الفصل الثالث "طلبُ زواج"
#قتل عمدـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالمهرة تعدو متمردةً و تسابق الرياح ، الرمال تُبعثَر أسفل أقدامها و هي تكمل عدوها دون كبح جماح ، لا تأبه بظلام الليل و إن كسته الأتراح ، فهي على يقينٍ أن كل ليلة يتلوها صباح .
عادت "جموح" إلى منزلها محملةً بالهموم بعدما تذكرت والدتها المتوفاة و عادت الذكرى تداهم عقلها الذي بات لا يحتمل ، دلفت غرفتها بخطواتٍ متثاقلة لتجد شقيقها يتبعها إلى الداخل ؛ فسحبت نفسًا عميقًا تهدئ من روعها قبل أن تلتف له بثباتٍ تُحسد عليه و هي تقول باندفاع :
_عايز إيه المرة دي يا "خالد"؟ ، جاي تسألني موافقة عالجوازة الهباب دي ولا لأ؟ ، مش موافقة يا "خالد" و أعلى ما في خيلك اركبه .
تشنجت معالم وجهه بضيقٍ حاول ردعه و هو يقول بصوتٍ خفيض بدى مُسالمًا لكنه حمل التهديد في ثناياه :
_و ماله يا "جُموح" براحتك يا حبيبتي ، بس انسي بقى إني أطلع لك جنيه من جيبي ، ما صدقت تتجوزي عشان تحلي عني شوية ألاقيكِ جاية لي متطلقة ، و دلوقتي عاملة لي فيها بت بجد و بتتشرطي ، مش تحمدي ربنا إن حد عبرك من أصله .
اقتربت منه فتقابلت المُقل في موقفٍ مهيب ، حيث اللوم من جهتها و الجحود من جهته ، توغلت نظراتها المعاتبة داخل حدقتيه الجامدتين و هي تردف بقهر لم ينفك عن نبرتها :
_و أنت ترضاها على رجولتك إن أختك اللي من دمك تتهان من واحد ميسواش؟! ، هو أنا لقيت الهنا معاه و اتنمردت؟ ، ربنا العالم أنا شوفت إيه من إهانة بكل أشكالها ، إهانة في كرامتي و أنوثتي و طعن في شرفي اللي هو شرفك!! ، شتيمة لأمي و أبويا اللي هم أمك و أبوك ، بس أنت هتحس إزاي ما أنت و** زيه .
برزت عروقه بغضبٍ و كز على أسنانه قبل أن يباغتها بالقبض على خصلاتها بكفه لكن على غير المتوقع لم تصرخ أو حتى تئن بل بصقت كلماتها في وجهه كمهرةٍ جامحة لا تقبل طأطأة الرأس :
_ده آخرك يا "خالد" ، آخرك تسترجل عليا أنا ، كنت فين و هو بيهددني قصاد عينك إني لو متنازلتش عن قضية الخُلع هيقتلني؟ ، معملتش راجل عليه ليه و هو داير يسوء سمعتي في المنطقة؟ ، جايز أنا مش قد إني أقف قدامكم بس ربنا ينتقم لي منك و منه ، عمري ما هسامحك يا "خالد" .
جذب خصلاتها و قد تضاعفت قوة قبضته فصرخت رغمًا عنها ، لكن صرختها المدوية لم تمنع وابل السُباب الذي انهال عليها منه أن يصل إلى أذنيها ؛ فانهمرت دموعها قهرًا و كأن ما طاله جسدها منه لم يكن بنفس مقدار ألم تأذي كرامتها من إهاناته المتكررة ، و لم يكن الأمر موجعًا لذاته بقدر ما آلمها أن المتسبب هو شقيقها ، تذكرت حنو "ثائر" الطبيب عليها و أسئلته المتتابعة لمعرفة سبب الكدمات التي غطت جسدها و إصراره على مساعدتها لاسترداد كرامتها المهدورة ، كيف لمن لا يتقرب إليها بأي صلة أن يكون عطوفًا أكثر ممن ربطها به رباط الدم؟
أنت تقرأ
قتل عمد
Короткий рассказجريمة كاملة الأركان مع سبق الإصرار ، جريمةٌ رضى بها القتيل و لم يرضى القاتل ، دموعٌ ذُرِفَت بدلًا عن الدماء و روحٌ تلاشت ليحل محلها أوامرٌ و نواهي لا حصر لها ، قُيودٌ كبّلت لسانه قبل يديه ؛ لتتنحى شخصيته جانبًا تاركةً للجاني حق التصرف ، عاش يُساق إل...