29- إنها بيانكا رامپيلّي !

935 140 198
                                    

الفصل التاسع والعشرون:
"ضائعون"

في القلعة المترامية على أطراف المجهول، توقف الأسطول الذي يُقِل البارون ڤالنتينو. إنها واحدة من المرات القلائل حيث فيها يكون مع الحراس المسلحين، فبعد اللقاء الأخير مع أخيه شعر بأن عليه أن يهتم بـ "هِيبَته" أكثر.

إتجه مباشرة إلى مكتب الزوجة ثم طرق الباب بلا تردد. جاءته الموافَقة على شكل همهمة ليفتح الباب ولا يُفاجئ بمنظرها وسط الأوراق كالعادة..

لا أحد يعلم ما المصيبة التي تخطط لها..

تقدم إليها محافظا على مسافة محترمة بينه وبين طاولة المكتب. رفعت عيناها المذهلتين إليه بتساؤل:
"هل قتلته؟"

وكأنها سألت تمثالا، تبادلا التحديق تحت رحمة الصمت. خمس ثوان كاملة من السكون الذي تتخلله زقزقة العصافير القادمة من الخارج، كافية لتجعل أدولينا تعيد نظرها إلى الأوراق مجددا.

غمغت بلهجة سأم:
"لا أريد أن أدخل في مشاكل ليس لي مزاج لها."

بعد قليل طرح عليها طلباً غريبا جدا:
"هل يمكنني أن أجلس؟"

وبلا أية رغبة منها خَلَق ذلك السؤالُ إبتسامة صغيرة تحاول جاهدة أن لا تطلق لها العنان للظهور.

"طبعاً."

جلس وقد حرص على أن يكون في وضعية مريحة، عيناه لا تُبارحان الأرضية بينما كلتا ذراعيه على مساند الكرسي..

خطفت نظرة إليه وقد خمنت أنه قد يكون نادما على ما فعل. فإستوت في جلستها بظهرها المستقيم وكفيها اللتان تعانقان بعضهما. وحادثته بنبرة متزنة:
"لا تكن حساساً أكثر من اللازم.. يفعل الكثير من الناس هذا تحت الإضطرار."

يتمنى أنها لا تقصد مواساته، فهذه أسوء عبارة لفعل ذلك!

رمقها بطرف عين ناطقاً:"تعرفين ما حدث هناك، صحيح؟"

"بالطبع أعرف؛ عيوني ترى، وآذاني تسمع."
أجابته كأنه سؤال بديهي يحتاج جواباً فلسفياً.

كان جوابا مضحكاً لم يتمكن من إضحاكه، فقد كان ينتظر ردة فعلها على الحقيقة.

حقيقة أنه "خانها" خيانة كبيرة، وهي تحاول المماطلة حتى لو كانت لها عيوناً ترى وآذاناً تسمع.

كان يفكر في الرحيل إلى مكان بعيد برفقة آخر شخص يهمه في هذا العالم، ليس هروباً من عِقابها، بل الرحيل فقط..

لكن يبدو أن الموقف إتخذ منحى مُغايراً على عكس المتوقع. فقد إنخرطت في إعترافات بعيدة كل البعد عن مهمته الأخيرة.

تنهدت بضيق وبدأت تعبر عن مشكلتها الحقيقية التي جعلتها حبيسة هذه القلعة في هذه الأيام الأخيرة:

الشياطين البريئة: الجنة السوداء -  𝐁.𝐇حيث تعيش القصص. اكتشف الآن