فما إن ذهب الى الحجاز حتى وصل ووالده بعد اربعة اشهر لما لاقياه من نصبٍ في طريقهما ،فقد كان ابوه شيخاً كبيرا وقد انهكه السفر والترحال لما لاقاه من حرارة الجو وجفافه نهاراً وسقيعه وبروده ليلاً فهي صحراء لم يعتد عليها ،فأبطئ عليهم ذلك المسير وطال عليهم الوصول حتى قضي الامر بعد اربعة اشهرٍ بلياليهن ونصبهن وكدهن ،
فما إنّ اقبلوا على قصر الملك حتى خجرت الحاشية واهل القصر وعلى رأسهم الملك فرحبوا بهم اشد الترحيب واثنى الملك عليهم في الترحيب واكرمهم اشد الكرم وحملهم على الرحب والسعة فقال ( اهلاً بصديق دربي والحبيب ) ثم التفت الى ضرغام وقال ( واهلاً بحبيب الحبيب )
فبش ضرغاماً في وجهه واقبل عليه عناقاً وثناءً حتى استراحوا من عناء السفر فقال الملك ( إني لارى أنكما لاقيتما في سفركما هذا نصبا)
فقال الملك عثمان ( اجعلني وولدي في غرفةٍ نستريح فيها لما لاقيناه )
فقال الملك ( معاذ الله انّ اجعلك وولدك في غرفة بل لكما جناح ،ولكن الخدم قد حضروا الولائم وذبحوا الذبائح فهلم بنا الى غرفة الطعام نملئ احشائنا وحينئذ لك ما طلبت يا اخي )
فأشار الملك عثمان بالطاعة وذهب وولده ضرغام الى حيث ذهب الملك
فعند وصولهم جلسوا على مائدةٍ كبيرة وطويلة قد امتلأت بما لذ وطاب فابتدرهم الملك وقال ( مالكم لا تأكلون )
قال الملك عثمان( نأكل حين تأكل هذه عادتنا)
فأخد بيده قطعةً من اللحم وسمَ الله ووضعها في فمه التماساً لتّأدب مع الملك عثمان وولده ثم بعد ذلك بدأوا يأكلون جميعاً، وما إنّ فرغوا حتى ذهب الخدم بالملك عثمان وضرغام الى جناحهما ،فخلعا هناك ملابس السفر ولبسا ملابس نظيفة ومريحة، فأما الملك عثمان فاطضجع في غرفته التماساً للراحة ،واما ضرغام فلبث في غرفته هنيهةً يفكر في امر ملك المدينة ومطلبه الخفي وراء كل ذلك الاطراء والاكرام، ثم طرأ على باله جلنار فالواعج الحب يصعب الصبر عند حلولها ، فنهض من فراشه وفتح النافذة ليستنشق نسيم الليل فما لبث حتى طلع البدر فتهلل بطلعته وتذكر قوله لجلنار(الى الطائر النسري انظري
فإني اليه في العشية ناظرُعسى يلتقي طرفي وطرفكِ عنده
فنشكوا اليه ما تكّنُ الضمائرُ)وجال في خاطره انّ جلنار تنظر للبدر كذلك فبدأ يحادث القمر على انه يحادث جلنار قائلاً ( يسألني قلبي ما اذهلك ؟ فهلا اذنتِ بأنّ اسألك ؟ على وجنتيكِ احمرار الورود فقولي بربكِ من قبلك ومن سكب الليل في مقلتيكِ ومن ذا على الناس قد جملك فالله في خلقه ما يُريد ولله درك ما اجملك)
ثم اذ به يصعد على حافة النافذه وقال ( الحب يا جلنار اهٍ من الحب الا تشفقين على محبوبك )
ثم صمت هنيهةً كأنه ينتظر رداً واكمل ( اهٍ منكِ واواهٍ ما اقساكِ الا ترحمين فتاكِ؟)
ونظر الى القمر وطال نظره فقال( "لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي
وَلِلحُبِّ ما لَم يَبقَ مِنّي وَما بَقيوَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ
وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِ")ثم نبس مهمهماً ( سبحان من سواكِ ما اجملك )
ونهض الى فراشه فنام بعد طول سفر
أنت تقرأ
زَهر الرمان
Ficción históricaتدور احداث القصة حول فتاة كانت طامعةً بالزواج بأميرٍ يحبها وفي نهاية المطاف لم تتزوجه فما سبب عدم الزواج ؟ ولماذا لم يظفر بها الامير ؟