خطأ دمر حياتي
لولي سامي
البارت الثاني
انتفضت من نومها وهي تحاول التقاط أنفاسها تنظر يمينا ويسارا حتى تتأكد أنها بغرفتها وليست بالمكان الذي كانت تخلم به ....
انقبض قلبها جراء ما رأته في حلمها واستشعرت بخطب ما وكأنه يوصف حالها من الفرحة والسعادة الي الشقاء والحزن ...
التقطت كوب الماء من على الكوميد تحاول ارتشاف قليل منه ...
نظرت تجاه الشرفة لتجد الشمس قد شارفت على الشروق وبزغ اول أشعتها لتعتدل بجلستها فإذا بوالدها يطرق عليها الباب لتسمح له بالدلوف / صباح الفل يا جميل ،صحيتي يا قمر ؟؟
حاولت تصنع الابتسامة وهي تجيب والدعا / أيوة حبيبي .. صباح الفل... هقوم اتوضا واصلي ...
اسماء والدها ثم قال / والبسي علشان نلحق نخلص حاجه النهاردة ربنا يفتحها في وشك يا رب ...
اماءت برأسها فخرج والدها لتستعيد ملامح العبوس مرة أخرى تفكر فيما رأته في أحلامها ثم تنفض الأفكار عم رأسها وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم...
استقامت وهي تحاول اقناع ذاتها أن كل ما رأته ما هو إلا أضغاث احلام.....
بعد فترة وجيزة كان الاب وابنته قد وصلا الي مقر المحكمة فقد كانت الطرق مازالت فارغة ليصلا قبل موعدهم ..
ظلوا واقفين منتظرين حضور أحد من موظفين المكاتب ليسألوا عن كيفية استخراج بدل فاقد لقرار الخلع ...
وجدوا فرد يجتمع حوله عدد لا بأس به من الناس ليقتربوا ويحاولون بعد معاناة الوصول إليه / خير يابا ايه مسألتك مذكرة ولا شكوى ولا ....
اقتطع سيد استرساله في عرض خدماته ليسأله / عايزة اعرف اجراءات استخراج بدل فاقد لحكم محكمة بالخلع يا ابني ....
نظر له الشاب محاوا سرد الخطوات التي يجب اتباعها / بص يا جج هو موال طويل شوية بس بعون الله هخلصهولك مسافة اسبوعين بالكتير وكلك نظر......
انفرج شفتاي سيد وابنته ليستخرج الشاب إحدى وريقاته وبدأ بتسجيل البيانات سائلا / لو القرار طالع من المحكمة هنا قولي الاسم رباعي للمطلقة وسنة صدور الحكم ويا سلااام لو معاك صورة يكون فيها رقم القرار واسم القاضي تبقى سهلت علينا كتير ...
نفى سيد برأسه قائلا / لا والله ممعناش صورة من القرار ..
_ مليني البيانات يا حج .....
بدأ سيد في املاءه بيانات ابنته من اسم وسنة ميلاد ورقم بطاقة وهكذا بيانات طليقها حتى ذكر سنة صدور حكم المحكمة / سنة ٢٠١٢ ..
هنا توقف الشاب عن التدوين ورفع رأسه ينظر تجاه الرجل وابنته وهو يزم شفتيه ويهز رأسه أسفا قائلا / للأسف يا حج مش هتقدر تستخرج بدل فاقد ...
نظر سيد لابنته بملامح متعحبه ليجدها هي الأخرى ملامحها مقتضبه وتنظر له....
ثم سأل الشاب عن سبب عدم إمكانية استخراج قرار كهذا ليجد الشاب يزم شفتيه ويخبرهم بالفاجعة / المحكمة اتحرقت في السنة دي وكل السجلات اللي فيها اتحرقت مفيش قدامك غير انك تدور كويس على المستند اللي معاك ويكون أصل علشان تقدر تستخرج زيه تاني ...
انتبه سيد من صدمته على ضحكة ابنته التهكمية وهي تقول / اتحرقت !!!
يعني ايه اتحرقت ؟؟
يعني كل له القضايا ملوش سجلات هنا ؟؟
طب ازاي ...
اجاب عليها الشاب بهدوء وكأنها ليست اول من يقابله بنفس معاناتها / أيوة فعلا كل اللي له ورق قبل التاريخ ده كل سجلاته اتحرقت ومش إنتي بس ده في غيرك كتيييير ....
قطب سيد جبينه وانقبض قلبه ولكنه حاول التحلي بالصبر ليساله عن ماذا فعل الآخرون ربما تحرك من حيث انتهى الآخرون / طب يا ابني بما انك شوفت كتير قولنا نعمل ايه احنا محتاجين الورقة دي ضروري ...
نظر الشاب لهم بشققة وهو يقول / والله يا حج قابلت زيك كتير وطبعا محدش هيجري على الورقة دي الا لما يكون عايزها ضروري .....
على العموم اول طريق واسهل طريق دور تاني على ورقتك ....
أو روح وشوف يمكن طليقها طلع زيها بالرغم أن معتقدتش عادة الست اللي بتحتاجها مش الراجل بس برضه أسأل ...
ليسأل سيد على الخطوات التالية / ولو ملاقتش هنا ولا هنا نعمل ايه يا ابني ....
دلنا ينوبك ثواب ...
وكأنه آلة يجب عن الاسئلة فيعطي الحل ثم يفشله / عليك وعلى العباسية في دار المحفوظات بس برضه دول صعبين جدا لو مش معاك ما يثبت اقوالك حتى لو صورة معتقدتش هطلعولك حاجه لان الموضوع مش سهل ده بأرقام وبيانات بس جرب مش هتخسر حاجه...
على إثر اخر جملته أطلقت شيماء ضحكة ساخرة مرددة / أنا خسرت كل حاجه...
سمعها والدها ليلتفت تجاهها بأسى ثم استدار الي للشاب الذي بدأ بتلقي طلب اخر من عميل جديد ويسأله مجددا / معلش يا ابني مفيش طريق ثالث غير دول ؟؟
رفع الشاب نظره تجاهه وهو يخبره بكل عملية وكأنه شئ بسيط / في طبعا كل حاجه ولها حل انت تتكل على الله وارفع القضية تاني أو ترفع قضية تطلب فيها شهادة طليقها أنها مطلقة منه ...
صعق كلا من سيد وشيماء فهذا الخيار بعيد كل البعد عن التحقيق ...
فقد تم رفع قضية الخلع بعد معاناة وتم الحصول على القرار بعد ما عانت الأمرين والإذلال....
ولم يخلو الأمر من بعض التكاليف ليصدر هذا القرار الذي جرح كرامته كرجل إذا كان يحسب على الرجال رجلا ...
وهاهو الان تأتي إليه الفرصة على طبق من ذهب فهل سيرضى بالادلاء بشهادته أنه تم خلعه بهذه البساطة دون أن يرد لها الصاع صاعين ......
................................
عادت شيماء وسيد الي منزلهم وخطوات الخيبة تتبعهم ...
ظلوا صامتين طوال الطريق كل فرد منهم يحاول تذكر اي شئ يحل هذه المعضلة ...
يحاول كل فرد منهم توقع ما سيحدث عند اخبار طليقها بما تم وكلاهما لديهم تمام الثقة أن هذا الوغد لم يمرر الأمر مرور الكرام الا إذا استغله الاستغلال الأمثل ........
دلفت المنزل وملامح العجز تغلفهم حتى حين سألتهم ثناء عما فعلوه لم ينطق أحدا ببنت كلمة ....
توجهت شيماء لغرفتها وكأنها انسان آلي تسوقه خطواته ....
كما توجه سيد لغرفته بنفس الآلية وتبعته ثناء الذي ارتجف قلبها من رؤيتهم وشعرت أن الأمر لا يبشر بخير .....
تركته ثناء حتى يبدل ملابسه وجلس على الأريكة بغرفتهم فجلست بجواره تستفسر / مالك يا ابو شيماء شايل الهم كدة ليه ؟؟
وشيماء يا كبدي وشها زي اللمونة ايه اللي حصل طمني ربنا يطمن قلبك ؟
نظر سيد تجاه ثناء وعيونه تتغللها الدموع وشعر بأن الكلمات ثقال على لسانه فلم يقدر على حكي ما تم ...
ضربت ثناء على صدرها من هول منظره وهي تقول / مالك يا ابو شيماء؟؟
متسكتش كدة يا اخويا ...
يجرالك حاجه وأحنا عايزينك ....
ثم ربتت على كفه كمحاولة لطمأنته/ احكيلي يا اخويا .....
احكيلي وان شاء الله ربك هيحلها .....
بدأ سيد بسرد كل ما تم وكيف أن كل الحلول تشير لحل واحد وهو يكاد يكون مستحيل .....
بعد أن سرد سيد لثناء استقامت وحاولت التخفيف من وطأة الحدث واعدت له عصير ليمون ربما هدأه قليلا / خد الليمون ده ومتحملش هم حاجه ربك هيعدلها ....
تبات نار تصبح رماد ....
اشرب العصير وريح جتتك شوية عقبال ما اطمن على شيماء يا حبة عيني وان شاء الله كله محلول بس قول يا رب....
خرجت ثناء من الغرفة وكأنها أطلقت العنان لدموعها
ظلت تبكي خارج الغرفة على حال ابنتها ....
وزوجها وبالداخل لم يختلف الأمر عنها فكان سيد يبكي بقهر وكأن الجبال قد انهارت على رأسه وما ادراك ما قهرة الرجال .....
أما بداخل غرفة شيماء فلم تسعها قواها أن تصل اي فراشها ففور دلوفها لغرفتها خارت قواها وسقطت تبكي حظها علي أرض الغرفة ....
بعد قليل حاولت ثناء التحكم في حزنها قليلا فغسلت وجهها وتوجهت لغرفة ابنتها لتجدها متكورة على حالها بالأرض ففزعت واقدمت عليها بسرعة/ يا نهاري يا نهاري ....
ليه يا بنتي كل ده تعملي في نفسك ليه كدة .....
ما كان من شيماء سوى البكاء فلم تستطيع حتى الرد على والدتها ...
حاولت ثناء أن تسندها وتوجهها الي الفراش وبالكاد استندت شيماء علي ذراعي والدتها فلم تقوى على الوقوف بمفردها ..
اجلستها ثناء على الفراش ثم احتضنتها وحاولت التخفيف عنها / يا عبيطة ده امتحان من ربنا...
بيشوفك هتقدري تواجهي وتكملي ولا هتضعفي ....
إوعي تضعفي يا بنتي ودائما اشكريه واحمديه واكيد كل شيء وله حكمة ....
أمال عايزة تاخدي اللي عايزاه من غير ما تتعبي ؟؟
لازم نتعب علشان نقدر الشئ اللي بأيدينا ...
رفعت شيماء رأسها تنظر لوالدها وعيونها أصبحت كؤوس من الدماء تقول لوالدتها / هو أنا متعبتش واتبهدلت في جوازتي الاولنية ؟؟
هو بعد كل ده لسه هعرف قيمة اللي معايا ؟؟
إنتي عارفه يا ماما ده معناه ايه !!
معناه أني يا هفضل كدة طول عمري من غير جواز ...
يا هرجع تاني للي ما يتسمى وده لا يمكن أبدا لو كان على موتي ...
شددت ثناء من احتضان ابنتها / بعد الشر عليكي يا قلبي ....
ان شاء الله كله هيتحل ومش هتوصل للدرجة دي....
لو وصلت اروح احب على أيده علشان يشهد بالحقيقة ....
ومعقولة يعني هيرضى يعاشرك وانتي محرمة عليه ....
ربتت على ظهرها قائلة / كل واحد وله ثمن هنشوف ثمنه كام ونديله اللي يرضيه من فلوس في مقابل يشهد أنه طلقك أو يطلقك تاني ...
وهنا لمعت عيون شيماء بصيص من الامل لتستقيم فجأة وأخرجت كل ما تدخره من أموال وذهب ووضعته في حجر والدتها وهي تقول / خدي دول يا ماما وشوفيه عايز كام وانا اشتغل وهحاول اعمل المستحيل علشان يوافق ....
أزاحت الام كل ما وضعته شيماء في حجرها وهي تقول / الدهب ده شبكتك من عمرو منقدرش نتصرف فيه وده فلوسك ....
متشيليش إنتي هم الحمد لله مستورة وابوكي معاه وانا لو ضاقت اوي هاخد من اخواتي ....
عايزة أقولك كله محلول أن شاء الله المهم انتي فوقي كدة وروقي وقومي اغسلي وشك وغيري هدومك عقبال ما احطلكم الاكل زمان ابوكي جاع اوي ......
أنت تقرأ
خطأ دمر حياتي
Romanceقصة واقعية عن امرأة مطلقة لم تمنحها الحياة حرية اختيار شريك حياتها من البداية لتسقط فريسة الطلاق وما ستواجهه بعد ذلك ربما يقضي على باقي عمرها