الجزيرة المسحورة ( الدرب الأول )

33 8 3
                                    

وفي فجر اليوم التالي ووقتما سمع ديسم صوت الأذان استيقظ وكله نشاط وبعدما أدى فريضته وأصبح جاهزًا ذهب إلى غرفة غيث خفية وأيقظه من نومه، وكان يبدو عليه الشجاعة والحماس لهذه المغامرة؛ لكنه في الحقيقة رُغم كل الشجاعة والقوة التي يتظاهر بها ألا إن والدته هي نقطة ضعفه فكلما جال بفكره أنه رُبما يذهب ولن يعود ثقل قلبه وتواثبت دقاته واقتات الحزن عليه وبدأت قدماه تصطكان في بعضهما البعض وجالت في عقله الكثير من الأفكار السلبية وكان كلما حدث هذا يعدل عن قراره ويلغي فكرة الذهاب إلى الجزيزة؛ لكن في هذه المرة سيطر على مشاعره وأخذ قرارًا لا رجعة فيه بالذهاب مهما كانت عواقب ما سيفعله، وبدأ يُعد حقيبته ووضع فيها بعض الأشياء التي رُبما يحتاجها كبعض الطعام وزجاجة ماء وملابس لأنه لا يعرف ما الذي ينتظره، وفي أثناء خروجه وحينما لاحت له والدته من شرفة غرفتها رغم روح المغامرة التي كانت تسيطر عليه ألا أن قلبه بدأ يعبق ببعض الخوف والقلق عليها فذهب إليها دون تشعر وقبلها وعانقها وكأنها المرة الأخيرة التي سيراها فيها، وبعد أن أعد غيث كل شيء خاص به خرجوا خلسة من الباب الخلفي حتى لا يشعر أحد بخطواتهم، وكان غيث يعصر كفيه في تهكم فهو قد أُجبر على الذهاب معه من أوج خوفه عليه فلم يتسني له أن ينطق ببنت شفة؛ لأنه يعلم مدى عناد ديسم وأنه لن يعدل عن قراره فلم يكن أمامه خيار سوى الذهاب معه حتى وإن كان سيعرض حياته للخطر وبعد نصف ساعة لا أكثر كانا قد وصلا إلى الجزيرة المسحورة وكانت مختلفة تمامًا بالنسبة لديسم عما كان يقرأ عنها أو يرى صورها على الإنترنت، بدأ يوثق اللحظة ويأخذ العديد من الصور التذكارية له مع الرمال الذهبية التي يصبح لها بريق كالذهب عندما تتعامد عليها أشعة الشمس، وصور أخرى مع البحر اللازوردي ذو الماء الزقاء الصافية، أما غيث فقد كان مذهولًا مما يراه وبدأ يردد تلقائيًا سبحان الله! ما شاء الله! وبدا وكأن حس المغامرة بدأ يتولد فيه، وتحمس لهذه المغامرة حتى أنه انضم إلى ديسم وشرع في التقاط بعض من الصور له هو وديسم وكانا لا يبدو عليهما القلق، وكأنهم بمجرد أن دلفا إلى الجزيرة تساقطت أحزانهم وما كان يشغل بالهم من هموم الدنيا ومشاكلها وتركوه وراء ظهورهم، وبعد ذلك شرع غيث وديسم في اكتشاف تلك الجزيرة وبدأت الأسئلة تدور بداخلهم ومن هذه الأسئلة: إن كانت الجزيرة بالفعل مسحورة وتنقلك من عالم إلى عالم آخر أم لا؟ وإن كان كذلك لما لم يحدث لهم شيء حتى الآن؟ وكان هذا سؤال ديسم لغيث؛ لأنه لا زال لا يصدق أن تلك الجزيرة مسحورة والدليل أنه لم يتغير شيء منذ دلوفهم إليها فأجابه غيث غير مكترث لما قال:

_ ربما لأننا لم نقطع سوى مسافة قصيرة فيها وليس هذا ما يشغل بالي؛ لأن ذاك درب اخترناه ولا بده من السير فيه بالرغم من مدى خطورة المواقف التي من الممكن أن تواجهنا؛ لكن ما يشغل فكري لم لا يوجد حياة على أرض هذه الجزيرة لا بشر لا حيوانات لا نباتات.

_ ربما تكون غير مرئية أو تظهر لأشخاص معينين؛ فهي مسحورة على حسب ما تقول.

_ قال غيث وقد شعر أن ديسم يسخر منه:
ربما! فكل شيء يجوز على أرض تلك الجزيرة بحسب ما قرأت عنها

الانتقال عبر دروب الأرضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن