عودة

119 16 65
                                    

في ساحة خضراء أمام بيت مروان، يجلس هو و رفيقه يتأملان غروب الشمس.

ليقول جان :- أتصدق يا مروان أن هذه المرة الأولى التي أنتبه فيها للغروب، يبدو غريبا جدا بالنسبة لي لا أعرف لما المحبون يحبونه! أنا لا أرى جماله الذي يصفونه، ولا أرى فيه منبت مشاعر أو ذكريات، لا أرى سوى إختناق شمس تحتضر في وسط سماء تقطر دمائها في الجو لنرى نحن هذا اللون، و كعادتنا نتغنى بالجروح و الدماء و نعشقها.

أكاد أراهن أحيانا بموت الشمس عند كل غروب، و ولادة واحدة أخرى عند كل صباح.
كيف لها أن تأتي بكل هذه القوة يوميا أم لهذا سميت شمسا؟

قال مروان :-

بيننا أشياء كثيرة متشابهة يا جان، حتى أنا أيضا أكره الليل لأنه وقت طلق سراح الأفكار المسجونة، و تخرج هذه الأفكار جائعة و تنهش فيك، كأنك وجبة دسمة لها بعد صيام يوم حار و طويل .

جان :- هل لك علاقة سابقة بتلك العارضة ؟

مد مروان بصره مراقبا تواري الشمس في الأفق، متأملا كيف يفرد الظلام رداءه شيئا فشيئا في السماء ليغطيها بأكملها و يزينها بتلك النجوم، و كأن سواد الليل هو دواخله، و كل نجمة تمثل فكرة يحملها، ولا تسطع هذه الأفكار إلا ليلا، و قت الاسترخاء، أما حرارة شمس العمل في النهار لا تترك لهم الساحة .

هل يجيب على سؤال جان أم لا ؟!

هل الاستسلام لشهوة الحديث عن الآلام و العذاب يخفف حقا من وطئت الألم في النفس، أم يزيد الحمل على كاهل هذا القلب العجوز .

و لماذا إذا أصاب الانسان حزن جديد، كان هذا بمثابة بعث جديد لكل الأحزان التي سبق له دفنها.

ألا أنه يترك باب الحزن موارب في القلب؟  ورغم عذاب القلب من هذه الأحزان لكنه يستعذبها، و يستقبلها بحرارة و يجبر جسدك على الاستجابة لها و كأنها تسري في الدم الذي يضخه القلب في الشرايين.

أما عن جان فأصابته الحيرة هل يعيد السؤال على صديقه مرة أخرى أم يحترم رغبته في عدم الكلام ؟

فخرجت منه حمحمة جعلت مروان يلتفت له متنهدا :-

_ نعم إنها سبب خسارتي كل أملاكي، و ضحك قائلا :- و سبب رئيسي في تكوين تلك البطن المتدلية .

_ أهي نفس الفتاة التي هدمت مروان ماجد بصرحه ؟

_ لم تخلق إلى الآن فتاة تهدمني

لاحظ مروان تلك الابتسامة الساخرة التي زارت شفتي جان إثر كلماته .

فقال مروان :- أنت لا تعرف معنى أن تجري على شئ بشغف و سعادة فيوصد بابه على أصابعك.
هكذا شعرت تماما، و كل حزني كان لأجل نفسي لأنها وثقت بالشخص الخطأ .

جان :- ماذا تنوي أن تفعل معها، من لقائك بها شعرت بأن نيتك ليست صافية تجاهها، و لتتذكر يا صديقي لو ولجت في باب الانتقام فعليك أن تقدم اعتذارات للفطرة السليمة، لأنك تقمعها، و تذكر أيضا إن سمحت لمجريات الحياة أن تحركك بإرادتها، فهذا بمثابة اختناق لضميرك، ولربما لا تستطيع أن تسمع صوته في داخلك مرة أخرى، و فى تلك اللحظة تموت إنسانيا.

رؤية مشوشةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن