على الشاطئ الرملي أمام البحر الهادئ، كانت الشمس تنعكس على الأمواج بلونها الذهبي، ترسم مشهداً ساحراً يبدو وكأنه لوحة مرسومة خصيصًا لهما. إيما كانت جالسة على كرسيها المتحرك، تشعر بنسيم البحر يلامس وجهها بلطف. خلفها كان أيمن، واقفًا يمسك بمقبض الكرسي بحذر، وكأنه يحرسها من كل ما قد يؤذيها. يخرجون لتوهم من المستشفى بعد زيارة روتينية، وأيمن كان أكثر حرصًا من المعتاد على سلامتها.
ابتسمت إيما، ووجهها مفعم بالراحة والامتنان، وهي تقول بمرح:
"أتعلم يا أيمن؟ إذا واصلتَ معاملتي كأنني من الزجاج، سأظن أنني حقًا هشة."
ضحك أيمن بخفة وهو يميل قليلاً للأمام، حتى أصبح صوته قريبًا من أذنها:
"أنتِ هشة؟ هذا آخر ما أظنه. في الحقيقة، أعتقد أنك أقوى مني بمرات. كيف استطعتِ أن تتحملي كل هذا بابتسامة؟"
أدارت إيما رأسها قليلًا لتنظر إليه، وعيونها اللامعة كانت تعكس أمواج البحر، وكأنها تغمره في بحر من المشاعر.
"لأنك دائمًا بجانبي... تعرف كيف تجعل الأمور تبدو أقل صعوبة."
شعر أيمن بشيء في صدره يتزاحم مع كلماته، لكنه كالعادة لم يقدر على الاعتراف بما يخفيه. ارتسمت على شفتيه ابتسامة دافئة، وأجاب بمرح ليخفي ارتباكه:
"إذاً أنا مثل الحارس الشخصي؟ ربما يجب أن أطلب زيادة في الراتب."
ضحكت إيما، صوت ضحكتها كان كالنسيم، خفيفًا ومبهجًا.
"أنت تعرف أنني لا أستطيع دفع راتب لك حتى لو أردت."
هزّ أيمن رأسه ضاحكًا، ثم أضاف بصوت أكثر لطفًا:
"راتبي الحقيقي هو رؤيتك تضحكين هكذا. هذا كل ما أحتاجه."
توقفت إيما عن الضحك للحظة، شعرت بأن قلبها ينبض بسرعة غير معهودة، ونظرت إلى البحر مرة أخرى، محاولةً إخفاء مشاعرها خلف نظرتها نحو الأفق.
"أحيانًا... أظن أنك تفعل أكثر مما يتوجب عليك، أيمن."
انخفض صوته قليلاً، وأصبح أكثر دفئًا وصدقًا مما هو عليه عادةً:
"ربما... لأني أريد أن أفعل أكثر."
كانت كلماته مليئة بمعاني لم يستطع إيصالها بشكل صريح، لكنها شعرت بها في نبرة صوته، في طريقة إمساكه بكرسيها، وفي تلك اللحظات البسيطة التي يقضيها بجانبها
سكتت إيما للحظة، لم تكن متأكدة كيف ترد على كلماته. هل يمكن أن يكون هناك شيء أعمق خلف ما يقوله؟ قلبها بدأ يتسارع أكثر، لكنها حاولت أن تحافظ على هدوئها. نقلت نظرها من البحر إليه ببطء، وصوتها كان هادئاً، لكنه مليء بالتساؤل.
"أكثر؟ ماذا تقصد، أيمن؟"
لم يتوقع أن تسأله هذا السؤال المباشر. توقف للحظة، وكأنه يحاول أن يختار كلماته بعناية. عيناه، اللتان كانتا دائمًا تعكسان الحنان والتفاني، بدتا وكأنهما تكافحان للكشف عن شيء أكبر. أمسك بمقبض الكرسي بقوة، وكأن ذلك سيساعده في السيطرة على مشاعره.
"أقصد أنني... أحيانًا، أفكر بأنني أفعل كل هذا، ليس فقط لأنني مساعد والدك. بل لأنني أريدك أن تكوني بخير... دائمًا. لأنك تهمينني أكثر مما أستطيع أن أقول."
كلماته الأخيرة جاءت بصوت خافت، وكأنها همسة خرجت من قلبه مباشرةً. شعرت إيما أن الوقت توقف للحظة، وأن هناك شيئًا كبيرًا يحدث بينهما، أكبر من أي شيء اعتادت عليه.
ابتسمت إيما، لكنها كانت ابتسامة صغيرة وهادئة، وكأنها تختبر قوة كلماته في داخلها.
"أيمن... أنت دائمًا هنا من أجلي. لكنني لم أسألك يومًا... هل هذا ما تريده حقًا؟"
نظر إليها، وكانت عيناه مليئتين بمشاعر مختلطة: خوف، تردد، ورغبة في الاعتراف. لكن لوهلة، شعر أن الكلمات ثقيلة جدًا للخروج.
"ما أريده؟"
تمتم، ثم أكمل بصوت أكثر هدوءًا، وكأنه يحادث نفسه:
"أريد أن أكون بجانبك، فقط. لا أريد شيئًا آخر."
شعرت إيما بحرارة كلماته، وشعرت بشيء دافئ ينمو في صدرها، وكأنها أخيرًا تسمع ما كانت تشتاق إليه. لكنها لم تكن متأكدة من ماذا يجب أن تفعل بهذا الشعور. كانت تعلم أن أيمن شخص مهم في حياتها، لكنها لم تكن تتوقع أن يكون هناك شيء بهذا العمق.
"أيمن..." بدأت بالكلام، لكن توقفت للحظة وهي تفكر.
"أنت تعلم أنني لا أستطيع أن أطلب منك أكثر مما تعطي. أنا ممتنة لكل شيء تفعله."
أيمن ابتسم ابتسامة خفيفة، لكنها كانت مليئة بالحنين.
"إيما، أنت لا تطلبين شيئًا... أنا فقط أريد أن أكون هنا. هذا كل ما في الأمر."
مرت لحظة من الصمت بينهما، والبحر كان يواصل غناءه بهدوء في الخلفية.
![](https://img.wattpad.com/cover/319543176-288-k262053.jpg)
YOU ARE READING
♠ ♦ جريمة سوداء ♦ ♠ ♦ Black crime ♦ ♠
Bí ẩn / Giật gânتسلسل هيكلي به احداث مروعة و مهينة حدثت على الفتاة في عمر الزهور ، انهكوا جسمها بالعنف والتعذيب و الاعتداء المستمر في ليلة مظلمة تحت الاشجار الضخمة في غابة المنبع . لووهلة ... تستمر الحكاية تلو و تلو ليست حكاية بسيطة و انما حكاية سوداء لعينة و م...