الحلقة الأولى

3.1K 49 17
                                    


متابعيني الكرام أهلا بيكم في رواية جديدة من رواياتي...
الرواية دي نشرت منها تقريباً اربع فصول و بعدين لغيت نشرها و عدلت فيها و ضيفت عليها شخصيات و أحداث جديدة لأنها كانت متمحورة على شخصيتين بس اللي هما أدهم و ندى و حسيتها مملة شوية
لكن بعد التعديل من وجهة نظري المتواضعة بقت منتهى التشويق و حماسية جدا..
نسيت اقولكم اني غيرت الغلاف و اسم الرواية كمان
أنا عارفة ان عدد متابعين الرواية دي هيكون قليل لأن قراء كتير مش بيحبو الانتظار و بيقرأو الرواية لما تكمل و أنا من ضمن الناس دي
بس ان شاء الله في المجمل هتحبوها جدا
قراءة ممتعة و متنسوش ترشحوها لأصحابكم من محبي الروايات و تقولولي رأيكم فيها
༺༺༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻༻
في مساء إحدى ليالي أغسطس الدافئة، يقف بحلته السوداء الأنيقة التي جعلته أميرا من أمراء حكايا ألف ليلة و ليلة ، و لما لا!..فالمفترض أنه عريس الليلة.

يقف بساحة الانتظار بمطار القاهرة الدولي، ينظر إلى ساعته النفيسة بتأفف كل حين و آخر في انتظار وصول الطائرة القادمة من نيويورك و التي تُقل ضيفة لا يعلم شكلها بعد.
و هناك خارج المطار تنتظر أسرته في سيارة أخرى، و هم والدته و شقيقته و زوجها ليستقبلوا العروس المسكينة.
بعد عدة دقائق أعلن المذيع الداخلي عن هبوط الطائرة القادمة من نيويورك، و حينها انتابته حالة من التوتر، لا يدري كيف سيكون شعوره حين يقابلها، بالأحرى كيف سيعرفها و هو لم يلتقي بها سوى مرة واحدة منذ عشر سنوات حين كانت في الرابعة عشر من عمرها.
و لكن لحظة... لقد أخبره والدها بأنه سوف يرسلها أليه بفستان الزفاف الأبيض.. حتما سيتعرف عليها من خلال هذا الفستان.
اطمئن قليلا حين تذكر ذلك الأمر، فعلى الأقل سيتخطى إحدى المواقف المحرجة التي يتوقع حدوثها لاحقا.
و ما هي إلا لحظات حتى أقبلت عليه و هي ترتدي فستان زفاف بسيط ليس بالمبهرج كما أنه محتشم ذو أكمام واسعة يتناسب مع ذلك الحجاب الرقيق الذي ترتديه و تعلوه طرحة الزفاف المزرقشة من أسفل ذلك التاج الصغير الذي بالكاد يظهر على رأسها.
و خلفها أحد عمال المطار يجر حقائبها الكبيرة.
انتابته الدهشة حين رآها مقبلة عليه مباشرة دون أن تبذل أدنى مجهود في البحث عن هويته و كأنها تعرفه جيدا، و لكنه نحى ذلك الشعور جانبا و رسم ابتسامة يجاملها بها حتى لا يشعرها بأنها عبئ عليه، ولكن لحظة... لما تتلثم بهذه الكمامة السوداء؟!.. فرغم أنها أعطتها مظهرا أنيقا مع تلك الهالة البيضاء التي تحيطها ألا أنه لم يجد تفسيرا لإرتدائها.
أما من ناحيتها، انحبست أنفاسها حين رأته واقفا هناك في انتظارها.. و حمدت الله في نفسها أنها ارتدت تلك الكمامة و التي استعملتها خصيصا لتواري بها خجلها و سعادتها بلقائه في آن واحد... فلا ينبغي له أن يعرف أنها تحبه منذ أمد بعيد حفاظا على كرامتها... لابد له أن يعترف هو أولا بحبه لها و لو بعد حين.
حين وقفت أمامه ألتقت عينيها البنية بلون القهوة بعينيه البنية المائلة للسواد.
في لحظات كانت قد طبعت ملامحه الرجولية الحادة برأسها، ثم أخفضت عينيها للأسفل سريعا و دقات قلبها تعلو و تتسارع... يا إلهي.. لقد أصبح أكثر جاذبية و أكثر وسامة منذ آخر مرة رأته فيها قبل أن تغادر البلاد مع أبيها إلى الولايات المتحدة.
ـــ حمد الله على سلامتك يا دكتورة ندى.
قالها بابتسامته الساحرة و لكن رغم ذلك امتعضت ملامحها حين نعتها بالدكتورة... انها زوجته الآن.. لما يستخدم الألقاب إذن.
أجابته بنبرتها الرقيقة التي تتناسب مع جسدها الضئيل و قالت:
ـــ الله يسلمك يا أدهم بيه.
ـــ اتفضلي من هنا.. ماما في انتظارك برا في العربية.
أومأت بتجهم و سارت خلفه بشيئ من الضيق.. فلم يكن في حسبانها أبدا أن اللقاء سيكون بهذه الطريقة الرسمية للغاية.
لم يبارك زواجهما.. لم يسألها عن أحوالها.. لم يسألها كيف كانت رحلتها... ترى هل هذه طباعه؟!.. أم أنه...
نفضت تلك الفكرة عن رأسها سريعا.. فهي غير مستعدة لفكرة أن زواجه بها مجرد مهمة من مهماته أو حتى خدمة لوالدها.
بمجرد أن رأتها تلك السيدة الوقور تطل عليهم بالفستان الملائكي حتى ترجلت من السيارة على الفور و ابتسامتها الفرحة تشق وجهها الجميل، و حين اقتربت العروس فتحت تيسير ذراعيها على آخرهما و كأنها تدعوها لتلقي بنفسها بينهما، و بالفعل لم تكذب ندا خبرا و ارتمت بتأثر بين ذراعي تلك السيدة الحنونة التي تذكرها بأمها الحبيبة.
ـــ حبيبتي يا ندى... وحشتيني وحشتيني وحشتيني أوي يا حبيبة قلبي... عشر سنين متنزليش مرة تطلي عليا و تخليني أشوفك و اطمن عليكي!.
ابتعدت ندى عن حضنها بشق الأنفس ثم قالت بتأثر شديد:
ـــ و انتي كمان وحشتيني اوي يا طنط تيسير.. حضرتك عارفة الظروف.. يا ريت كان ينفع أنزل و أشوفك.. مكنتش هتأخر أبدا.
ظلت تيسير تربت على كتفها بحنو و تناظرها بنظرات مشتاقة، إلى أن انتبهت إلى تلك الكمامة السوداء، فلم يكن يظهر من وجهها سوى عينيها و جبهتها.
ـــ لابسة كمامة ليه يا حبيبتي؟؟.. انتي تعبانة ولا ايه؟
قامت ندى بنزعها على الفور ثم قالت بإبتسامة واسعة:
ـــ لا أبداً... كنت لابساها تحسبا عشان تغيير الجو.
التمعت عيني تيسير و من خلفها أدهم بإعجاب واضح بملامحها المريحة المتناسقة، فرغم أنها خمرية البشرة، إلا أن ملامحها ملفتة و تقاسيم وجهها متسقة و وجهها مستدير و صغير، فهي تشبه كثيرا الممثلة المعتزلة حنان ترك و هي محجبة في شكلها و طولها و قوام جسدها.
ـــ بسم الله ما شاء الله....كنتي جميلة و بقيتي أجمل لما كبرتي يا ندى...كأن سمية الله يرحمها هي اللي واقفة قدامي دلوقتي.
أخفضت رأسها بحزن و هي تترحم على أمها المتوفاة، و التى ترى حنانها المفقود في تلك السيدة الماثلة أمامها الآن و التي كانت صديقة أمها المقربة.
رفعت رأسها حين أتاها صوت روان شقيقة أدهم و هي تقول لها بود:
ـــ حمد الله على سلامتك يا ندى... نورتي مصر يا حبيبتي.
قامت ندى بإحتضانها بحب بالغ و هي تقول:
ـــ الله يسلمك يا حبيبتي... انتي أكيد ريم.. صح؟!
ابتعدت عنها قليلا و هي تقول ببسمة صافية:
ـــ لا يا حبيبتي.. أنا روان... ريم في شغلها في الصعيد.. كانت نفسها تكون في استقبالك بس للأسف لسة مستلمة شغلها امبارح و مكانش ينفع تاخد أجازة بالسرعة دي... بس هي بعتالك معايا السلام و ف أقرب وقت هتيجي عشان تشوفك و تسلم عليكي.
ـــ الله يسلمك و يسلمها يا حبيبتي.. ربنا يوفقها.
اتسعت ابتسامة روان أكثر و هي تعاينها بإعجاب واضح و تقول:
ـــ بس انتي صغنونة أوي يا ندا...عارفة انتي شبه مين؟!
ـــ مين؟!
ـــ شبه حنان ترك الممثلة... سبحان الله نسخة منها... بس انتي شكلك أصغر و أحلى كمان.
ضحكت ندى، كما ضحك أدهم أيضا و قال:
ـــ فعلا يا روان أنتي لماحة أوي... من ساعة ما شالت الكمامة و أنا عمال أقول حاسس إني شوفتها قبل كدا.
ثم أطلق ضحكة بسيطة، و لكنها نظرت له بألم، فقد أوجعتها تلك الكلمات و ذكرتها بالحقيقة المرة التي لطالما تحاول تجاهلها..
ياللعجب هي زوجته و في نفس الوقت يراها للمرة الأولى.
تدخل محمود زوج روان سريعا ليغير مجرى حديث صديقه القفل كما ينعته دائما ليقول بود:
ـــ حمدالله على سلامتك يا دكتورة ندى..نورتي مصر...أنا محمود زوج روان و أنا و القفل...احم..أقصد أدهم أصدقاء و زمايل في الشغل.
استنبطت أنه ضابط طالما أنه زميل أدهم،فحيته بأدب جم قائلة:
ـــ الله يسلمك يا محمود بيه...مصر منورة بأهلها.
حمحم أدهم ليقول بجدية:
ـــ أنا بقول كفاية سلامات بقى و يلا نروح على البيت عشان ندى أكيد تعبانة من السفر.
نظرت له أمه بحدة و هي تقول باستنكار:
ـــ بيت؟!.. لأ طبعاً.. الليلة ليلة فرحكم و طالما الظروف مسمحتش اننا نعمل فرح، على الأقل نحتفل في مع بعض في مكان راقي يليق بعروستنا الحلوة.
قالت كلمتها الأخيرة و هي تنظر لندى ببسمة محبة.
بينما في تلك الأثناء قام محمود بوكز أدهم في كتفه و هو يقول بصوت مكتوم:
ـــ انت غبي يابني...احنا مش متفقين اننا هنعملها حفلة صغيرة بدل الفرح.
رد عليه بهمس:
ـــ نسيت يا بني ادم..ايه مبتحصلش.
نظر له شرذا و هو يردد:
ـــ صحيح قفل.
نظر أدهم لندى بابتسامة مقتضبة و هو يقول بحرج:
ـــ احنا أصلا حاجزين مركب شيك جدا في النيل.. بس حسيت انك تعبانة من السفر فقولت نأجلها.
ردت روان بدلا عنها:
ـــ لأ مفيش تأجيل.. يلا يلا يا أدهم خود عروستك على عربيتك و احنا هنحصلك على هناك.
قالتها و هي تدفعه نحوها، فقام أدهم بدوره بمسك يدها المتدلية بجانبها برقة متناهية و كأنها يخشى أن تنكسر بين يديه، و لكن الحق أنه لا يريد لمسها، فهو مازال لا يتخيلها زوجته و عليه لمسها.
بينما ندى أصابها الدوار و شعرت بأن الهواء يقل من رئتيها، فمنذ أن ولدتها أمها لم يلمس يدها من جنس الرجال سوى أبيها... و لكن من الذي يلمسها الآن!.. إنه ليس أي رجل.. إنه معشوق روحها.
سارت بجانبه باستسلام تام و قلبها يرفرف بين أضلعه من فرط سعادتها...أخيرا من انتظرت اقتران روحها بروحه منذ سنوات طويلة يسير بجانبها و هي زوجته و حلاله.
و لكن ترى ستستمر فرحتها طويلا؟!... أم لأدهم رأيا آخر؟!!!

مهمة زواجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن