هل هناك وجود لمصاص الدماء فى عالمنا؟ لا تتسرع فى الإجابة.. وتؤكد أنه ليس إلا خيال اخترعته السينما، فالحقيقة أن مصاص الدماء موجود، لكن هناك اختلافات بينه وبين السينما، فهو وإن كان يشرب الدماء فإنه لا يحصل عليها عن طريق عض الضحايا من رقبتهم لأن هذا ببساطة غير آمن وغير صحى، كما أن مصاص الدماء الحقيقى لا ينام فى تابوت ولا يحرقه ضوء النهار.. كل هذه الأشياء وغيرها من تفاصيل يمكنك التعرف عليها من خلال أول حوار صحفى مع مصاص دماء.
تشرب الدماء لن يدخلك هذا عالم مصاصى الدماء الحقيقى، ففى بداية الأمر لا يوجد عض بهذا العالم لأنه غير آمن وغير صحى، كما أن هناك العديد من الشرايين الحيوية والمهمة فى الجسم، فالرقبة ليست هى البقعة المفضلة، فأنت فى عالم مصاصى الدماء الحقيقى لا تترك ضحيتك خلفك مجرد أشلاء فى زقاق مظلم، كما أن معظمهم لا يملكون حتى الأنياب، فالحقيقة عكس ما صورته لنا سينما هوليود، هذا ما أوضحه كيم وول فى حوار نشرته "الجارديان" مع أحد مصاصى الدماء الحقيقيين ويدعى مريتيكس.
وعوضًا عن ذلك فإن مصاصى الدماء الحاليين يكسبون قوت يومهم بطرق طويلة وصعبة، فعليهم أن يشقوا جزءا من اللحم دون ترك ندبة مستخدمين مشرطا معقما، ورغم أنهم قد يمصون الدم مباشرة من المصدر فإنهم موظفون ومدربون طبيًا ليتمكنوا من تنفيذ هذا الإجراء، بالإضافة إلى أن هناك أوراقا للمناحين أيضًا لا تعتمد على الموافقة الشفوية فقط، لكن يفترض أن تكون هناك شهادات صحية تثبت عدم وجود أمراض تنقل عن طريق الدم، فما زالت التغذية هى أحد الطقوس الحسية والمقدسة.
مريتيكس يرتدى الأسود من أعلى رأسه وحتى قدميه، لكنه لا يرتدى العدسات الملونة أو الأطراف الصناعية وفى الواقع هو حريص على قول إن مصاصى الدماء لطفاء، فمصاصو الدماء الحقيقيون لا يهتمون بموسيقى البوب، والشرب حتى الثمالة، كما أن معظمهم لا يظهر فى الصورة النمطية، بل إن حوالى 35% منهم يمثلون هذا الشكل القوطى، "نوع من فن العمارة الهيكلية فى العصور الوسطى"، ويكمل سخريته حتى من أسلوب الحياة والمعروف باسم موضة مصاصى الدماء.وبغض النظر عن التابوهات الاجتماعية، المعلقة على العادة والتى تعتمد على استخدام الدم البشرى، فدائمًا ما يُنصح مصاصو الدماء بالحذر من أمراض التهاب الكبد والإيدز والطفيليات، وزيادة كميات الحديد فى الجسم، وأغلب مصاصى الدماء يصرون على أن حياتهم كانت أسهل دون شهواتهم لكنها ولدت معهم بطريقة أو بأخرى.
ويعرف مريتيكس جماعة "مصاصى الدماء" الحقيقيين، والتى أنشأت عام 1997 ببلاغة وحماس، مشيرًا إلى أن ما يهددهم: "ليست عبادة، أو دين، أو ممارسة خطيرة أو شذوذ، أو فرع من مجتمع BDSM، أو جماعة مخيبة للآمال من المراهقين، وبالتأكيد لسنا كما هو مبين فى الكتب الخيالية والأفلام والتليفزيون".مريتيكس الذى يعمل تاجر تحف قديمة، ومتزوج، وهو واحد من القليلين للغاية من مصاصى الدماء المعلنين عن هويتهم: "اختبأ عن مرأى الجميع"، ويضيف:"تقريبًا منذ 10 سنوات، عملت مع أكاديميين وعلماء اجتماع وعلماء نفس ومحامين ووكالات تنفيذ القانون وغيرهم على أفضل نهج، وبحثت لفهم الثقافة الفرعية لمصاصى الدماء".
وعن خروج مصاصى الدماء لعالمنا الحقيقى أكد مريتكيس خوفه من التمييز فى المعاملة، مشيرًا إلى أنهم كفئة مجتمعية لا يناضلون من أجل حقوق مدنية مقبلة خصوصًا، كما أننا لسنا فى عصر يحقق العدالة الاجتماعية لأحد طوائف المجتمع".ويرى مريتكيس أن التهديد الحقيقى هو ما تخرجه الدراسات والبحوث، والتى كشفت فى الفترة الأخيرة كمية كبيرة من الأمراض التى يتعرض لها مصاصو الدماء منها: الربو، والتعب المزمن والألم الليفى العضلى واضطرابات نظام الغدد الصماء من عامة السكان".
ويختتم مريتكيس:"فى الوقت الراهن أنا أشعر بأن مصاصى الدماء أكثر أمنًا وهم فى الظل، لكنى أكثر قلقًا حول حياتهم الأسرية، خصوصًا إن ظهروا أخشى أن تنسب لهم وسائل الإعلام جرائم قتل غير موجودة، فلن تتحقق العدالة الاجتماعية حينها ولن تكون هويتى مقبولة، وكل ما نطلبه هو العقل المتفتح والمتسامح والحق فى العيش سرًا بحياتنا".