مدخـل: فرصةٌ ثاَنيـةُ

960 93 23
                                    


أرضيّة زلِقة مغمورَة بمياهٍ متعفّنة أسفلَ أقدامِ الجسدِ الساكن و رائحة تثيرُ غثيانَ حواسيِ و تهدّد برغبةٍ ملحّة بالتقيئِ أو حفرُ الأرضيّة بملعقةٍ حتّى أحصلَ على نفقِ نجاتِي و لو بعدَ دهرٍ
و أصواتٌ عاليَة مزعجة كانت تؤرّق نوميِ  لدرجةِ أرتعاشِ جسديِ يطالبُ عينايَ بالإنغلاق أكثرَ.

في هذاَ المكانِ الدنسِ و المتلطّخ شعرتُ بالكثيرِ من المشاعرِ المألوفة تستكينُ داخل صدِري و تبعثُ الحرَارة و جزءً من الدفّى يمدّ ذاتيِ و لو ببعضِ القدرة علىَ فتحِ عينايَ و تفحّص حيزِيِ و مستقرّي.

لا علمَ عن ما يثيرُ عاطفتيِ و حنوِي فلا شيىَ ينذرُ بالخيرِ ليِ.

أهتزّ جسديِ و إرتعشَ بلفحةٍ من الهواءِ المثّلجِ فهبّ للأعلىَ بلحظةٍ من الإدراكِ لمَا آل بهِ حاليِ.
أيجالسنِي إبليسُ ليقتصّ منّي المزيدَ إثرَ إثميِ ؟ أم أنّ الألهَ عالمٌ بطاهرتِي و عفّتي من الجرمِ الذيِ أُتهمتُ به ؟

فتحتُ عينايَ علىَ تلكَ الزنزانة الفارغةِ و المألوفةٓ و جرىَ الدموعُ بتسلسلٍ يخرجُ من عينيِ. أبِعالمِ الأمواتِ الآثمينَ أنا ؟
الكثيرُ من الأحاسيسِ تمكّنت منّي أقصاهَا شعورُ النحرِ و إنفصالُ رأسيِ عنّي.

لقدّ متّ أناَ، لقد تمّ غزوُ أرضيِ و أحتلّنِي العدوّ دونَ أن أدريِ..لقد فازَ الأكثرُ مكرًا في لعبةِ العرائسِ و أنتصرت هي عليّ و أهلكت ذاتيِ بوحشيّة.
لقد هُزمت و ضاعَ ثنائيِ و أضحىَ ثلبٌ و ذمّ أماميِ و خلفَ ضهريِ دونَ إلقاءِ قيمةٍ لإنصاتيِ

"بلغنيِ صوتُ نحيبكِ اللاّمألوف فحضرتُ لأشبعَ سمعيِ بنغمتيِ المحبّبةُ" أنتبرَ عنقِي لصاحبةِ النبرةِ الشامتهَ و المفعمةِ بالمقتِ و البغضِ نحويِ. كانت المتكلّمة فتاةً معتدلةَ القوامِ، عينيها بنّية تميلُ للإصفرارِ كأعينِ الصقرِ، حسناءُ بشعرٍ كسبائكِ الذهبِ بطولٍ متوسّطٍ.

أعينها المصفرّة تراقبُ عيونيِ الدامعة كأسدٍ إشتهَى نهشَ الفريسةٌ و رصّ عظامهَا ثمّ ردمُها أسفلًا دونَ تركِ شيئٍ يكشفُ عن أثرٍ لي.

"صُو-صوفيَا ؟" نطقتُ بعدمِ تصديقٍ من ما تراهُ عينايَ، أهيَ سرابٌ ؟ أم أنّ كرههَا ليِ جعلهَا تلحقنيِ حتّى لأكثرِ الأماكنِ قتامةً و تحطيميِ ؟ أمّ أنّها أذنبتْ و أنضمت أكراهًا ؟
"لا تتلفّظِ شيئاً غيرَ رجاءٍ لإخراجك من الزنزانةِ، لا مزاجَ ليِ لسماعٍ شيئٍ غير ذلكَ" تنحنحت بغرورٍ و دفعت شعورَ الغرابةٍ بعيدًا.

داهمتنيِ الصدمةُ و الدهشةٌ فرمقتُ محيطيِ الذيِ باتَ مألوفًا أكثرَ ممّا كان، هذه الزنزانةُ التِي أعتادت صوفياَ و أمهَا حجزيِ بها أذّ ما قمتُ بعملٍ سيئ و طائش، أو بهدفِ تحسينِ مزاجهمِ بسجنيِ.
مالذيِ أفعله هناَ ؟

"لا أعلمُ أنّ لكِ الجراَة للأقبالِ علىَ طرحِ فكرةِ التقدّم بكونكِ عروسةً للأمبراطورِ أيتها اللقيطَة البائسةُ، أمّ أنّ غروركِ المعتادَ لم يقدرّ على التواريِ و الغيابِ و إزاحةٌ مكانٌ لمن يستحقّ ؟"
هتفت بأهتياجٍ و حنقٍ ريثمَا تقبضُ على يديهَا بشيئٍ من الغلّ

عَـروس الإمبراطورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن