن تسقط أرضا فأمسك بها سلطان ، ثم ساعدها حتى جلست على الكرسي فنظرت له ليالي وأمسكت بيداه وقالت :
-سلطان ، الوصية دي مينفعش تتنفذ أكيد في حل صح؟
لان قلب سلطان حين رأى دموعها فقال بعد أن ضم كفيها بين كفيه :
-متخافيش أكيد في حل ، ومحدش هيغصبك على حاجة متقلقيش خالص .
حضر الجميع بسبب صوتهم وهنا وقفت ثرية أمام سلطان وليالي وطالعتهم بغضب فأدركت ليالي الوضع وسحبت يدها من سلطان فنظر لها ولكنه لاحظ ثرية فوقف على قدماه وقال لجده :
-أتصرف يا جدي ، ديه كارثة .
من بين الجميع تحدثت ثرية قائلة :
-إيه اللي حصل ؟
أمسكت بها أميمة والدة سلطان وقالت :
-ملكيش دعوة يا ثرية .
أبعدتها ثرية فتحدث الجد قائلاً:
-سيبيها يا أميمة الموضوع يخصها .
نظر سلطان لليالي ثم قال :
-نتكلم بعدين يا جدي .
تحدثت ليالي وقالت :
-الموضوع سهل يا جدى أنا مش عايزة الورث ومش عايزة حاجة خالص وهرجع لندن .
هدر بها الجد قائلاً:
-أنا هنا اللى أقول إيه يحصل وإيه لا.
قاطعته ليالي وقالت :
-بس ده ظلم ومش ليا ولا لسلطان بس ده لثرية كمان اللي ملهاش دخل بحاجة خالص .
فأقتربت ثرية من سلطان وقالت :
-تقصدي إيه ؟
تحدث سلطان لثرية وقال :
-يلا يا ثرية أروحك وهبقي احكيلك بعدين .
نفضت ثرية يده ووقفت أمام الجد قائلة :
-إيه هي وصية عمي يا جدي ؟
تحدث المحامي قائلاً:
-الورث هيروح للوالد نصه والنص التاني لأبنته ليالي لكن بشرط .
تحدث محمد والد سلطان وقال بقلق:
إيه هو الشرط ده ؟
أكمل المحامي قائلاً:
-أن الانسة ليالي تتجوز إبن عمها الدكتور سلطان ولو ده محصلش يتم التبرع بالفلوس للمؤسسات الخيرية والشركات تبقي من نصيب الوالد.
صُدم الجميع فقالت ليالي :
أنا مش هنفذ الوصية ديه أنا مش عايزة فلوس ولا شركات .
أمسكها الجد من ذراعها بقوة وقال :
-طب وأبوكي ؟ ووصيته ؟ متعرفيش إن وصية الميت واجبة .
حاولت ليالي الإفلات من قبضة جدها لكن فشلت فتحرك سفيان وحررها من الجد وقال بعد أن أمسك بيدها :
-جدى المواضيع ديه محتاجة هدوء أطلع أرتاح شوية وليالي كمان محتاجة ترتاح .
أمسك سفيان بليالي ورحل أمام أعين سلطان التى كادت تخرج من محجرها وتذهب خلفهم ولذلك أمسكت به ثرية وركضت بينما تفرق الجميع تاركاً الجد جالساً مع زوجته تحية وهنا تحدث الجد بتعب قائلاً:
-ليه كده يا ولدى ؟ ليه كده بس ؟
****
وصل سلطان لسطح المنزل برفقة ليالي فأجلسها ثم أحضر لها عصير الفراولة المفضل لديها وقال :
-أمسكِ أشربي ده .
نظرت له ليالي وأبتسمت من بين بكائها ثم أخذته منه وقالت :
-لسه فاكر يا سفيان ؟
جلس بجانبها ثم نظر لها وقال :
-ده يادوب من 9 سنين بس .
ضحكت فقال سفيان :
-الموضوع سهل على فكرة .
حدقت به فقال :
-نقنع جدي يجوزك حد تاني غير سلطان .
نظرت له بأستغراب فقال:
-بكر مثلاً أو أنا .
رفعت أحد حاجبيها فضحك سفيان وقال :
-كان لازم أصورلك وشك دلوقتي .
ظلت على تعبيرها فقال :
-أنا بهزر على فكرة .
تنفست فقال بنبرة حزينة :
-للدرجة دي الموضوع مجرد ذكره ليكي صعب .
هزت رأسها نافية وقالت بعد أن أرتشفت من العصير :
-أنا مش عايزة أتجوز يا سفيان .
سألها قائلاً:
-بتكرهي الرجالة ولا إيه ؟
ضحكت على حديثه وقالت :
-أنا مش رضوى الشربيني على فكرة ، أنا بس يعني عايزة أعيش حياتى ، أنا لسه متخرجة وعندى أحلام كتير وعايزة أبقي براحتى مش عايزة أرتبط دلوقتي .
صمت سفيان لبرهة ثم حدق بعيناها وقال :
-محبتيش لحد دلوقتي أى حد .
ضحكت ليالي ثم قالت :
-حبيت مرة بس كان حمار ومفهمش وقررت أقفل على قلبي لحد ما أقدر أرجع أحب تاني .
لعب سفيان بشعره فضحكت ليالي عليه وقالت :
-لسه لما بتتوتر بتلعب في شعرك .
أبتسم سفيان ثم حدق بالسماء مجدداً وقال :
-هتعملي إيه جدي منشف رأسه ومحدش يقدر يكسرله كلمة .
ضحكت بخبث وقالت :
-ههرب .
ضحك سفيان على طريقتها وقال :
أحنا صعايدة جدك هيقتلك على طول ، بس لو يعني خلاص متبقاش غير الحل ده أهربي ليا .
نظرت له ليالي فأكمل بهدوء لطيف :
-أهربي ليا ، وأنا هقدر أحميكِ كويس .
أرتعش جسدها فجأة فأكمل سفيان :
-أنا ابن عمك بردوا .
حدقت به فتوردت خدودها فضحك عليها سفيان ثم نهض ومد يده لها قائلاً:
-يلا قومي ننزل أنتِ محتاجة ترتاحي شوية بعد كل ده .
أمسكت بيده ونهضت ونزل الأثنان من السطح على صوت ضوضاء عال للغاية فركض الأثنان لمكان الصوت .
****
وقفت ثرية أمام سلطان وضربته بقوة في صدره مرة ثم الأخرى فأمسك سلطان بيدها ودفعها بعيداً فنظرت له بحدة قائلة :
-طبعاً مهو حبيبة القلب رجعت والوصية جتلك علي الطبطاب كله ماشي علي كيفك يا سلطان .
زفر سلطان في ضيق وقال :
-أنا أول مرة أعرف حاجة عن الوصية دي وبعدين هو أنتَ سمعتيني بوافق ولا حتي هي وافقت .
ضحكت بسخرية وبدأ صوتها في العلو قائلة :
-لا منا مش عبيطة ولا مختومة على قفايا يا سلطان أنا عارفة أنك عامل المسرحية  دي قدامي .
صفق سلطان بيداه قائلاً:
-لا حول ولا قوة إلا بالله ، يا بنتي أستهدي بالله مسرحيات إيه وزفت إيه مش كفاية اللي أحنا فيه ده .
أنهمرت دموعها بقوة بينما صرخت به :
-أنتَ عمرك ما حبتني يا سلطان أنتَ مغصوب عليا صح ؟
ضحك سلطان من حديثها وتحدث ساخراً:
-هو أنتِ شيفاني إيه قدامك ؟ بنت ولا إيه علشان أتغصب على الجواز ؟
أشارت لرأسه وقالت :
-عقلك فرأسك يا سلطان تعرف خلاصك ، وأيوة مغصوب عليا بس ديه غصبانية مش على هواك ، إنما الغصبانية بتاعة الهانم على هواك وكيف كيفك .
قبض سلطان يداه وقال بغضب:
وطى صوتك شوية وتعالى أروحك ونتكلم لما تهدي.
أمسك يدها فجذبتها منه وصرخت :
-ااه أنتَ خايف على مشاعر الهانم بتاعتك بقي ، طب إيه رأيك إنى هسمعها كل حاجة ، يا ليالي ، يا ليالي هـــانــــــم.
أمسك بها سلطان لكنها أبعدته وفي تلك اللحظة وصلت ليالي بصحبة سفيان فقالت ثرية بكل غضب :
أهلاً وسهلاً بالهانم الخوجاية .
صرخ بها سلطان قائلاً:
-بس بقي يا ثرية أحسنلك .
أقتربت ثرية من ليالي فوقف سفيان أمامها فضحكت ثرية بقوة ، وهنا حضر باقي المنزل فأكملت ثرية وقالت :
-أهلاً بخطافة الرجالة .
جذبها سلطان من ذراعها بينما صُدمت ليالي من حديثها وهنا تحدث الجد قائلاً:
-عيب يا ثرية يا بنتي اللي بتقوليه ده .
فأجابت ثرية قائلة :
-عيب إيه بقي أنتوا خليتوا فيها عيب عايزني أسيب خطيبي للهانم مش كدة ده علي جثتي أسيبه لخطافة الرجالة ديه ، همت بالاقتراب أكثر من ليالي فأمسك سلطان بيدها ووضع بها شيئاً مما أنزل صاعقة على ثرية التي حدقت به في صدمة ثم صدمها أكثر حين قال :
-بس يا بنت الحلال هي خلصت ، أنا حذرتك أكتر من مرة يا ثرية .
نظرت له وقالت بخوف :
-ديه ، ديه ..
قاطعها قائلاً:
-دبلتك فأيدك والخطوبة أنتهت وكل شيء قسمة ونصيب .
يا تري ثرية هتقبل بفسخ خطوبتها من سلطان ؟
ويا تري ليالي هتعمل ايه مع سلطان والورث ؟
هستني رأيكم ...🤍🤍

"قبل أن ترحل"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن