جلست الي جوار السائق ترمق الطريق بشرود وبين الحين والآخر كانت تغلبها عيناها وتسمح لبضعة عَبرَات بالهطول ،سيطرت عليها مخاوفها وابكتها ،واصابتها حالة من التوجس وعدم الراحة ...
بعد وقت لا بأس به غلبها النُعاس لتنام كما لم تفعل طوال الليل بعدما جافاها النوم ،حتي وان كان نومها مابين الغفوة والصحوة ولكن لا بأس به
بعد مرور اربع ساعات شعرت بتوقف السيارة ف استيقظت بفزع ترمق المكان حولها بغرابة ، بلدة ريفية شديدة البساطة ، مناظر خلابة بتلك المساحات الخضراء الواسعة التي تجعلك تشعر بالراحة ، هدوء لم تعهده في المدينة ، اطفال تركض هنا وهناك ،و... هواء عليل !! رائع !!
أغمضت عيناها لتداعب تلك النسمات وجهها فما كان منها الا ان ابتسمت وتنهدت بشيء من الراحة بعدما تلبستها حالة من التوجس ،التفتت الي السائق تسأله :- احنا كدا وصلنا ..؟!
اجاب الآخر :- والله هو اللوكيشن اللي اتبعتلي آخره هنا
كادت ان تحادثه ولكن قاطعها قول احدهم :- بشمهندسة رحيل ؟!
التفتت لتجد شاب لم يتجاوز عقده الثاني ،متوسط الطول ،هيئة مهندمة ،ابتسامة هادئة
و ...،حسنا لا يعنيها ،ازاحت نظرها عنه وأومأت بالإيجابمدّ كفه الأيمن فنظرت لكفه الممدودة وقالت بهدوء :- مش بسلم
جذب كفه بإحراج ثم تابع :-انا بلال
رمقته بنظرة مفادها (بجد والله ؟!) ثم هزت رأسها بالتتابع مع كفها بمعني (ايوه يعني مين برضه)
فأتي سؤاله تِباعاً لتلك الحركات المستنكرة :-هو بشمهندس حسام معرفكيش ؟!
هزت رأسها بالنفي فقال :- طيب ،انا بلال ،واللي هكون بالبلدي كدا دراعك اليمين ،انا اللي هساعدك طول فترة اقامتك هنا ،تقدري تعتمدي عليا ف اي حاجه و اي وقت
شعرت بتوتره اثناء حديثه فابتسمت بهدوء وقالت :- اتشرفت بمعرفتك
اومأ لها وابتسم هو الآخر فتساءلت :- هو مفيش شبكه هنا ؟! انا بحاول ارن علي البشمهندس حسام بس التليفون مش مجمّع خالص
اجاب :- اه الشبكة هنا مش احسن حاجه ،حضرتك ممكن تقوليلي محتاجه ايه وانا اساعدك
تأفأفت بضيق ثم اغلقت الهاتف وقالت :-كنت عايزة اكلمه اعرف منه المفروض هسكن فين لأنه مبلغنيش ،فياريت لو تساعدني اكلمه
اجاب الآخر :- لا متقلقيش ، البشمهندس حسام عرفني كل حاجه عشان اقدر اساعدك زي ما قولت لحضرتك، وزي ما حضرتك شايفة هنا مش متاح شقق للإيجار زي عندكم لان هنا كل واحد عنده بيته فمحدش بيحتاج يأجّر
قاطعت حديثه قائلة :- يعني ايه؟! انا هبات في الشارع ولا ايه؟!
ابتسم الآخر ثم قال :- شارع ايه بس يا بشمهندسة ، هنا لو الارض مشالتكيش نشيلك احنا علي راسنا
أنت تقرأ
رَحيل
Romanceلطالما رحلت عنها الاشياء والأشخاص، ولكن الحزن آبى ان يرحل عنها ،رافقها الالم وآبى ان يُفلت كفها عندما افلت الرفاق أيديهم ،تكافح في حياة تنبذها مع نسب مجهول ،تلاطمها امواج الحياة بقسوة ،تُغرقُها بحار الظنون والافكار دون رحمة ،تجذبها نَفْسَها نحو هوَّ...