الفصل الثاني

19 3 6
                                    

قشعر بدني جراء تلك الهمسة التي تخللت أذناي، انا متأكد أنني لا أسمع مجرد هلوسات سخيفة، تجمدت المكاني دون حراك للحظات بينما الغرفة باتت باردة جدًا، ألا تعمل المدفأة؟ أخيرًا تحركت والتفت الى خلفي ثم نظرت الى جميع ارجاء الغرفة، لا اطفال هنا...

انها ليست المرة الأولى التي تحدث لي، اخذت نفسًا عميقًا ثم غطيت رأسي بوسادتي لكي لا أسمع اي صوت آخر، هذا ما افعله دائمًا بعدها مباشرة تعود الأمور الى مجراها الطبيعي وكأن شيءً لم يحدث قط.

"طالما اقوم بتجاهل كل الامور المريبة فحسب لن يحدث اي شيء قد يعطل مجرى حياتي الطبيعية"

همست لنفسي بذلك مع اطلاق تنهيدة

"أنت تظن أن حياتك طبيعية إذًا؟"

كان صوت رجل بالغ هذه المرة، لقد كان اكثر وضوحًا من الهمسات الاخرى التي تعرضت لها سابقًا لدرجة انني ظننت أنه أحدهم قد اقتحم غرفتي، جلست بسرعة مرة اخرى ونظرت بأرجاء الغرفة...لا أحد...
لست متيّم بالأحاديث الفارغة عن الأشباح لذا أنا متأكد من أنني لا أصنع أوهامًا لأسلي نفسي فيها، لكن مهما كثرت هذه الأصوات سأستمر بتجاهلها فحسب، فقط تجاهلها.

فتحت عيني جراء إنعكاس اشعة الشمس على وجهي، جسدي يحتاج للنوم بعد كل شيء، ليس هناك داعي لأشغل بالي بأصوات لا تقدم ولا تأخر، خرجت من الغرفة وبينما انا انزل من الدرج رأيت صاحب المنزل يشاهد الاخبار على التلفاز "اختفاء العديد من الاشخاص مؤخرًا في-" تلك ما كانت تقوله نشرة الاخبار، اغلق التلفاز صاحب المنزل عندما احس بي واستدار الي ببطئ
"صباح الخير، ليكوس."
أومأت فقط له، مشيت متجهًا للباب وبينما كنت ارتدي حذائي سمعت صوته مرة اخرى قادم من خلفي
"أنت...تنام جيدًا أليس كذلك؟"
ما خطب هذا السؤال المفاجئ؟ ربطت حذائي واجبته دون النظر اليه حتى
"نعم. احضى بالنوم الهنيئ"
نهضت مباشرة بعد انتهائي من ربط حذائي وغادرت دون قول اي شيء آخر، في الحقيقة اتفهم سبب نفور الناس مني بعد كل شيء لا يمكنني خوض محادثة صحيحة مع اي احد لست معتاد عليه، خرجت من المنزل ونظرت إلى ذلك الشخص الذي كان ينتظرني أمامه فتنهدت...حسنًا إنه الشخص الوحيد المعتاد عليه، لف ذراعه حول رقبتي
"يو ليكوس كيف حالك يا رجل"
"بأفضل حال لو لم تزعجني الاصوات الليلة ايضًا"
تبسم لابروش لأقوالي ثم صفعني على ظهري كعادته
"امشِ هل ستبقى واقفًا مكانك؟"
كبرت ابتسامته على وجهه البشوش ثم غمز وهو يقول
"أم انك تنوي تفويت المحاضرة اليوم"
"ربما انت تنوي ان تحرم من المادة؟"
حك لابروش مؤخرة رأسه وصمت قليلًا، هاه...لابد انه يحسب كم تبقى له من الساعات للحرمان، مشيت امامه تاركًا اياه خلفي
"هاي! يالك من حقير كيف يمكنك المضيْ هكذا بينما جئت انا لإنتظارك امام سكنك!"
لحقني لابروش عندما انتبه لمضيي قدما دونه بالتأكيد ليس لدي اية نية لتفويت المحاضرة، لقد قمنا بتفويت الكثير من المحاضرات ولم يبقى لدينا سوى ساعات قليلة على الحرمان، لست احمق ومتهور مثل لابروش لتفويت اية محاضرة من الآن فصاعدًا.

...حسنًا لا أعرف كيف جرت الامور هكذا لكن عوضًا عن الذهاب للمحاضرة وجدت نفسي عالقًا في طابور مطعم ما هه...لما علي ان اقف أنا في الطابور بينما كانت فكرته هو، فجأة جاء نحوي عندما اقتربت من الوصول لكي اطلب
"ليكوس فالنذهب، تذكرت للتو أنني مفلس"
اقسم انني سأقتل هذا الرجل يومًا ما! في نهاية المطاف، امضينا أنا ولابروش يومنا بالعبث هنا وهناك لكون كلًّا منا مفلس وقد تخطى محاضرته، بعد ان استدركت ان الوقت بات متأخر الآن ودعت لابروش ومشى كل منا في طريقه
"صدقًا انا لا أحب مجريات الأمور في هذا العالم"
قلت بينما قدماي كانت تغوص بالثلج وأنا أقف ساكنًا بمكاني نظرت للخلف لأنظر الى آثار قدماي وأقدام شخص آخر تظهر واحدة تلو الاخرى وتدخل في زقاق ضيق، حسنًا...تريدني أن اتبعك؟ لك ذلك! لحقت تلك الأقدام دخلت ذلك الزقاق كان مظلمًا وباردًا، إنه مكان مناسب تمامًا للموت.
"الموت؟...وقع تلك الكلمة جميل على الأذن صحيح؟"
مالذي تفوهت شفتاي به للتو؟ لست مختلًا يقول هذا النوع من الحديث لكن بشكل ما...بشكل ما شعرت ب... فجأة ظهر أمامي رجل بغتة في ذلك الزقاق، لا علم لي من اين خرج ولكن اظن ان من الافضل ان أبتعد، تراجعت للوراء قليلًا 
"مهلًا! اعني... لقد تهت قليلا سأكون شاكرًا لو مددت يد العون"
"تهت؟ ومالذي تفعله بمثل هذا الزقاق؟"
"حسنًا...مالذي تفعل أنت بدورك؟"
"..."
اخباره انني تتبعت آثار أقدام شخص غير موجود سيجعلني ذلك كشخص مجنون، تنهدت وهززت رأسي وقلت
"أيًا يكن جد شخص غيري يساعدك لست آخر نسمة"
ادرت ظهري له ومشيت خارج الزقاق، هو لم ينبس بأي كلمة اخرى ولم يتحرك من مكانه، هو حقًا شخص مريب على الرغم من انني قد اكون شخصًا مريبًا في نظره ايضًا...

الحادي عشرة بعد المئةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن