قرار مفاجأ

10 3 0
                                    

بعدما قضى ديسم وغيث وقتًا سعيدًا معًا وقاموا بشي الطعام وملئوا بطونهم التي كانت تقرقر من الجوع وهذا بالنسبة لغيث فدائمًا ما يقول له جده أنه مثل أبيه لا يشبع مطلقًا مهما أكل، وفي أثناء سيرهم إلى غرفهم كان الجميع في شرفة المنزل التي تطل على الحديقة لكن في الجانب الآخر للمكان الذي كان يجلس به غيث وديسم، وكانوا يلعبون فانضموا لهم، وكانت اللعبة أن يسأل الجد منهم عن شخص معين ويتحدثوا عنه ويقولوا ماذا يعني لهم وكان أول من سُئل هو ديسم وكان يخمن أن الجد سيسأله عن والدته لكنه فوجأ بأنه سأله عن والده فأجابه ردًا جعل الجميع يحزن من مجرد نبرة صوته:

- هو روح الروح يا جدي

عندما شعر الجد بأن الحزن سيتملك منه بدلًا من أن يضحكوا غير الموضوع وسأل غيث:

- أخبرني ماذا يعني لك ديسم

- أمسك غيث بكتف ديسم وقال:
هو كلي يا جدي؛ فأنا أرى فيه أخي الذي لم تلده أمي، وصديقي الذي يقف معي أينما احتجته، وأبي الذي يحنو عليّ عندما تضيق بي الدنيا ويقف الجميع ضدي

- أنا فخور بكم يا أبناء أدام الله صحبتكم ودمتم سندًا لبعضكم البعض

- أنهى الجد السؤال ثم وجه سؤال آخر لأم ديسم قائلًا:
سيكون السؤال صعب يا ابنتي هل أنتي مستعدة ؟

- بالتأكيد يا أبي

- حسنًا، الشخص الذي ستتحدثين عنه هو أنا وسأسمع بكل حب

- حسنًا، أنت يا أبي كل شيء بالنسبة لي؛ فقد كنت لي أبًا وأمًا عندما توفت أمي، وأخًا عندما سافر أخوتي ليكملوا دراستهم، وكنت صديقي الذي أخبره بكل ما في جوفي ولا أخاف منه أبدًا ولا أخاف أن يعاقبني إن أخطأت؛ بل كنت في كل مرة أخطأ وما زلت أخاف لكن ليس من العقاب بل أخاف لأنك ستكون غاضب مني، دمت لي يا أبي إلى نهاية العمر.

- ثم قال الجد بحب وهو يحتضن ابنته:
وبهذا الكلام الجميل سننهي جلستنا لان الوقت أوشك على منتصف الليل

بعدما قضى الجميع وقتًا ممتعًا سويًا ذهب الجد رواد إلى غرفته وجلس على كرسيه الخاص في شرفة هذه الغرفة فهو كديسم يحب أن يحتسي كوب القهوة في الشرفة وحينما ذهب الجميع إلى غرفهم ذهبت أم ديسم إلى حيث الجد رواد فهي تأنس به ويأنس بها فهي ابنته الوحيدة على أربع أولاد فحازت بكل الحب والاهتمام والدلال من والدها الذي كان ينفذ لها كل ما تريد، ولا يسمح أن تسقط دمعة من عينها، ولا يتحمل أن يراها حزينة، وشرعا يتسامران سويًا عن طفولتها وكيف كانت تلعب ليل نهار دون أن تتعب، وأتى بصورها عندما كانت طفلة رضيعة، وأخرى عندما خطت أول خطوة لها، وصورة أخرى عندما سننت وظهر أول سن في فمها، وأخرى عندما كانت في عمر الخامسة، وصورة لها في أول يوم لها في الروضة، وأخرى عندما التحقت بالمدرسة، وأخرى عند أول تكريم لها، وأخرى عندما التحقت بالمدرسة الإعدادية، وصورة أخرى عند نتيجة الإعدادية والفرحة التي كانت تبدو على وجهها، وعند نتيجة الثانوية العامة والتحاقها بكلية العلوم والتي كانت حلمها، وصورة لهما معًا وهو يصورها في أول يوم لها في جامعة أحلامها؛ فقد كان محتفظًا بكل شيء يخصها بأقلامها، ودفاترها، وكتبها، وألوانها، وكراسة الرسم الخاصة بها، وملابس الروضة، وحذائها الصغير عندما كانت في عمر سنة واحدة ويتذكر كل حدث بأدق تفاصيله حتى التواريخ المهمة في حياتها لا يزال يتذكرها كيوم ميلادها وأول يوم في المدرسة وعندما تخرجت في الجامعة وذكرى زواجها واليوم الذي أتى فيه ديسم على هذه الدنيا وكان ثاني حفيد في العائلة بعد غيث مما أزهلها فلهذه الدرجة يحبها والدها لكن لا تعلم أنها الروح التي لولاها ما بقى على قيد الحياة بعد وفاة والدتها فقد كان يخبرها أنها نسخة طبق الأصل من والدتها؛ في جمالها، وطول قامتها، وحنانها الذي كان يجعلها كالفراشة من شدة رقتها، فقالت له بنظره تشي بمدى حبها وتعلقها الشديد به :

الانتقال عبر دروب الأرضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن