لقاء

469 24 70
                                    

شعاع الشمس ينبعث منها في خجل من وراء النخيل الصامد بالكتدرائية في ميلانو، معلنا عن إشراقها 
ولأول مرة يغلب نفسه في صراعها الداخلي و ينهض ليتأمله ويفكر كيف إنبعث ضعيفا و أصبح قويا في هذا الوقت الوجيز .

وكأن إشراقها كان إشراق لروحه من جديد،  و تذكر أنه لم يرى هذا المشهد الجميل من مدة طويلة، وقف في الشرفة موجها وجهه للشمس غالقا عيناه، وكأنه يستمد طاقته منها وها هو يجاهد لتعود روحه من جديد
خرج من الشرفة متوجها للمرآة التي كانت مقابلة للسرير

وقف أمامها متأملا لنفسه متعجبا منه  لفتحه باب اليأس و الأكتئاب، لتخرج هذه الوحوش وتنهش في جسده وتجعله كالطريح على الفراش.
عامان لا يخرج من داره و الآن فجأة وبدون مقدمات نهض معلنا عن بداية جديدة.
قاتلا كل مشاعر الحب معلنا التمرد عليه و لا يفي غير لمشاعر الصداقة

فالصداقة الحقيقية هي التي تنتشلك من دمارك النفسي الذي خلفه بركان الحب فيك، فالصداقة وحدها القادرة على إنبات تلك الأرض المتحرقة هذه كانت نظريته وعهده الذي اتخذه على نفسه بعد هذه الصحوة .

وضع يده على ذقنه التي تبدو طويلة شيئا ما، وتأمل جسده متأففا :- هذا ليس أنا من يراني بهذه اللحية الطويلة و تلك البطن المتدلية يظن أنني في آخر الأربعين من العمر مع أني في هذا العام طرقت باب الثلاثين منه .

ارتدى ملابس مناسبة و خرج من داره  ليعارك الحياة و تعاركه فاردا صدره معلنا الفوز او الموت .

ذهب إلى مكان كان يعتاد الذهاب إليه في الماضي و
عندما رآه همس قائلا : يبدو فخما، أصبح أكبر من الذكريات التي أحملها له، و تعجب من ازدحام المكان كله عدا ذلك المكان الذي كان يخصه فذهب ليضع قدمه على آلة الجري، لتوقفه يد شخص ما على كتفه قائلا:

_عذرا منك لا يمكنك استخدام هذه الآلة

ابتسم إبتسامة عريضة و التفت نحو الشخص قائلا :

_ لازلت محافظا على وعدك يا جان !

اغرورقت عينا جان العسليتان و احتضنه بلهفة و شوق كطفل تائه لمح ثوب أبيه .

تأمل صديقه جان قائلا : يبدو أن ليس فقط المكان الذي أصبح فخما بل صاحبه أيضا الشعر البني مع اللحية الخفيفة و الجسم الرياضي هذا جعلوا منك شخصا آخر .

_ أصبحت هكذا تحت تهديد سلاح سيلا يا رفيقي

_ هل تزوجتها ؟!!

وضع جان يده على رأسه ومررها للخلف أتمنى أن أصبح أب، حتى في كل علاقاتي العابرة تمنيت أن تأتي إحداهن و تخبرني بأنه سيكون لي طفل منها حتى ولو كذب فأنا على إستعداد لتصديق كلامها

_ ألهذه الدرجة تلح عليك الأبوة ؟!

_ وأكثر بكثير أنا على إستعداد بأن أتخلى  عن أي شئ وكل ما أملك من أجل ذلك اللقب

رؤية مشوشةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن