الفصل الثاني : "لَن تَخرُجــي أبدًا.."

53 9 38
                                    


إنه ذلك اليوم الذِي تغيرت فيه حياتِي بطرِيقةٍ غيرِ مرغوبة. تاريخ تلكَ الليْلةِ قد كانَ : التاسِعِ والعِشرين منْ شَهر شتنبر عام 2018.

تلك الليلة كنت أنا و أختي نتبادلُ أطراف الحَديث، متَغطِّيتين من بُرودَة الطقس الغريبة، في غرفتنَا الصغيرة الدافئة.

فجأةً سمِعتُ صوتًا قرِيباً مني يهمس في أُذنِي قائلاً : "حانَت لحْظتِي معكِ!" جزعت لقربِ الصوت و التفتْت يَمينا يوم شـِمالا بَحثًا عن مصدر الصَّوت. كُنَّا وحـِيدتين في المَكان، إذن ما مصدر الصوْت. سَأَلت آسترِيد إن كانت قَد سمِعت شَيئا مُشابِهاً لِما سمِعته. نَفتِ الأمر و أصَرَّت على كوْني أتَخيل فحسب. لم أُجادِلها و فَضلتُ تجَاهل الأمر.

كنتُ أستعد اخيراً للنَّوم بعد انتهَاء حديثنا الطَّويل، و دون أي سَابقِ إنذَار شُلَّت حركتِي، ضاقت أَنفاسِي و سُلِب بَصرِي.
لا دراية لي عَن ما حدَث في تلكَ الأثناء. لكن آستْريد
قالت انني كنتُ التَفُّ و أَرتجِف بشكلٍ مبالغٍ فيه كما لو كُنتُ أحاولُ ابعاد شَيء ما عَنِّي، كان ذَلك مخيفاً حقا. فوْر توقف تِلك الحالة الغرِيبة، نَهَضت مُباشرة من مكانِي و رَفضتُ مُكوثِيَ في تلكَ الغرفة لِمُدَّة أَطْول. ذلِك التَّوجس الذي رَاودني سيطر عَليَّ تمَاماً. أصرَّت أختِي على أَنّها نَوبة هَلع مُعتَادة فقط. أنا متأكدة أن الأمر أكثر مِن ذلك..

رفضتُ الاقتناع بشكل تام. لكنني على أيِّ حال لا أملكُ مكاناً آخر للذهاب إليه. خلدت آستريد للنوم لكني بقيت أفكر في ما حَدث.. حتى ضرب ذلك الزلزال... اهتز البيت بقوة مخيفة! ظللت أحاول ايقاظ أختي لكن دون جدوى. لذلك قررت حملها بطريقة أو بأخرى بغية حمايتِها في حال سقط السقف أو ما شابه. احتميت تحت مكتبي ساحِبةً إياها معي. كنت مُرتعِبة بشكل لا يوصف فإن وقع السقف على رؤوسنا لن يعلم أحد أننا قد كنا على قيد الحياة يوما.. توقف الزلزال لأُحاول ايقاظ آستريد : "آستريد! آستريد!" استفاقت عندها، و يبدو أنها حتما لم تحس بشيء من خلال كلامها. فقد قالت و هي شبه نائِمة : "توقفي عن إزعاجي لدي امتحان غدا.." كدت أفقد عقلي عندها لأصيح في وجهها لتستفيق تماماً : "آستريد توقفي عن مزاحك هذا لقد مررنا بزلزال للتو شدته متراوحة بين الست و السبع!" صاحَت آستريد فيّ قائلةً : "ما خطبك اليوم؟ ما من زلزال قد ضرب!" أَمسكت هاتفها فاتحة إياه على صفحة الزلازل المحلية رغبة في البَحث على الزلزال الضارب. لكن الصدمة أن اسم منطقتي غير موجود.. نهضت مسرعة للخارج تاركة كل شيء خلفي سوى أختي لِنتفقد الجيران. لكن وقع ما لم يكن في الحسبان.. المنطقة بأكملها مغطاة بالثلوج الغريبة و أقل ما يقال عن الجو وقتها هو أنه بارد كما في القطب الجنوبي، بل و ربما أشد برودة..

صُعقت و كذلك آستريد. أمسكتُ بيدها للبحث عن أي أحد غيرنا.. ألا يفترض أن تكون هذه المنطقة خالية من الثلوج على مدار السنة؟ ما الَّذي يحدث حاليا بحق؟.. و لما المدينة مهجورة هكذا. الكثير من الأسئلة قد جالت رأسي. لكن قُطِع خيط أفكاري بعد سؤال آستريد :" أين اختفى المنزل؟.." التفتُّ يميناً و يساراً باحثة عن الطريق للعودة لكن لا فائدة.. بات الأمر و كأنني دخلتُ متاهة معقدة.. لا شيء حولي سوى بعض المنازل و المحلات التي ما انفكيت عن البحث فيها عن أي شيء قد يساعدنا.

قَفزَةٌحيث تعيش القصص. اكتشف الآن