الفصل السادس 🎨

5 2 0
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

- خطوبة إيه اللي رايحينها! مين خطب ولا اتخطبت؟!

قالتها بُشرى وهي خارجة فجأة لتوّها من حجرتها وكانت لا تزال بثوب الصّلاة، كانت تتحدّث وتنظر بينهما بعينَيها المتورّمتَين من أثر البكاء، والّذي أيضًا بدأ في صوتها المتقطّع ببعض الشّهقات، لا تفهم شيئًا لكن تشعر بوجود خطبٍ جلل!

ورغم أنّ بسمة غمزت أمّها حين أدركت عدم معرفة أختها بأي شيء إلّا أنّ الأم لم تأبه لشيءٍ معلِّقةً: ليه ما تعرفيش؟ أمال إيه اللي قالبك؟ وعمّالة تصلّي من ساعة ما جيتِ!

-هو اللي بيصلّي دلوقتي بأه حاجة غريبة!
وبعدين دي حاجة حصلت في الشغل كده عشان أخدت حالات زيادة.

فسألتها لأم بعدم تصديق: حالات زيادة يخلوكِ بالشكل ده! ما انت طول عمرك بتحبي شغلك... إيه اللي جرى؟

فتدخّلت بسمة تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه: خلاص يا ماما قالت لك شغل واتخنقت، وهي حاجة تخنق الصراحة، لا مالهمش حق يدوكِ حالات زيادة، لازم تطلبي أوفر تايم...

قالت الأخيرة بصورة مبالغًا فيها لدرجة أن زاد ارتياب بُشرى أكثر، فأعادت سؤالها: بتلفوا وبتدوروا ليه؟ ما تقولو خطوبة مين؟ مش عايزين تقولولي عشان مش مجهزة حاجة ألبسها ومفشكلة وبلا بلا بلا...
اطمنوا مش عايزة أروح ف حتة، بس عايزة أعرف خطوبة مين... ولّا سر!

قالت الأخيرة وقد سمعت صوت زغاريدٍ قادمة من شقّة خالتها، فنظرت إلى أمّها وأختها المرتبكتَين وإلى باب الشّقّة، ثمّ اتّجهت جارّةً ساقَيها بخطواتٍ متباطئةً مكذّبة ما تسلّل داخلها، فتحت باب الشّقّة، ولحقت بها أمّها وأختها مرتابتَين، سارت بضع خطواتٍ بأنفاسٍ متلاحقةٍ تريد إخماد حريق قلبها وخرس تلك الأصوات الموسوسة لها، طرقت باب شقّة خالتها بيدٍ مرتعشةٍ للغاية، خاصّةً مع وضوح صوت الزّغاريد وأغاني الأفراح والخِطبات...

وقفت بعض الوقت إلى أن فتحت لها خالتها وكانت متّسعة الابتسامة وتشبه أمّها كثيرًا في ملامحها، بمجرد أن رأتها فتحت لها ذراعَيها وضمّتها إليها بحنانٍ وأهدرت: حبيبتي حبيبتي حبيبتي... وحشاني يا روحي!

ثمّ أبعدتها قليلًا ونظرت إليها متسائلةً مع تفقّد حالتها المذرية: مالك يا حبيبتي؟ تعبانة ولا إيه؟ وبعدين لسه ما لبستيش يعني! عمومًا أحكم على عصام ما يتحرّكش غير لما تجهزي يا غالية يا بنت الغالية!

فهمست بُشرى بمرارةٍ: عصام...

قالتها ونظرت أمامها إلى حيث وقف عصام، وكان خارجًا من حجرته مصفّفًا شعره بأناقةٍ لكن لا يزال بملابسه المنزلية وعلى كتفَيه منشفته، وما أن رأى بُشرى أمامه حتى قلب عينَيه بضجرٍ نافخًا بضيقٍ ثمّ عقد ذراعَيه على صدره وتكلّف ابتسامة بغيضة قائلًا: أهلًا بُشرى، يا ريت لو ناوية تيجي معانا تلحقي تجهزي نفسك عشان ما عنديش وقت...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 19 hours ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

(بُشرى بألوان زيتية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن