بقلم نهال عبد الواحد
صياحٌ ملأ أرجاء المكان: انتو يا اللي هنا! مفيش دكتورة تيجي تلحقني!
بينما في حجرة أخرى دخلت تنادي زميلتها الجالسة تأكل كيسًا من شرائح البطاطس المقرمشة بينما تعبث في هاتفها باليد الأخرى: قومي اطلعي لطنط اللي برة دي.
فرفعت عينَيها بمللٍ: واشمعنى أنا!
-عارفة يا بُشرى لو أي مريضة تانية كنت طلعت عادي إلا الست دي ما بيعجبهاش حاجة.
رفعت بُشرى حاجبَيها: والله! بتلبّسيني يعني!
-يا بنتي انت بالك طويل وهتتحمّليها إن شاء الله... عارفة إنك واقفة على رجلك طول اليوم بس المريضة دي بالتحديد اشتغلي معاها وأنا هشتغل مع أي حد تاني.
قعصت الكيس الفارغ وقذفت به في سلّة المهملات ونهضت بتثاقل لبدانة جسدها بينما تومئ موافقة على مضض، غسلت يدَيها وتحرّكت للخارج نحو ساحة استقبال المركز الطّبي بينما كانت السّكرتيرة المسؤولة تحاول كسب وقت بالحديث مع تلك المرأة الثّائرة، ابتسمت بُشرى ابتسامة عملية موجّهةً حديثها للسّكرتيرة: خير يا أميرة!
فأحابتها: المريضة كشف يا دكتورة بُشرى، بس دي مش أول مرة تيجي.
فسألتها بُشرى معترضة: مين كان بيتابعها؟ هو أنا هكمّل شغل حد!
فالتفتت المرأة ناظرةً إلى بُشرى من رأسها إلى أخمص قدمَيها مقوّسةً شفتَيها بعدم رضا: إنت بأه الدكتورة بُشرى!
فسألتها بارتياب: في حاجة حضرتك؟
نظرت أميرة بينهما وقالت متدخّلةً: ولا حاجة يا بُشرى، الحاجة صباح متعودة تيجي هنا بس مفيش حد لسه اشتغل معاها المرة دي.
فتابعت الحاجّة صباح معترضةً: وما لاقتيش يا أميرة غير الترلة دي تشتغل في بوئي!
فجحظت بُشرى عينَيها مكرّرةً: ترلة!
فهمّت بتوبيخها لكنّها تراجعت قائلةً وهي تجاهد نفسها ألّا تنفجر فيها بوقاحة: اتفضلي على أوضة الكشف يا فندم أنا في انتظار حضرتك.
وسارت متّجهةً نحو حجرتها دون أن تنتظر ردّها أو حتى تنظر خلفها! بينما تبعتها صباح متمتمة: دي تلاجة فعلًا!
دخلت بُشرى حجرة الكشف متّجهةً نحو الحوض فغسلت يدَيها وعقّمتهما ثمّ ارتدت قفّازَين من النّايلون وتابعت بآخرَين من المطاط الطّبي وأشارت نحو الحاجّة صباح لتجلس على المقعد المخصّص بينما ربطت لها الممرضة رباطَي الكمامة ثمّ وضعت نظّارتها: اتفضي يا طنط.
فصاحت صباح: طنط! طنط لما تنططك!
زفرت بُشرى متوعّدة لزميلتها الّتي ورّطتها بينما تابعت بهدوءٍ مصطنع: اتفضلي يا صبّوحة.
أنت تقرأ
(بُشرى بألوان زيتية)
Любовные романыطبيبة أسنان تجد من حينٍ لآخر صورة مرسومة لها بانفعالاتٍ مختلفة...
