البداية..

21 2 0
                                    

الصلاة على نبي الرحمة♡
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الأزقة ضيقة ومُظلمة لا يوجد بها شعاعَ ضوءٍ واحدٍ، رائحةً نتنة تتسلل إلى أنفي بضراوة، أشباحُ الظلامِ تُحيطني من كُلِ جانب مشددةً على عنقي بعداء، رائحة الموت تحوم حولي بدلالٍ كمن تُرسل لي إشارةٍ خافتة بأن جُمجمتي في القريب العاجل ستكون محل من طرقت بها قدمي منذُ ثوانٍ، وللعجب رغم كل ما أشعر به؛ لم تهتز برأسي شعرةً واحدةً خوفًا أو ترتعش أطرافي ضعفًا؛ بل مازِلتُ أسيرُ مُرتفعةً الرأس بشموخٍ وقوة غريبةً عليّ، جسدي يألف المكان، وقدمي تقودني بتمرسٍ حيثُ وجهتي بدقة لم أحظى بها في منزلي وبقلب النهار، أشعر أن هذا المكان يعود ليّ، وسكانه عائلتي، شعور مُختل أليس كذلك؟؟
أن تشعر بالأمان بين الظلام والأموات على عكس منزلك؛ لربما عقلي حدث به خلل من خلف السهر كما تقول والدتي، على الأغلب هذا ما حدث بالفعل "وربما لا.."
نطقتها بتعجب ما أن وجدتني أقف بين مجموعة من.. لا أعلم ما هم!  ولكنهم على الأغلب أشباح تقريبًا طويلي القامة كثيرًا على الأغلب يصل طولهم إلى مئتان وخمسون سنتميتر وأكثر، يرتدون جميعًا عباءة سوداء معتمة كما هذا المكان ورأسهم مغطاة بقلنسوة العباءة، عددهم كبير ربما يصل إلى خمسة عشر شخص مُلتفين بدائرة حولي، أي من تشبهني؛ فأنا ما زلت أقف في أحد الأركان أتابع حوراهم دون أن يروني وهذا أمرٌ عجيبٌ أخر يُضاف لسابقيه، قد كانت من تشبهني ترتدي عباءة مشابهة إليهم ولكن ما بعض التغيرات كـ سريان شريط عريض باللون الأبيض كلون خصلاتها يبدأ من الرقبة إلى قدمها، قلنسوة الرداء حمراء دموية كما شعاع عيناها الذي ظهر لِـ وهلة؛ حينما صاحت في أحدهم بغضب مرددةً:
"لا أهتم برأي أيً منهم، أنا هنا لشيءٍ وسأنفذه وأنتم أتباعي، طوع أوامري أنا وفقط لا لأحدٍ غيري، أفهمتم؟"

انحناءة بسيطة فعلها جميعهم تعبيرًا عن تنفيذهم للأوامر؛ لتعدل هي من وضع تاجها الموضوع أعلى خصلاتها بغرورٍ؛ ليظهر خاتمها المميز بيدها اليمنى مُدرجًا ما بين لوني الأحمر والأبيض على هيئة فراشة تقريبًا هذا ما يتضحُ لي، انتبهتُ لِولوج أحدهم للداخل دون رؤيتي أيضًا رغم مروره بجانبي، ولكن لن اتعجب فأنا بحلم على الأكيد، على كُلٍ أقترب منها الشاب صائحًا بغضب، لا أعلم مال الجميع غاضب في مقبرة الموتى هذه؟

"ما الذي تفعلينه بحق السماء؟ ستؤدين بحياتك للهلاك يا حمقاء."

لم يهتزُ لها جِفنًا تلك المرآة قوية بحق؛ لتجيبه بهذا البرود والحدة في نبرة الصوت دون التأثر من غضبه والذي على الأكيد يظهر على وجهه جيدًا ولكني لا آراه:
"أخفض صوتك وتأدب في وجود ملكتك وإلا منعت دخولك."
"وما به إن لم أدخ! هل تمنعيني التمتع برغد قصرك يا هذه؟ تمكثين بمكب نفايات أجارا وبين بقايا ضحاياهم النتنة مثل عقلك الفارغ لا أكثر."

أحسنت يا رجل؛ أجعلها تفيق لحقيقة مملكتها هذه الماكرة "وعلى الأغلب هذه نهايتك يا عزيزي"
رددتها بخفوت ما أن رأيتها تُمسك يديه بغضب شديد ظهر من توهج عيناها بالدموي وتختفي في لحظات دون أن أعلم أين ذهبوا، ومعه رأيت هؤلاء المخيفون وما علمت أن اسمهم قوم أجارا يتوجهون نحوي بغضب لا أعلم سببه، هل رأوني؟
ومعه ركضتُ سريعًا إلى الخارج بفزع لا أعلم أين أنا؟ وكيف اعود؟ وكان أخر ما رأيته عينان رمادية حادة تبتسم لي بحنانٍ غريب وصوتٍ أألفه بشدة كمن ترعرعت على أوتاره مرددًا:
"مرحبًا بعودتك ملكتي.."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتلك لم تكن سوى البداية يا عزيزي والقادم ماهو سوى لعبة أنشأتها الحياة.. ♡

لورانسي «البقاء للحكماء» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن