الفصل الخامس

159 8 0
                                    

وقد تزوج والدي من امراءة طيبة القلب قامت
بتربيتي تربيه صالحه، ولم تنجب الا بنتان تزوجا وذهبا ليعيشا مع أزواجهن .
بعدها توفي والدي وكذالك تلك المرءه الطيبة التي كانت بمثابة امي في حادث سير.
لذالك أنا أعيش وحيداً.
أما من أين قد تعلمت كل ذالك !
بينماأنت تتناولين الحساءسوف اخبرك فاخذت
اريج تأكل وهي منصته لأمير متأثرة فيما يحكيه لها عن حياته .
أخذ أمير يروي لها وهو يقول: كنت أدرس خارج المدينة التي كنا نسكن فيها ،استأجرنا أنا ومجموعه من الطلاب منزال لنسكن فيه ،
وكنا نعمل كل شيء بأنفسنا من طهو الطعام وغسل الملابس والتنظيف وما شابه ذالك.
إلى أن أصبح كل واحد منا مدير منزال من الدرجه الاولى.
قبل أن نأخذ الشهاده في الدراسه.
ابتسمت اريج وكانت قد انتهت من الأكل فقالت: أنها رائعه وشهية.
فقال لها: بلهناء والشفاء أن شاءالله
كان أمير صادقاً فيما قاله ،ولم يكذب عليها في ذالك.
فأخذ ينظر إليها وهو يبتسم ويقول في نفسه
يوجد أمل في تغييرها.
بل إنها قد بدأت تتغير حقا ولا شك في ذالك.
أو بالأحرى أنا أقوم بمساعدتها لإظهار نفسها الحقيقه والكشف عن روحها الطاهره وطيبة قلبها.
لم افعل شيء غير أزاحت الغبار عنها ،فهي جوهره منذ البداية.
وكل إنسان هو جوهره ثمينه ولاكن بعضهم من يغطي نفسه بالتراب .
ولا يعلم بقيمته الحقيقه عند الله سبحانه وتعالى عندما يكون إنسان مؤمن.
فهو اثمن حتى من الجوهره .
حل المساء وجلس أمير واريج مع والدها قرب
الموقد لشدة البرد بعد أن تناولوا العشاء وطبعاً
أداء الصلاة.
إلا أن أريج لم تكن قد التزمت بالصلاه بعد ،
فهي مازالت تتهرب بحجة انها تصلي في حجرتها.
وذالك لأنها لا تحفظها بشكل جيد وهي تخجل من قول هذا.
بعدها أحضر أمير الملابس آلتي قاما بغسلها
مع المكواة وقال لاريج:
هل تساعديني في كي الملابس ؟
فقالت له وهي مرتبكه: ولا كني لا أعرف !
فقال لها: لا تخافي أنا سأقوم بتعليمك.
فنظرت إلى والدها ثم نهضت وهي لا تعلم ماذا تفعل مع أمير.
في كل مرة يظهر لها عمل جديد ويجبرها على
القيام به.
ثم أخذ يعلم أريج كيف تقوم بلكي وفعلاً قامت بكي ملابس والدها على أكمل وجه ،
بعدها قاماسويه بكي ملابسها وملابسه إلى أن
انتهيا من ذالك.
ووالدها كان يراقبهما وهو يبتسم سعيد يتأقلم
أريج على هذا الوضع الجديد ،والحياة الجديده والبسيطه .
فما أن انتهيا وإذا بأريج ترمي بنفسها على كرسي كان بجوارها من شدة التعب وهي تقول لقد انتهينا.
فقال أمير: الحمدلله ،وجلس هوه أيضاً.
فقال والدها: احسنتما.
بما أنكما قمتما بعمل جيد ساقص عليكما قصه قصيره وبعدها سأذهب لانام.
فأنا أشعر بالتعب بمجرد ما كنت اراقبكما وانتما تعملان.
قال أمير: لا بأس فأنا أحب الاستماع إلى القصص.
قالت أريج: فلتختصر يا أبي ،انا أشعر بالنعاس.
ثم إني تعبت كثيراً.
آخذ والد اريج يروي لهما القصه إلى أن وصل لنصفها فنظر إلى الاثنان وإذا بهما نائمان من شدة التعب .
فأخذ يبتسم ثم نهض وأحضر اغطيه لهما وقام بتغطية كلان منهما.
بعدها ذهب إلى حجرته لينام ،فلم تمر الا ساعة وإذا بأمير قد استيقظ فوجد أريج نائمه على الكرسي.
فقام بايقاظها وطلب منها أن تذهب لتنام على السرير.
نهضت أريج وذهبت وهي تتأرجح يميناً وشمال وأمير يحمل الأغطية خلفها فسقطت على السرير من شدة التعب وقام أمير بتغطيتها وفرش فراشه على الأرض وستلقى هو الآخر وغط بنوم عميق.
وهكذا انتهى هذا اليوم كباقي الايام ،الا إنه كان يوماً صعباً وجميل بنسبه لاريج وأمير وهذا لأنهما لم يتعودا على عمل هذه الأعمال بعد.
فإن أمير قد تركها منذ وقت الدراسه وها هو يعود إليها من أجل أريج.
مضى الوقت ولم يبقى من الليل الا ساعه نهض فيها أمير كعادته وأخذ يصلي صلاة الليل حتى حان وقت صلاة الفجر فقام بايقاظ
والد اريج ليصلي مثل كل مره.
ثم ذهب ليحاول إيقاظ أريج للصلاة معهما . ولكن دون جدوى فقد قالت له بأنها متعبه وستاخذ غفوه قصيره وبعدها تستيقظ كعادتها
فتركها وذهب وأخبر والدها بما قالته.
فقال: لا أعلم كيف اجعلها تصلي.
فأنا أعلم بأنها لا تصلي .
كانت تصلي في السابق الا انها قامت بتركها منذ مدة طويلة.
وعندما اسألها تقول بأنها تصلي في حجرتها.
وهذا طبعاً بسبب رفقت السوء ،فان صديقاتها
لم يكنن ملتزمات بأمر الصلاة.
واعتقد بأنها قد نسيت كيف تقوم بأداء الصلاة
وهي تخجل أن تقول ذالك.
ولهذا السبب فهي تتهرب.
فقال أمير: عندما تذهب لتجري الاجراءت الطبيه لنفسك كما أخبرتها ،ستشعر بخوف شديد لأجلك.
وستضطر إلى الجوء إلى الله سبحانه وتعالى ليساعدها في نجاتك.
وسأقوم انا بتحفيظها الصلاة من جديد.
وتعليمها أمور دينها.
وقراءة القرآن أيضاً ،ان احببت.
فقال والدها: ستكون معجزه من الله أن حدث ذالك.
فقال أمير: بل إنها هدايه من الله سبحانه وتعالى.
فإن أريج انسانه طيبه ،ويمكن إصلاحها وهدايتها،والظروف التي كانت تعيش فيها جعلتها هكذا.
بعدها قاما بأداء الصلاة والتعقيبات، وتلاوت بعض آيات القرآن الكريم ،مثل كل مره.
ثم جلسا ليكملا حديثهما ،فقال والد اريج لأمير:
مالذي نويت أن تفعله هذا اليوم ؟
اجابه أمير: أنت إذهب لتطمئن على أعمالك ولتعد بعد الظهر.
وأنا واريج سنقوم بتنظيف المنزال.
فقال: هل انتظرها إلى أن تستيقظ ؟
أم اتركها نائمه واذهب ؟
فقال أمير:
أفعل ما تراه مناسب!
فقال: بل اتركها نائمه لكي تستيقظ في المرات القادمه.
فقال أمير: إنها مطمئنه لأنها تضن بأنك هنا في
القرب منها داخل البستان.
فقال: أذان فلنفطر سويه ،ان كان الأمر هكذا
فلا داعي لاذهب مبكراً.
فأنا أشعر بالجوع هذا اليوم.
قال أمير مبتسماً: هوه كذالك ،لنفطر سويه.
جلس أمير ووالد اريج يفطران وهما يتحدثان
بأمور العمل.
فقال له والد اريج:
وماذا بشأن أعمالك ؟
فقال له:
أن صديقي يتولى أدارت كل شيء ،وانا أثق به
وقد قمت باخباره بأمر زواجي وبستطاعتك الذهاب لتطلع على الأمور بنفسك .
فقال: هذا جيد، ولاكن فلتذهب أنت أيضاً من الحين والآخر لتطمئن بنفسك.
فقال أمير: لا بأس ،سافعل ذالك.
بعدها ذهب والد اريج ليطمئن على أعماله وأعمال أمير وهو مرتاح البال بشأن ابنته .
وذالك لأنها مع أمير زوجها ،الذي هوه في غاية
الاخلاق والأدب.
وهو معنى للرجوله الحقيقية ،فهو رجل بما للكلمه من معنى .
استيقظت أريج ولم تجد والدها أيضاً فأحست
بالانزعاج من ذالك ،لانها وجدت أمير بانتظارها
فقالت له:
هل وجودك هنا يعني بأننا سنقوم هذا اليوم بتنظيف المنزال.
وعلى أكمل وجه ،كما تقول ؟
فأجابها بابتسامه:
هوه كذالك ،سنقوم بالتنظيف !
وعلى أكمل وجه كما تقولين.
فقالت له وهي مستاءه: لا يمكن ذالك.
سأعود إلى النوم.
لا أريد حتى أن أفطر.
فامسكها من يدها وقال وهو يبتسم:
سأقوم بتعليمك فن التنظيف هذا اليوم .
فقالت: ولا كني لا اريد ان اتعلمه.
فقال: أن والدك مريض وحالته الصحية والنفسية سيئه للغايه.
وهو يحتاج إلى أن يكون المكان نظيف ومرتب ،وانا لا استطيع القيام بذالك بمفردي .
أنا احتاج أن تساعديني.
فقالت له: أنا موافقه ،ولكن دعني اولا اتناول فطوري.
كوب الحليب ،هذا إذا سمحت لي طبعاً.
فقال: أجل أسمح لك ،هيا فلتذهبي إلى المطبخ ،ولاكن بسرعه.
فانا سأكون بنتظارك ، ولن أقوم بفعل أي شيء
بدونك ،واقصد في ذالك تعليمك طبعاً.
فقالت: أجل أنا أعلم ذالك.
تريد تعليمي لأكون ربت منزال منتازه.
وتتركني أعمل بمفردي وتذهب أنت لتلهو في الخارج على راحتك.
فقال لها وهو يبتسم: لا تقلقي فلن أفعل ذالك.
فقالت له بغضب:
ومن قال لك بأني سابقى زوجتك.
فقال: أنت قلتي ذالك ،فهذا يعني ما قلته.
فقالت: بمجرد أن يتحسن والدي سنقوم بستاجار منزل ،وساعمل بتخصصي .
فأنا مصممت ديكور كما تعلم ،ووالدي مازال شاب ،فهو في سن يسمح له بأن يعمل.
وسنعيش عيشه جيده دون مساعدتك.
فقال بابتسامه:
هذا أمر جيد ،ولكن من سيعمل في المنزال ؟
فقالت: أنا طبعاً ،وهذا بفضلك.
سأكون ربت منزال منتازه ،كما تقول ،ومن الدرجه الاولى.
فقال: هذا جيد أيضاً.
أذان فلتذهبي لتفطري ،لاجعل منك ربت منزال
منتازه كما تقولين.
فذهبت اريج بعد أن كادت تنفجر من شدة الغيض.
وبعد أن فطرت أخذت تنظف المنزال مع
أمير بتوجيه منه حتى وقت الظهيرة.
فقد جعلها تنظف حتى زجاج النوافذ
لا إنه كان يقوم بتنظيف معها فقاما فعلاً
بتنظيف المنزال على أكمل وجه.
فهوت أريج على الأرض من شدة التعب
وهي تقول:
سارقد في الفراش اسبوع كامل ،على ما
فعلته بي هذا اليوم.
فقال أمير وهوينظر إليها بنذهال لما حدث
معها:
حقا انا آسف لم أقصد اتعابك بهذا الشكل.
فقط آرت تنظيف المنزال من أجل صحة
والدك.
وتعليمك كيف يكون التنظيف.
فقالت: من أجل صحة والدي ،وارقدانا في
الفراش.
أنت لم تعلمني.
بل أنت انتقمت مني.
فقال بأسى: أنا لم اعلم بأنك ظعيفه بهذا الشكل ،كنت أضن بأنك قويه .
الم تكوني تمارسي الرياضه ؟
فقالت: معك حق ،فانا هذه الأيام احتاج
إلى أن امارسها.
أن الاعمال آلتي تجعلني أقوم بفعلها تحتاج إلى حامل اثقال.
فقال أمير: أنا آسف حقا ، يبدوا بأنك مجهده
بالفعل.
فقالت بزتهزاء :كلا ،بل إني اتظاهر بذالك.
فقال: هل احملك إلى الحمام لتقومي بالاستحمام وتغيري ملابسك وتذهبي لتستريحي قليلاً.
فإن الحمام سيجعلك تسترخين ،ويذهب
بكل التعب من جسدك.
فقالت له: لا شكراً لك ،ساذهب بمفردي
نهضت وهي تتألم من شدة التعب ، ولا
تكاد أن تسند طولها.
فأخذ أمير يلوم نفسه إلا أنه كان في غايه
السعاده فقد قضى مع اريج وقت ممتع في
العمل ،ولم يشعر بأي تعب وهي معه ،برغم
من إنه عمل أكثر منها بكثير.
ثم ذهب اميرليحضر لاريج ملابس فإنها            حقا بلكاد استطاعت أن تصل إلى الحمام
وقد كانت ملابسها متسخة بلغبار .
فقام بإعطائها الملابس آلتي أحضرها لها وهو يقول:
بالتأكيد لن تعودي لارتداء ملابسك
المتسخه .
اخذتها منه بخجل وهي تقول: شكرا لك
لقد نسيت إحضار ملابس نظيفه.
فقال: أنا أعلم بأنك تعبتي كثيراً.
أنا آسف حقا سامحيني ولا تحقدي علي
فقالت: هذا ما أنت قادر عليه.
أن تطلب السماح بعد أن تهلكني من العمل
ثم قامت بإغلاق الباب في وجهه ،عندها
ذهب أمير وهو يبتسم ولم يكن يشعر الا
بلمحبه لها.

اريج الزهورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن